مناجاة
زياد السالمي
قلبٌ وأنت مليكه عثَّارُ
تقتاتُ رجوى نبضُه الأنظارُ
لكأنما ظمأ السحاب، فأسبلت
بغزارةٍ من عينِه الأمطارُ
مذ أدرك الأشياء عاشك عاشقاً
أترى تضيق به الخُطَى والدارُ
خط الفؤاد توسُّـلاً وتيمناً
واستقدمته نحوَك الأعذار
يهذي بحبك بعد صحوةِ لُبِّـهِ
والحالُ أنك وحدَك الأمّار
وإذا ألحَّ على الإجابة سائلٌ
فله من المتعالِ ما يختارُ
هذي ذنوبي للرحيم رفعتُها
يتلو خطايا فعلتي إقرارُ
اصفح بعفوك يا حليمُ، فحيلتي
الذنبُ والتقصيرُ والإخفارُ
وجّهتُ كُـلّ جوارحي مستغفراً
فاغفر ذنوبَ العبد يا غفارُ
وكأنني بالعجزِ عند مصيبتي
عبدٌ هلوعٌ خائفٌ منهارُ
يا فجرَ دأبٍ للعزيمة ترتدي
من ليله قطر الندى الأزهار
يا سرَّ الوجود وجوهرَ التوحيد يا
مَن له في الآملين خيارُ
من لي سواك لأستعينَ بحَـوْلِه
رُدْ الصدى مَن ذا سواك يُجارُ
آنست ضَعفي في دُعائك ينبري
من كُـلِّ عسرٍ ضِعفُه إيسار
طمأنت قلبي وهو يضرم شوقه
جسداً عليه تفصح الأنوار
أمعذبي بالشوق في دنياي هل
أخراي فيها قد يكون النارُ
ميزان عدلك واحدٌ في حُكمِهِ
رَبٌّ رحيمٌ للعباد البار
كفين فاغرتين أرفع مثلما
جودُ الكريم لعبده مدرارُ
وكفى هُنا عشم المحب يقينه
إن الحبيب على المحب يغارُ
متوسداً كرمَ المروم ولم أزل
أشدو وتقرِؤُني الرضا الأقدارُ
يا رَبُّ مُـد بحبل لطفك عزةً
لي لا عليَّ فلا سواك الجارُ
وانزع عن النفس الضلالة واعطنا
أضعافَ ما سيناله الأبرارُ
من علمك المكنون زِدني وأتني
سبباً لأتبعه فلا أحتارُ
يا واحدَ التحقيق حقّق غايتي
واستر عيوبَ الخلقِ يا ستارُ
لي فيك دونَ سواك رَبٌّ مقاصدٌ
ومدارك ومكارم ومزارُ
حزن المُجيد تدل هيئة حاله
عن بذل من بالمحبطين يدارُ
لكن عزمي رغم شدة ليله
سيضيئه عندَ العبور نهار
فإذا المسافة كشرت أنيابَها
وإذا الجياع لربهم أنصارُ
وإذا البلاد يهدُّها ويحدُّها
من كُـلّ ناحية إليك حصارُ
رفع العباد جباهَهم وتوسّلوا
رباً له في الظالمين قرارُ
أدعوك منشرح الخواطر موقِناً
بك يا إلهي تنذوي الأخطارُ
بك حرزنا من كُـلِّ داهيةٍ فلن
نخشى وأنت الخالقُ الجبارُ
يدك العلية فوق أيدي كُـلّ من
بسط العدى.. إقهره يا قهّارُ
وادفع أذى الفانين عنّا دائماً
واسبل بفضلك ما لنا تختارُ