محاضرة السيد عبدالملك بدرالحوثي الـ18 “ليالي القدر”
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصالحين.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ.. السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.
في شهرِ رمضانَ المباركِ وهو شهرُ الرحمة والخير والبركات، وأتاح اللهُ فيه للإنْسَـان فرصةً عظيمةً ومهمةً؛ للتزود بالتقوى ولإصلاح نفسه ولتزكية نفسه، كما فتح له آفاقَ العمل الصالح والمضاعفة عليه بالأجر والحسنات، وفتح له أبوابَ الاستجابة للدُّعَـاء، وهيّأ له من ظروف الإقبال إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى ما لربما ليس في غيره من الشهور.
خصوصيةُ العشر الأواخر وَفضلها وأهميتها
العشرُ الأواخرُ من شهر رمضان المبارك لها أَيْـضاً خصوصيتُها ولها فضلها العظيم، ولها أهميتها، فخلال ما قد مضى من شهر رمضان المبارك يُفترَضُ أن الإنْسَـانَ قد استفاد منه بشكل كبير، من خلال صيامه من خلال قيامه، من خلال إقباله فيه بالدُّعَـاء، من خلال اهتمامه بالقُـرْآن الكريم والإصغاء لهدى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، من خلال الأعمال الصالحة مثل الإحسان، مثل الاهتمام بالمسؤوليات العامة، مثل القيام بالواجبات إلى غير ذلك، الاحتراز عن المعاصي، الاستقامة على طاعة الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، مجموع هذه العوامل يفترض أن تكون قد تركت أثرها الكبير والإيجابي على الإنْسَـان في نفسيته في مشاعره في إقباله إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، وجعلته أقرب إلى أن يتحقّـق في واقعه الاستجابة لله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، {فَليَستَجيبوا لي وَليُؤمِنوا بي لَعَلَّهُم يَرشُدونَ} [البقرة: 186]، أن يكونَ أَكْثَـرَ استجابةً لله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى في واقعه العملي، في طاعته لله، في تجنُّبه للمعاصي، في التفاتته إلى ما كان مقصرا فيه من المسؤوليات أَوْ من الأعمال المهمة والأساسية، بتوبته إلى الله وإقباله إلى الله وإنابته إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، فعندما تأتي العشر الأواخر يكونُ في وجدانه وشعوره يحسُّ بالقرب، أَكْثَـر إحساساً بالقُرب من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، بالخشوع لله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، مشاعر ووجدان يتجه وينشد نحو الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، تصبح فرصةً مهمةً جِـدًّا للدُّعَـاء، إضافة إلى أن الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى هيأ العشر الأواخر هذه من حيث ما فتح فيها من آفاق وما هيأ فيها من ظروف وما ضاعف فيها من الأجر لتكون كذلك مهيأة بشكل أفضل لتمثل فرصة عظيمة وحقيقة، فالشهر بكله فرصة، والعشر الأواخر منه فرصة أعظم وأَكْبَـر وأهم، يتهيأ لها الإنْسَـان، يستعد لها الإنْسَـان، يتأهل نفسياً، تربوياً، إيْمَـانياً، من خلال ما قد مضى من الشهر لها أَكْثَـر، ثم يستثمرها، لو أن الإنْسَـان فكر على نحو مختلف أن يهمل في شهر رمضان بكله ما عدا العشر الأواخر، أَوْ ما عدا الليالي المحتملة فيها ليلة القدر قد لا يُوفق، لا يُوفق أصلًا.
ما يجب علينا في العشر الأواخر
فنحن في العشر الأواخر يفترض أن نركز فيها بشكل كبير على التوجه بالدُّعَـاء نحو الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، بالالتجاء إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، وأن نركِّــزَ على المسائل المهمة، وأن نحرصَ على أن نكون قد ضبطنا واقعنا النفسي على أساس من التقوى، واقعنا العملي على أساس من تقوى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، والإنْسَـان بحاجة كُـلّ ذلك إلى الله، مطلوب من الإنْسَـان التوجه إلى الله، اتخاذ القرار بمصداقية وعزم على الاستقامة والتقوى، الإصغاء لهدى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى والاستجابة والله هو يتدخل، بالالتجاء إليه بالدُّعَـاء، بالاستعانة، هو القائل في كتابه الكريم: {وَالَّذينَ اهتَدَوا زادَهُم هُدًى وَآتاهُم تَقواهُم} [محمد: 17]، وهذه عبارة مهمة للغاية، {وَآتاهُم تَقواهُم}، الإنْسَـان بحاجة إلى أن يعطيه الله هذه المنعة، هذه السيطرة النفسية على المشاعر على الميول، على الرغبات على الشهوات، القدرة على هذا الانضباط وهذا التماسك، العزم وقُـوَّة الإرَادَة التي تجعل الإنْسَـان يتماسك عند الإغراءات عند الميول، أَوْ عند الانفعالات، عند الغضب، أَوْ عند المخاوف عند القلق، في كُـلّ الأحوال والمشاعر النفسية التي تؤثر على الإنْسَـان في أعماله، في مواقفه، في قراراته، في خياراته، في اتجاهاته في هذه الحياة، هذا شيءٌ مهم.
في العشر الأواخر أَيْـضاً هناك ليلةٌ عظيمةٌ ومهمة اسمها ليلة القدر، ليلة القدر تحدث عنها القُـرْآن الكريم بصفتها ليلة مهمة واستثنائية، وعندما نأتي إلى النصوص القُـرْآنية لنتعرف من خلالها على ليلة القدر وأهميّة ليلة القدر، وماذا تعنيه، الله ذكر هذه الليلة في سورة مخصّصة لها في سياق الحديث عن عظمة القُـرْآن الكريم وعن صلته بالتدبير الإلهي، وعن كونه مرتبطاً بألوهية الله وملكه وعظمته وحكمته ورحمته وتدبيره لشؤون عباده، سميت السورة بسورة القدر، وتحدثت في آياتها عن هذه الليلة، {إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةِ القَدرِ} [القدر: 1]، وتحدث عنها أَيْـضاً في سورة الدخان وكذلك الحديث هناك مرتبط بنزول القُـرْآن فيها، والآية في سورة الدخان قال الله تعالى: {إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةٍ مُبارَكَةٍ ۚ إِنّا كُنّا مُنذِرينَ (3) فيها يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكيمٍ (4)} [الدخان: 3-4]، فالله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى تحدث في كتابه المبارك عن ليلة القدر أنها ليلة نزول القُـرْآن، ثم هو جل شأنه قال في سورة البقرة في القُـرْآن الكريم، عن القُـرْآن الكريم، {شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدىٰ وَالفُرقانِ} [البقرة: 185]، ففي سورة البقرة بين لنا الشهر الذي أنزل فيه القُـرْآن أنه شهر رمضان المبارك، أنه شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القُـرْآن، والليلة بالتحديد التي أنزل فيها القُـرْآن هي ليلة القدر، فإذن ليلة القدر بلا شك ولا امتراء هي في شهر رمضان، ما هناك أي شهر آخر هي فيه، وهي ليلة تستمر حتى مطلع الفجر كما هو موضح في السورة التي سنتلوها ونتحدث على ضوئها إن شاء الله.
تدبيرُ الله المستمر للكون
ليلة القدر لماذا سميت بليلة القدر، يقول المفسرون أنها بمعنى ليلة تقدير الأمور وقضائها، وكما في سورة الدخان، {فيها يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكيمٍ} [الدخان: 4]، يعني يفصل كُـلّ أمر حكيم، بمقتضى حكمة الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى وعلى ضوء تدبيره الحكيم، الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى هو المدبر لشؤون السماوات والأرض ولشؤون البشرية بكلها، هو ملك السماوات والأرض ومالك السماوات والأرض، ورب السماوات والأرض، وهو أَيْـضاً رب الناس وملكهم وإلههم، وهو ليس بمعزل عن واقع هذه الحياة، إنما فقط مَثَـلاً لاحظ الجانب التكويني فخلق الكائنات والمخلوقات وأعطاها خصائصها وأعطاها ما فيها من مميزاتها وعناصرها ومؤثراتها وو إلى آخره، ثم انعزل عن هذا العالم يتفرج عليه، ويصبح هذا العالم إما يسير تماتيك وبس، ما عد به تدخل إلهي نهائيًّا، أَوْ إنه ترك هذا العالم يتفاعَلُ طبقاً لتلك التصاميم والتدابير التي قد بناها عليه وانتهى الموضوع وترك وضع البشر، لا، اللهُ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى هو الملكُ المدبّرُ لشؤون السماوات والأرض والحي القيوم، والحي القيوم، من أسمائه الحسنى القيوم، ويتحدث عن نفسه في كتابه الكريم أنه المدبر لشؤون السماوات والأرض، وأنه الملك، ولذلك نجد في القُـرْآن الكريم آيات كثيرة، يقول الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ استَوىٰ عَلَى العَرشِ ۖ يُدَبِّرُ الأَمرَ} [يونس: 3]، ثم استوى على العرش تعني استيلاءه وسلطانه وملكه، فهو جل شأنه بعد خلق السماوات والأرض لم يترك هذه السماوات والأرض إنما قام بتدبير أمرها، أمر السماوات والأرض، وإدارة شؤون السماوات والأرض بشكل مستمر وفق تنظيمه وتدبيره، {يُدَبِّرُ الأَمرَ} [يونس: 3]، يدبر أمر السماوات والأرض، وشؤون السماوات والأرض ويتدخل في ذلك، هو القائل أيضاً: {اللَّهُ الَّذي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها ۖ ثُمَّ استَوىٰ عَلَى العَرشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمسَ وَالقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجري لِأَجَلٍ مُسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الأَمرَ يُفَصِّلُ الآياتِ لَعَلَّكُم بِلِقاءِ رَبِّكُم توقِنونَ} [الرعد: 13]، يقول في آية أُخْـرَى: {يُدَبِّرُ الأَمرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الأَرضِ ثُمَّ يَعرُجُ إِلَيهِ في يَومٍ كانَ مِقدارُهُ أَلفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ} [السجدة: 5]، فهو المدبر لشؤون السماوات والأرض، وواقع السماوات والأرض هو واقع حركي وحيوي وتفاعلي ليس واقعاً راكداً ولا جامداً، وواقعاً متحَـرّكاً بشكل كبير، الكون بكله في حالة حركة مستمرة، {كُلٌّ يَجري إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى} [لقمان: 29]، وعملية منظمة بتدبير حكيم ودقيق جِـدًّا، والحالة التفاعلية في العالم والكون وفي الأرض حالة تفاعلية مستمرة، وحالة ليست راكـدة أَبْـداً، نجد في واقع الأرض مَثَـلاً، الواقع التكويني، كم من متغيرات في اليوم والليلة، متغيرات في شأن البيئة، في شأن الواقع الحياتي، في شأن المخلوقات، في واقعها، في كُـلّ شؤونها، والحديث عن هذا الجانب يطول جِـدًّا ولسنا بصدد التوسع في ذلك.
توقيتُ نزول القرآن يدُلُّ على عظمته وقدسيته
هناك جوانبُ أُخْـرَى تتصل بالبشر والإنْسَـان دوره أساس في هذا الوجود، في هذا العالم، سخّر له ما فيه السماوات وما في الأرض، وعليه مسؤولية كبيرة ومهمة، وهذا الدور الذي أتيح له وحمل إياه، كخليفة لله في أرضه دور لا ينفصل عن تدبير الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى وعن تدخله وعن إدارته لشؤون الناس، فهو ملكهُم وإلهُهم وربُّهم والقيوم، القائم على كُـلّ نفس بما كسبت، والقائم بتدبير شؤون عباده على الدوام لا يغفل لحظة، وبعلمه المحيط بكل شيء، وهو أَيْـضاً الخبير، العالم بخبر كُـلّ شيء، وهو جل شأنه الحكيم الذي يقضي في أمور عباده بمقتضى الحكمة والعزيز الذي يقضي أَيْـضاً بمقتضى العزة، والرحيم الذي يقضي ويدبر بمقتضى أَيْـضاً رحمته، فالله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى مدبر لشؤون السماوات والأرض، وضمن نظام تدبير شؤون البشر، ضمن حكمته، وطريقته وسنته في إدارة شؤون البشر هناك ليلة في العام، هي ليلة القدر وسميت باسمها هذا ليلة القدر للتعبير عن ماهية هذه الليلة وما هو شأنها ما يقضى فيها وما يدبر فيها فهي ليلة تتصل بالتدبير الإلهي في واقع البشر في واقع الأرض، وما يقضى للناس فيها وما يدبر في شأنهم وما يكتب، والله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى قد علم مسبقا وقد رتب أمور هذا الكون مسبقاً منذ خلقه لهذا الكون ولكن هناك أشياءُ كثيرة تتصل بواقع حياة البشر واقع حياة البشر الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى قال في آية أُخْـرَى {يَمحُو اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتابِ} [الرعد: 13] والتدبير لواقع البشر ترتبط به أمور متعددة في حكمة الله وتدبيره ورحمته وفي واقعهم المتجدّد في الواقع البشري الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى عندما أنزل كتابه الكريم في ليلة القدر كان لهذا دلالتين مهمتين جداً: الدلالة الأولى: عظم هذا القُـرْآن وعظّم شأنَه واختير لنزوله أعظم وأشرف وأقدس ليلة أقدس وقت في الزمن، وهذا يدل على عظم القُـرْآن وعلى علوِّ شأنه على عظمته وقدسيته.
ثانياً: اتصال القُـرْآن الكريم بالتدبير الإلهي؛ لأنَّ محتوى هذا القُـرْآن محتواه يتصل بالتدبير الإلهي فالله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى ضبط واقع عباده فيما يكتب لهم وفيما يكتب عليهم في أشياء كثيرة جِـدًّا من شؤون حياتهم بمدى علاقتهم بالهدى مدى تجاوبهم مع هذا الهدى مدى ارتباطهم بهذا الهدى مدى موقفهم من هذا الهدى، الإنْسَـان بأعماله وتصرفاته وتحَـرّكاته في هذه الحياة نتائج محتومة على أعماله إِذَا كانت في جانب الخير لها نتائج وإذا كانت في جانب الشر لها نتائج ويكتب على ضوء ذلك للإنْسَـان أَوْ عليه وحسب اتجاهه في هذه الحياة والقُـرْآن الكريم أكّـد هذه الحقيقة منذ قوله تعالى {وَكُلَّ إِنسانٍ أَلزَمناهُ طائِرَهُ في عُنُقِهِ} [الإسراء: 13] خلاص لازم له مصيره ما يكتب له أَوْ يكتب عليه يترتبُ على مساره على قراره على اتجاهه على أفعاله، على تصرفاته في هذه الحياة، الله يعامل هذا الإنْسَـان بناءً على ذلك سواء كفرد أَوْ كمجتمع الإنْسَـان شخصياً في واقعه الشخصي في مساره الشخصي في تصرفاته الشخصية أَوْ كمجتمع في توجهه كمجتمع حين يربطه كمجتمع من مواقف مشتركه من اتجاهات من تصرفات من واقع مترابط.
اعتباراتٌ تترتب على أهميّة القُـرْآن، والهدى
وهذه مسألة مهمة جِـدًّا ندرك هنا مدى أهميّة القُـرْآن، أهميّة الهدى، أهميّة العلاقة لهذا الهدى وما يترتب عليها في واقع الحياة في الدنيا وما يترتب عليها أَيْـضاً في الآخرة، ما يترتب عليها في الآخرة، فإذًا نلحظ عدة اعتبارات:
الاعتبار الأول: أن نمتلكَ الإيْمَـانَ واليقينَ بأن المدبرَ لشؤون حياتنا ولشؤون الحياة من حولنا هو الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى هو الذي خلق والذي يُحيي ويميت هو الذي يرزق هو الذي يعز هو الذي يذل هو الذي ينصر هو الذي يقدر شؤون العباد وحياتك مرتبطة بالله فيما يكتب لك أَوْ عليك، هذا يُفترض أن يشدك نحو الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى باعتبار كُـلّ أمورك بيده حياتك بيده موتك بيده رزقك بيده أجلك بيده، العز الذل كُـلّ ما يُكتب لك أَوْ يدبر لك هو بيده هو المدبر لأمرك، هذا يفترض أن يشدك إليه، أن يشدك إليه هو الذي إن مسَّك بضرٍ فلا كاشف له إلا هو، هو الذي إن يردك بخيرٍ فلا راد لفضله، لا أحد يستطيع أن يمنع عنك هذا الخير حتى لو اجتمع الأنس والجن على أن يمنعوه عنك لا يستطيعون أبداً، هذه نقطة مهمة في جانب الإيْمَـان والتقوى والعلاقة بالله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى والارتباط بالله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، إيْمَـاننا بأن المؤثر والمدبر والمقدر والمسيطر والقاهر والمهيمن هو الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى وأنه هو الذي يملك أن يتدخل في شؤون عباده وأن يغيّر وأن يقدّر ما يشاء ويريد ما يشاء ويريد، وبقدرته وبقهره وبهيمنته وبنفوذ أمره وإرادته هذا يشدنا نحو الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى.
كثيرٌ من الناس ما الذي يصرفهم عن الله؟! ما الذي يشدهم نحو الطاغوت ؟ هو الوهم، الوهم، هو السير وراء السراب والخيال والوهم والغرور هي الوعود الشيطانية والأمانيّ الشيطانية، يظن أن بإمكانه أن يعتز مثلاً يطلب العزة فيسير ورائهم وراء الطاغوت لينال العزة والعزة لله جميعاً، العزة لله جميعاً بل لله العزة جميعاً، يطلب الرزق مثلاً يطلب الخير، يريد لنفسه الخير فيخطئ ويتوهم ويغلط ويسير في اتجاه آخر وراء الشر، يسعى لمكاسبَ معينةٍ لاهتمامات معينة، الإنْسَـان كما قلنا دائماً مهووس بالربح والخسارة بهذا الهاجس هاجس الربح والخسارة يخاف ويخشى الخسران ويسعى لنفسه يريد الخير {لِحُبِّ الخَيرِ لَشَديدٌ} [العاديات: 1]، فالإنْسَـان يسعى ويغلط ويهن فإذا كان لدى الإنْسَـان هذا الوعي هذا الإيْمَـان هذا اليقين أن كُـلّ الأمور بيد الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى هو المدبر وهو المقدر وأن الذي سيتدخل في شؤون حياتك فيما يكتب لك أَوْ يكتب عليك هو الله المقدر والمدبر والذي يحكم ولا معقّب لحكمه.
هذه نقطة مهمة جداً، ثم إن الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى هو ربنا وملكنا وإلهنا وإله السماوات والأرض العظيم الرحيم الحكيم القوي العزيز إلى آخر أسمائه الحسنى، ومن خلال تلك الأسماء الحسنى تتضح لنا ومن خلال النصوص القُـرْآنية طريقة الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى وسنته في التدبير لعباده، تدبير عباده هو من مقتضى رحمته عزته حكمته إلى آخر أسمائه الحسنى إلى آخر أسمائه الحسنى، وهو جل شأنه قد رسم السنن في هذه الحياة التي بنى عليها تدبيره لهذا الإنْسَـان بشكلٍ عام، مثلاً في مقابل الخير الخير في مقابل الشر العقاب في مقابل كذا النتائج كذا في مقابل كذا يترتب على ذلك وهكذا.
فعلى هذا المستوى نعي وندرك أن اللهَ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى يكتُبُ للناس أَوْ يكتب عليهم كمجتمع، أَوْ للإنْسَـان كشخص على ضوء اتجاهه وعمله وسعيه في هذه الحياة، ما يسوء بما يسوء بالسوء من العمل بالسوء من الفعل بالسوء من القول {وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم} [الشورى: 30] بأيديكم لتصرفاتكم لأعمالكم الأثر، كذلك العلاقة بالقُـرْآن الكريم بالهدى بالتعليمات الإلهية تعليمات إلهية تحقّـق لنا الوقاية الوقاية من عذاب الله الوقاية من الشرور الوقاية من كُـلّ ما فُطرت النفس البشرية على التوقي منه، الخزي الهوان الـ إلى آخره.. الشقاء كُـلّ ما فطرت النفس البشرية على الوقاية منه يتحقّـق هذا بالإتباع لتعليمات الله والالتزام بتوجيهاته.
طبعاً لا يعني ذلك أن لا يعاني الإنْسَـان في هذه الحياة، الإنْسَـانُ يعاني في هذه الحياة، هذه الحياة ميدانُ مسؤولية ميدان اختبار، ولكن تختلفُ المعاناة، أولاً طبيعة هذه المعاناة هل هي معاناة وأنت في عمل الخير أَوْ هي معاناة وأنت في عمل الشر؛ لأنَّ الإنْسَـان سيعاني حتماً لا بـُـدَّ من أن يعاني واقع الحياة هو كذلك فيه معاناة إِذَا كانت معاناة وأنت في جانب الخير فهي معاناة مكتوبة محسوبة إيجابياً لها آثارها الإيجابية على نفسك على واقعك فيما يكتب لك مكتوبة حتى النصب والتعب والمخمصة يعني الجوع الظمأ التعب كُـلّ مجهود محسوب ومكتوب، إما يخفف الله عنك سيئات إما يسقط به عنك وزراً إما يحقّـق لك به نتائج، فهي مثمرة لها إيجابية لها قيمة لها أثر وناتج إيجابي في واقع الحياة ويدخل معها التيسير من الله أمامك فرصة للعودة إلى الله للالتجاء إلى الله أن يُيسر أن يدفع عنك الكثير أن يدفع عنك الكثير ما هو أَكْثَـر مشقة على النفس ما هو أَكْثَـر تعباً على النفس ما هو أَكْثَـر خطراً ما هو أعظم شراً، ما هو أسوأ عاقبة، أما المعاناة في جانب الشر فهي جزء من النتيجة السلبية وهي حالة سلبية غير مثمرة لها ثمرة واحدة إِذَا تذكر الإنْسَـان ورجع فقط، وإلا فتصبح حالة سيئة جداً وتتفاقم ولها آثارها السيئة ثم ما ورائها في الآخرة هو أفظع وأنكى وأَكْبَـر.
فإذاً الإنْسَـانُ إِذَا فهم إِذَا استوعب أن اتجاهه في هذه الحياة وفق توجيهات الله وتعليمات الله وتمسكه بهدى الله فيه السلامة له من الضلال من الضياع في هذه الحياة، ومن الانحراف عن نهج الله في هذه الحياة والسلامة من الشقاء حتى على المستوى النفسي يحس بأنه في طريق عز في طريق خير في طريق شرف في طريق سمو للنفس والكرامة يحس بقيمة وجوده بمعنى وجودة بأهميّة وجودة بثمرة وجوده، يمتلك طموحاتٍ كبيرة، آماله عند الله رجاؤه عند الله في مغفرة الله في رضوانه في الوصول إلى مستقر رحمته إلى الجنة، بالسلامة من العذاب وهنا في الدنيا مشدود دائماً ومتطلع نحو الله يرجو الله، يرجو نصرَه، يرجو عونَه، يحسُّ بقيمة هذا الوجود بقيمة هذه الأعمال بقيمة هذه المسؤوليات بأهميّة ما هو فيه وما يترتب عليه في الدنيا والآخرة.
أَوْ أن يعيشَ حالةَ الضياع والإحساس بالضياع إِذَا أتجه اتجاه آخر بعيداً عن هدي الله بعيداً عن نهج الله بعيداً عن تعليمات الله، فيضيع في هذه الحياة ويعيش حالة الضياع حالة التيه، أعمال كبيرة جهود كبيرة معاناة كبيرة ثم في النهاية الخسران المبين يخسر الدنيا والآخرة ومصيره جهنم في الآخرة.
أهمّ المسائل التي يركز الإنْسَـان عليها في آخر شهر رمضان
والإنْسَـان في حساباته وهو يلتفتُ إلى واقع نفسه وما يهمه تجاه نفسه يُفترض في حساباتنا كمسلمين نؤمن بالله ونؤمن باليوم الآخر نؤمن بعقاب الله ووعد الله ووعيده أن يشدنا ذلك نحو الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى وأن يجعل عندنا اهتمامات وأولويات في هذه الحياة وأن يُلفت نظرنا إلى التحديات والأخطار الكبيرة، فمن المهم مثلاً أن يكون الإنْسَـان حريصاً على النجاة من عذاب الله كمسلم هذا شيء طبيعي ثقافتك منهجك الذي تعود إليه كتاب الله القُـرْآن الذي هو كتاب هداية لك يثقفك بهذا يربيك على هذا يرسخ عندك الاهتمام بهذه المسألة العتق من النار وأن يكون من أهمّ أولوياتك فيما تطلبه من الله لنفسك وأنت الحريص عليها الحريص على ما فيه الخير لها الحريص على سعادتها الحريص على أنت تفوز أن تفلح ألا تخرج من هذه الحياة بالخسارة والضياع ثم يكون مصيرك إلى جهنم والعياذ بالله من أهمّ الطلبات وأهم ما نسأله من الله وأهم ما نرجوه من الله أن يقدِّرَه لنا أن يكتبَه لنا هو النجاة من عذابه العتق من النار وهذا كان من أهمّ الأولويات لدى المؤمنين لدى عباد الله وأوليائه من الصالحين، تحدث القُـرْآنُ الكريمُ عنهم أنه من أهمّ اهتماماتهم في دعائهم فيما يطلبوه من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى {رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ} [البقرة: 201] {رَبَّنَا اصرِف عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذابَها كانَ غَرامًا (65) إِنَّها ساءَت مُستَقَرًّا وَمُقامًا (66)} [الفرقان: 65-66] في آخر شهر رمضان، ورد في الأثر وآخره إجابة وعتق من النار، في ضمن الأولويات والاهتمامات الكبيرة والقُـرْآن يربيك أن تكون إنْسَـاناً لديه وعيٌ لديه فهم لديه اتجاه صحيح في تحديد أولوياته واهتماماته في جانب الأخطار وفي جانب الخير لنفسه في جانب الخير وفي جانب الشر أولوياتك في جانب الخير ألتي تأمل الحصول عليها والوصول إليها وأن تتحقّـق لك في حياتك في الدنيا وفي مستقبلك في الآخرة، ثم المخاطر من جانب الشر التي تحرص على الوقاية منها والسلامة منها وألا تقع فيها تنشد إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى بالدُّعَـاء ليَمُنَّ عليك بفضله وكرمه وبالتوفيق في الواقع العملي لما ينجيك من ذلك ويقيك من ذلك.
هذه واحدة من أهمّ المسائل التي يفترض أن يركز الإنْسَـان عليها في آخر شهر رمضان أن ينجيه الله من النار من عقابه من سخطه من مقته من عذابه وأن يعتق رقبته من النار ومن كُـلّ ما يسبب للوصول إليها من الأعمال والأقوال والتصرفات والمواقف أن ينجيه الله من ذلك ويركز على الاهتداء بالقُـرْآن؛ لأنَّ الله رسم وبين ووضح ما يسبب للدخول في النار والأعمال التي هي سبب للوصول إلى الجنة حديث القُـرْآن يتركز على هذا في أمره وفي نهيه، ثم على المستوى الشخصي الإنْسَـان له متطلباته في هذه الحياة يطلب من الله التوفيق لما فيه مرضات الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى لما فيه الخير؛ لأنَّ الإنْسَـان إِذَا حظي بالتوفيق الإلهي للسير على نهج الله والتمسك بهدى الله والطاعة لله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى فكل الخير يترتب على هذا كُـلّ الوعود الإلهية، استقامتنا العملية طاعتنا لله اهتدائنا بهديه التزامنا بنهجه يترتب عليه كُـلّ تلك الوعود التي وعد بها الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى رضوانه الخير السعادة الفوز الفلاح النصر الكرامة العزة السلامة النجاة الجنة المغفرة كُـلّ تلك الرغبات والمتطلبات العظيمة والمهمة هي تترتب على ذلك فالإنْسَـان يأمل من الله المغفرة يطلب من الله المغفرة على ذنوبه على أخطائه على تجاوزاته على غفلته ويحرص بشدة على طلب المغفرة والنجاة من العذاب والفوز بالجنة ويطلب من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى التوفيق لمرضاته وطاعته والاهتداء بهديه والتمسك بمنهجه هذا من أهمّ الطلبات التي يحرص عليها الإنْسَـان ويطلب من الله هناك للإنْسَـان هموم في هذه الحياة مشاكل معاناة يطلب من الله ما يتعلق برزقه ما يتعلق وطلباته الملحة وَيربط أموره كلها بحكمة الله بتدبيره؛ لأنَّ الله هو الأعلم لما هو المصلحة لك لما هو الخير لك لما هو الأنفع لك لما هو الأفضل لك الإنْسَـان يدعوا بالشر دعاءه بالخير يطلب شيءً فيه شر له والله يعلم وأنتم لا تعلمون علم الإنْسَـان محدود فهمه محدود يحتاج إلى مساعدة الله ورعاية الله ومعونة الله في كُـلّ شيء.
فالاتجاهُ بناءً على هذا في سؤول الإنْسَـان وطلباته في أمور حياته في شئونه في همومه في مشاكله في قضاياه في أسراره فيما بينه وبين الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى إلى غير ذلك، على مستوى واقع الأُمَّـة يفترض أن الإنْسَـان عنده اهتمامات يطلب من الله يتضرع إلى الله بالنصر لعباده المستضعفين والفرج لهم والهداية لهم والتوفيق لهم والعون لهم واليسر لهم إلى آخره، وأن يدفع عنهم شر الأشرار وأن يبطل كيد الأعداء إلى آخره، ويكون الإنْسَـان متجهاً في ذلك كله بناءً على التوجه العملي والاستجابة؛ لأنَّ اللهَ قال {وَإِذا سَأَلَكَ عِبادي عَنّي فَإِنّي قَريبٌ ۖ أُجيبُ دَعوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ ۖ فَليَستَجيبوا لي وَليُؤمِنوا بي لَعَلَّهُم يَرشُدونَ} [البقرة: 186] يكون الإنْسَـان عازماً مصمماً متخذا قراره بالاستجابة لله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى والإيْمَـان به ويحرص الإنْسَـان على استثمار العشر الأواخر بكلها أَيْـضاً من الجوانب المهمة فيما يتعلق بليلة القدر وهي ليلة تقدير الأمور وقضائها وليلة تتصل بالتدبير الإلهي، الإنْسَـان يعرف أن هذه الليلة أَيْـضاً ليلة مباركة ومضاعف فيها الأجر على العمل وفيها بركة كبيرة جداً فيما يتعلق بالأجر والثواب ومضاعفُ فيها الأجر على العمل وفيها بركة كبيرة جداً فيما يتعلق بالأجر والثواب ومضاعفة العمل إلى آلاف إلى عشرات الآلاف في الأضعاف في أضعاف العمل ولهذا يقول الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى: بسم الله الرحمن الرحيم {إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةِ القَدرِ} [القدر: 1] يعني القُـرْآن الكريم الله ذو الشأن والعظمة أنزل كتابه هذا في ليلة القدر كجزء أساسي متصلُ بتقديره وتدبيره وما يترتب على ذلك {وَما أَدراكَ ما لَيلَةُ القَدرِ} [القدر: 2] ليلة عظيمة الشأن كبيرة الأهميّة لها فضلها لها أهميتها لها عظمتها لها شأنها الكبير هذا تعظيم لها عبارة تعظيم {وَما أَدراكَ ما لَيلَةُ القَدرِ (2) لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ (3)} [القدر: 2-3] أفضل من ألف شهر ولذلك يقولون أن الأعمال تضاعف فيها وما عمله الإنْسَـان فيها يضاعف بعشرات الآلاف من الأضعاف ما يعادل ألف شهر وأَكْثَـر من ألف شهر وإحياء هذه الليلة في العبادة والطاعة كأن الإنْسَـان أحيا أَكْثَـر من ألف شهر تطلع عشرات الآلاف من الليالي، لها أهميّة كبيرة جداً من الغبن ومن الخُسران أن تفوتَ الإنْسَـان ليلةٌ فيها فرصة كبيرة جداً لمضاعفة الأجر والثواب والعمل الصالح خسارة رهيبة جداً جداً يفترض أن يركز الإنْسَـان هذه غنيمة هذه رحمة عظيمة من الله هذه كرامة من كرم الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى أن يفتح لعباده مجال يحصلون من خلاله على هذا الفضل وهذا الأجر {تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرّوحُ فيها بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتّىٰ مَطلَعِ الفَجرِ (5)} [القدر: 4-5] فيها السلامة من نزولِ العذاب الإلهي على البشرية إلى حين طلوع الفجر فهي ليلة عظيمة في تدبير الله وفي شأن عباده وليلة مهمة جداً، طبعاً تختلف الروايات في مظان هذه الليلة في إطار العشر الأواخر وما قبل العشر الأواخر من الليلة التاسعة العشر التي قد انقضت ولكن من المهم أن يعي الإنْسَـان جيداً أن الطريقة الصحيحة هي الاهتمام بالعشر الأواخر بكلها وليس فقط ليلة الحادي والعشرين أَوْ ليلة الثالث والعشرين أَوْ ليلة السابع والعشرين أَوْ ليلة التاسع والعشرين بل العشر الأواخر بكلها هذه هي الطريقة الصحيحة وهي التي ركز عليها قدوتنا ومعلمنا وهادينا رسول الله صلوات الله عليه وعلى أله كان يتجه إلى الاهتمام بالعشر الأواخر بكلها ويعظم فيها إقباله واهتمامه وكثرة عبادته والتجائه إلى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى وتوجهه نحو الله كان في العشر الأواخر بشكل عام من دون الاقتصار على ليلة محدّدة أَوْ ليلة معينة بل كان يهتم ويتجه للاهتمام بالعشر الأواخر بشكل عام لذلك الشيء الصحيح هو الاهتمام بالليالي العشر الأواخر باهتمام كبير وإقبال عظيم نحو الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى هذا من المهم جداً، ويركز الإنْسَـان على التوفيق والدُّعَـاء بحسن الخاتمة والدُّعَـاء بالنصر والدُّعَـاء بالهداية والدُّعَـاء بكل هذه الأهداف الكبرى للمؤمن التي تعلمها في مدرسة التقوى والهدى أن تكون محط اهتمامه وأولويات بالنسبة له ولا يغفل عن شئونه الخَاصَّـة بعض مَثَـلاً بحاجة إلى الزواج يطلب من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى أن ييسر له الزواج بشكل ما يحقّـق له آماله رجل شاب أَوْ شابة كذلك تطلب أن ييسر الله لها زوجاً صالحاً تعيش معه حياة سعيدة تؤسس معه أسرة طيبة أَوْ إنْسَـاناً يعاني من المرض أَوْ إنْسَـاناً يعاني من الفقر أَوْ إنْسَـاناً يعاني ولكن لا يغفل الإنْسَـان عن الاهتمامات الكبرى والقضايا المهمة والمصيرية بالنسبة في حياته وشأنه.
نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى أَنْ يُوَفِّــقَنا وإيَّاكم لاغتنام هذه العشر الأواخر ولا ننسى الدُّعَـاء للمجاهدين في الجبهات لا ننسى أَيْـضاً قيمةَ الأعمال الجهادية قيمةَ الإحسان كأسباب للتوفيق والقربى من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى.
نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى أَنْ يَنْصُرَنا بِنَصْــرِه، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنا الأبرارَ، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا وَأَنْ يُفَرِّجَ عن أَسْــرَانا.. إِنَّهُ سَمِيْـعُ الدُّعَـاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..