تكلفة العدوان تعصف بالمملكة..الوطن السعودية تتساءل:هل نحن على وشك الإفلاس
صدى المسيرة:أنس القاضي
تكلفة الحرب العدوانية على اليمن ، باهظه على مختلف الأصعدة ، والسعودية التي تتحمل تكاليفها المالية لن تنجو من تأثيراتها رغم حجم إمبراطوريتها المالية (الريعيه /النفطية) ، فقد بلغت الكلفة الحد الذي لم تَعُد مَعَهُ مُجرد أزمة مالية عابرة ، أو أزمة تنحصر على ثروات الأسرة الحاكمة أو الميزانية العسكرية ؛ هذه الأزمة ألاقتصاديه تأخذ اليوم منحىً اجتماعيا وبالتالي سياسيا . هذه الأزمة التي تعصف بالمملكة هي ظاهره كغيرها من الظواهر لا يُمكن إخفائها حتى مع التعتيم والتضليل الإعلامي ، فالظواهر تعكس نفسها ومن داخلها كلما تنامت مستوياتها ، وهذا لمقال المنشور بالوطن السعودية -بعنوان (هل نحن على وشك الإفلاس) للكاتب عبد العزيز قاسم – لا يأتي مُصادفه بل ضرورة إن لم يكتبهُ هوَ كان ليطرقه كاتب أخر ، وليس مقالاً عابر ، فهوَ شكل تمظهرات أزمة العدوان على اليمن ، ويَعكسها بوضوح وعمق ، رغم تعامل الكاتب الحذر مع المفردات ، وتوخيه تجاوز تعابير معينه رُبما لو قالها ، لقضي عليه !
نجد الكاتب وهوَ يتحدث عن هذه الظروف ، التي يتعامل معها وكأنها شائعات خشية أن يكون حديثهُ عنها هجوماً على السُلطة الحاكمة. يقول الكاتب :”فالشائعات قد وصلت إلى الرواتب التي هي عماد الطبقة الوسطى وأساس معيشتها”. بما معناه أن هذه الظروف -الذي هوَ متأكد أنها ليست شائعات – قد بلغت الحد الذي تؤثر فيه على معيشة المواطن من الطبقة الوسطى الذي ينتمي إليها وما تحتها ، وعند بلوغها هذا الحد فهي تُصبح أزمة المجتمع ، وتتجاوز كونها أزمة الطبقة الحاكمة.
ويضيف الكاتب في المقطع الثاني : ” الحقيقة أن سكوت الجهات المسئولة، إن كانت وزارة المالية أو غيرها، حيال هذه الشائعات التي تعصف بنا هو سكوت غير مبرر،”. أي أنه يُريد القول بأن هذهِ الحرب التي أصبحت تمس مصالح الطبقة الوسطى وتعصف بها لم تعد مبرره ، فالقصة ليست في الشائعة، بل في حقيقة جود الظاهرة ، الذي يصل في سياق كلامه إلى إثباتها ، وليس مجرد التشكيك بها .
ويُتابع ” كم أتمنى أن تنشئ الوزارات المعنية جهات رصد ومتابعة، ومن ثم تقوم بالإيضاح للمواطنين أولا فأولا عن المستجدات التي تحصل. لا بد من ناطق رسمي أو جهة ما تتبع هذه الوزارات كي تدحض هذه الشائعات التي تروج في أوقات الحروب والظروف الصعبة، أو حتى تؤكدها ولكن بطريقة فيها تحليل وإيضاح للحقائق” إذن هو يتحدث عن مستجدات اقتصادية لا مستجدات إشاعية، ثم يتمنى أن تُتابع وتُرصد توضح ، وهذه ليست أمنيه يحققها ((بابانويل)) ، بل هي حاجه يشعر بها هوَ وكل المجتمع وهي شيء قابل لتحقق ، لهذا فهو ينتقل من التمني إلى فرض هذه الأُمنية أي إشباع هذه الحاجة فستخدم مفردة (لابد) من ناطق رسمي ، ومتى كانت السعودية ديمقراطية لتخضع لمطالبات الشعب ؟ الذي تجاوز الكاتب مجرد تسوله كطلب إلى فرضه على مؤسسات الدولة ، فهذه النزعة الشعبية لفرض مطالبه موجودة في لاوعيه وإن حاول هوَ إخفائها ،فهو لا يعكس في هذا المقال رغباته الخاصة ، بل يعكس الرغبة والمزاج الاجتماعي، الذي أصبح يؤمن بأن من حقه أن يشارك بالحكم ، بشكل أدق بحاجته لنظام ديمقراطي، فالديمقراطية أصبحت مكتسب أنساني لا تنازل عنه ، إنما في الحالة السعودية كان الرخاء الاقتصادي النسبي والاستقرار هوَ ما يجعل الناس يبتعدون عن المطالبة بهذا الحق ، ولكن مع تأثيرات العدوان من أزمات اقتصاديه اجتماعية سَتَعتزز هذه النزعة لدى الطبقة الوسطى والطبقة والأدنى منها .
ويتابع الكاتب في المقطع التالي :” أكتب لكم، وبين يدي رسائل أتلقاها من الأصدقاء في مجموعات “واتسأب””. وواضح جداً أن خطابه موجه للسلطة ، وقد تكون المعلومات لديه من مصادر خاصة يخاف القول أنه جاءت منه فينسبها إلى (الواتس آب) ، وقد تكون حقا رسائل من الواتس آب ، وفي كلتا الحالتين ، فهذا يَدُل بأنَ المُجتمع السعودي لم يعد مشغول بالمباريات وإحراق إطارات السيارات وسباق الهجن وفقط ، بل يُشغله هم اقتصادي اجتماعي ، وهذا الهم هوَ بداية كل حراك اجتماعي لأجل الديمقراطية ، وقد يتطور إلى حراك ثوري ، وخاصة في حالة أن الجيش اليمني هشم صره الجيش لديهم وبالتالي رمزيه الأسرة الحاكمة . ثم يقدم الكاتب بعض المُعطيات الهامة وهي التالي كما أوردها الكاتب :” -الريال السعودي ينزل لأدنى مستوى له أمام الدولار، ومخاوف من اقتراب إفلاس السعودية بسب سحب السندات الاحتياطية من البنوك. استعدوا للتقشف فالعجز بلغ 560 مليار ريال. خبراء دوليون يحذرون من أن السعودية لن تستطيع دفع رواتب موظفيها في حالة هبوط النفط إلى 30 دولارا. توقعات بنزول البترول إلى 15 دولارا بعد استئناف إيران تصدير بترولها.”. وهذه المعطيات الكارثية بحق اقتصاد المملكة ، لا يَكُمن الخطر بها رغم فلكية الأرقام ، بل يكمن الخطر في انعكاسها على المجتمع ، وهاهوَ الكاتب ، معززاً بالأرقام تأخذهُ النشوة ليقول ما لم يكن عليه قوله ، وما قالهُ أحدٌ من قبل . يقول الكاتب :” وبالتأكيد ستروج الآن بطريقة “المتتالية الهندسية” لتصل إلى الملايين خلال 24 ساعة، وحتما ستشكل رأيا عاما خلال فترة وجيزة، وستلغط بها المجالس في طول البلاد وعرضها (…)تسومع أعاجيب وغرائب من تلكم التحليلات التي لا تخطر على بال إنسان، بل لا يجرؤ جهابذة الاقتصاد على قولها أو الاقتراب منها، ولكنها السيرورة المجتمعية الدائمة في هكذا ظروف ومجالس، وهو المتوقع.”. وهذا أخطر ما جاء في هذا المقال فلأول مره كاتب سعودي يستعرض بالجماهير الذين ستؤثر بهم هذه الحقائق التي يتعامل معها كإشاعات ، وصفهم بالملايين ، مما يُعيد إلى الأذهان ما كان يُسمى بالمسيرات المليونية التي حدثت في دول ما سمي بـ(الربيع العربي) . وفي نفس المقطع يتحدث عن نقطه لم يطرقها كاتب سعودي من قبل ، وهوَ الرأي العام ، فمن متى أصلاً كان هناك اعترافاً سعوديا بالرأي العام ، مِن متى كانت أسرى آل سعود تهتم بالرأي العام ، والجمهور لديها عبيد ،كل أقصى حقوقه السياسية هو أن يُبايع الملك الذي قد تم اختياره مُسبقاً . والنقطة الثالثة في نفس المقطع أن هذا الرأي العام هوَ شعبي وليس طائفي يُختزل في المناطق الشرقية الشيعية التي تنسب كل معارضه لها لتُقمع طائفيا، فهو يؤكد أن هذا الرأي العام أي الوعي الجديد وبشكل أدق الموقف الاجتماعي الجديد سيتواجد على طول البلاد وعرضها ، ولن ينحصر على منطقة .وهذه الأحاديث ألاقتصاديه العجيبة التي لا يجرؤ التخصصين على الحديث عنها أصبحت حديث العامة وهذا انتقال في وعي الشعب في أرض نجد والحجار نتاج سيروره مجتمعيه انتقل إلى طور أعلى في هذه الظروف ، وحديثه عن السيرورة بمعنى أن لها سياق تاريخي أي كينونة فهذا الوعي الجديد ليس اليوم طفرة مفاجئه ، بل له تاريخ ماضي تراكم ببطئ حتى وصل لهذه الكيفية الحالية ، وهذا تحليل موضوعي أشار له الكاتب وحاول التمويه عليه ، فمن المعروف أن سلطة آل سعود الاقتصادية العسكرية معززه بسيطرة أيدلوجيه وهابية تبرر للسلطة أن تفعل ما تُريد ، وكن الوهابية لم تعد مسطره على ل المجتمع كما كانت قديما ، فمع انفتاح المملكة على العالم على الفضائيات والشبكة العنكبوتية ضعفت الوهابية ، وتتشكل ثقافة اجتماعيه جديدة ، تجعل من حامله يقول لا .
رويداً رويداً يبدأ الكاتب في الاعتراف بحقيقة هذه الأزمة وأنها ليست شائعات ، إنما يطلب يطلب من الدولة أن تعترف بها وتُطمنهم ، وبمعنى أخر أن تعترف بوجود الأزمة وتعالجها ، فيقول الكاتب :” لا يدحض كل هذه التقارير والشائعات اليوم سوى وزارتي المالية أو البترول، عندما ينبري متحدثها -بشكل دوري ودائم- في الفضائيات والصحف ويتكلم بحقائق وأرقام، ويطمئن المجتمع بأننا بخير إن شاء الله، أو حتى لو كان ثمة هبوط أو تراجع في الأداء الاقتصادي، وهو متوقع بسبب الحرب العادلة في اليمن، أو عودة إيران للتصدير، وبقية تلك الأسباب، يوضح ذلك للمجتمع بطريقة بسيطة وسهلة الفهم، عند ذلك تتبخر الشائعات لتحل الحقيقة ناصعة، ونقطع الطريق على كل مغرض يريد الوقيعة بين المواطن وقيادته.”.
الكاتب ليس بوسعه اتهام السُلطة مبشرة إنما يطلب منها أن تُطمنهم ، وتدحض الشائعات ، التي يعلم هوَ أنها حقائق ، أنه يطلب معالجه المشاكل بشكلٍ أوبأخر ، ويورد أسباب ما يسميه التراجع ، والذي هو انهيار اقتصادي لا مجرد تراجع ، ويطلب من السُلطة أن توضع ذالك للمجتمع بأسلوب سهل وبسيط ، بينما المجتمع حقيقةً لا يفرق عنده ان تصله المعلومة عن ألازمة ألاقتصاديه بأسلوب سهل أو صعب ، فهو حتماً سيعانيها ، ويريد معالجتها ، وإن لم تعالج فستحدث الكارثة ، ومرة أخرى الكاتب من غير قصد أو عن قصد يرسل رسائل مموهة ، فيقول بأن هذه الأزمة التي هي شائع، تُريد “الوقيعة بين المواطن وقيادته” . وهذا يطرح أمامنا سؤال هوَ متى كانت قاده آل سعود تخاف الشعب ، وتخشى الوقيعة مع المواطن ، إلا إن كان الوضع تطور وأصبحت الوقيعة -التي تحمل معنى والسخط والاحتجاج والثورة- شيا وارداً ، والتطورات القادمة ستثبت إن كان المجتمع السعودي متجهاً لهذه الوقيعة ، والتي أصبحت تُخيف القيادة ، التي بالكاد استطاعت أن تحافظ على استقرارها ،وسط محيط مضطرب يشتعل بمال النفط السعودي .
ويحتم الكاتب المقال بهذا المقطع الذي يُشير به إلى أن الوضع تغير و الأزمات السابقة لا تُكرر اليوم لتنتهي كما انتهت سابقاً ، بل لها كيفيه جديدة فيقول : ” بما في مرحلة البترول ذا الـ8 دولارات، وقتما عصفت بنا تلك الأزمة، لم تخبر الدولة مواطنيها بما تمر به، ولم نشعر كثيرا بها، والحمد لله نهضنا بعدها بقوة، ولكن في تلك الفترة لم يك “تويتر” ولا انفتحت السماء علينا بهذه الفضائيات التي تمطرنا بتقاريرها التحريضية،.”. انه يقول يشير إلى أن هناك اليوم تغير تقني غير من الوعي الاجتماعي بفضل الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعية ،وأن هذا الأمر خطر ، وهذا هوَ ما أراد حقاً أن يوصله ثم يموه على هذا الأمر بالقول :” وعليه فمن الضروري أن تكاشف الدولة اليوم مواطنيها، وأثبتت الأحداث والتاريخ دوما وقوف المواطن مع قيادته، وقد عبرنا أزمات قاسية وعديدة. الشفافية اليوم تقطع الطريق على الحاقدين، وتبث الوعي في المجتمع، وتساند الدولة في أزمتها المالية”. ليتحدث عن التكاتف بين المواطنين والقيادة التي تجاوزت أزمة الستينات،وهوَ يتجاهل أن هناك جيل جديد غير جيل الستينات رُغم أنهُ في أول هذا المقطع جذر أن أزمات اليوم ليست كالأمس ، لأن هناك وعي اجتماعي جديد مع تطور التقنية ، هذا الوعي الاجتماعي هوَ يُسميه تحريض وسائل الإعلام ، والحقيقة أن التحريض هي نزعه ثورية في الوعي فم تعد مجرد نقد بل وصلت للتحريض والتحريض هوَ خطاب يوجه الناس قبل كُل تحرك ، وإن واصلت السعودية خوض هذه المعركة وتفاقم الأزمات فسنشهد تحركا مهما تأخر أو قُمع ، لأن الأزمات موجودة في قاع المُجتمع كأزمة اقتصاديه ، وليت مجرد إشاعات وتحريضات موجودة في الوعي بدن أي أساس مادي ، يعكس على الأرض فعل مادي ملموس تجاه هذه القيادة الإجرامية المُتعفنة .