برنامج رجال الله.. معرفة الله الدرس الرابع عشر
هذه قضية يجب أن نتنبه لها: أن الناس متى ما كانوا مقصرين، فليفهموا أن العقوبة المكتوبة جزاءً لذلك التقصير تأتي سريعا {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ}(النساء: من الآية160) وقد تكون العقوبة أيضا بشكل تشريعات شاقة {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}(النساء: من الآية161) وهكذا فقال إنه عندما شرع حرم عليهم طيبات أحلت لهم، أليس هذا فيه عذاب؟ نوع من العذاب ولم يعدهم برفع هذا التحريم عنهم إلا إذا آمنوا برسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)، كما قال: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}(الأعراف: من الآية157) كان هناك إصر: أثقال جاءت بشكل تشريعات لأنهم كانوا يتمردون، فيستحقون عقوبات.
وقد تأتي العقوبات بشكل دائم تأتي بشكل أن يحرم عليهم شيئاً من الطيبات فيكون شاقا عليهم، ألم يحرم عليهم كل الشحوم؟ حرم عليهم الشحوم إلا شيئاً معينا من الشحوم الذي لم يحرمه، الحوايا أو ما اختلط بعظم. وقد تأتي العقوبة بشكل شيء معنوي يتجه إلى القلوب كما قال الله سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل، وبنو إسرائيل في تاريخهم الطويل داخله عبر لنا ولم يحك عن أولئك! يقول ما يحصل لأولئك سيحصل لنا نحن، القرآن ليس كتابا تاريخيا يتحدث عن قصص للتسلية، ولأن تاريخ بني إسرائيل هو رصيد مهم حافل بالعبر والدروس قدمه لنا {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}(المائدة: من الآية13).
هكذا الإنسان قد يقترف معاصي، أو قد يعرض عن هدى، أو قد يقصر في عمل مما عليه أن يعمله فتكون النتيجة هو أن يقسو قلبه، وقسوة القلب ليست قضية هينة، قسوة القلب ماذا وراءها؟ وراءها كل الشقاء في الدنيا، وراءها جهنم، بل عندما يقسو قلبك بسبب معصية واحدة معينة ستنطلق أنت إلى المعاصي؛ لأنك قد خذلت من جانب الله ولم تعد تحظى برعايته، ستنطلق أنت في معاصي كبيرة، ومعاصي كثيرة تضل وتزداد ضلالاً، وتتحول إلى إنسان يحمل نفسا خبيثة يتراكم الخبث داخلها.
قسيت قلوبهم فانطلقوا يحرفون الكلم عن مواضعه، وحصل أن نسوا حظاً كثيراً مما ذكروا به، ثم كما قال الله: {وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ}(المائدة: من الآية13) خيانة، خداع، مكر، إذا ما قسى القلب انطلق الإنسان شرا في هذه الحياة، انطلق إلى عمل المعاصي بكل جرأة، بلغ بهم الحال إلى أن يحرفوا الكلم عن مواضعه فيفترون على الله الكذب؛ لأن قلوبهم قد قست.. لماذا؟ وبماذا قست؟{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ}؛ لأنهم لم يفوا بالميثاق الذي بينهم وبين الله، لأنهم لم يفوا بالمواثيق التي بينهم وبين الآخرين، فنقض الميثاق معصية تأتي بعده هذه العقوبة: أن يقسو القلب.