السيد عبدالملك الحوثي: 90% من النشاط الإعلامي الصهيوني نشاط استقطابي للتدجين الفكري والثقافي الإعلام الصهيوني الناطق بالعربية: تدجين شرس لما تبقى من الوعي المقاوم
المسيرة | ضرار الطيب
انتشرت المنصاتُ الإعلامية الصهيونية الناطقة باللغة العربية، خلال الفترة الأخيرة، بكثافة خَـاصَّـة منذ أن بدأ ظهور ما يسمى “صفقة القرن” التي صاحبها أَيـْـضاً زيادة متسارعة في الترويج الإعلامي الخليجي لمسألة “المصالحة مع إسرائيل”، وهذه الخطوط المتقاربة ترسم مسارا واضحا تمر فيه معطيات هجمة ثقافية وفكرية شرسة يشنها العدوّ الصهيوني على الجماهير العربية والإسلامية التي باتت تعاني من تآكل كبير في الوعي بحقيقة الصراع العربي الإسرائيلي.
وأطلق الكيانُ الصهيوني عشرات المواقع الإلكترونية ومئات الصفحات بمواقع التواصل الناطقة باللغة العربية، مستغلاً سهولةَ الوصول إلى نشطاء التواصل العربي عبر شبكة الانترنت لكسر عزلته التي امتدت لعقود منذ نشوئه، كما يسعى من خلالها إلى كسر حالة المقاطعة الشعبية العربية والدخول في نقاشات متعددة مع المستخدمين العرب لمواقع التواصل. وحتى لو كان النقاش الذي يدور في تلك الصفحات سلبياً بالنسبة للكيان الصهيوني من حيث ردود الفعل والتعليقات العربية، إلا أن الدخول في نقاشات مع النشطاء العرب يمثلُ مكسباً كبيراً بالنسبة للكيان.
وبمقتضى المنطق، فإن توازيَ إعلام الكيان الصهيوني مع سياسته، والعلاقة الطردية بينهما، يفرض علينا -كمعادين لإسرائيل- أن ندرك حقيقة أن النشاط الإعلامي المعادي يحمل ذات الدرجة من الخطورة التي تحملها السياسة المعادية، وبالتالي يصبح من الضروري أن نتخذ وقاية من تلك الخطورة الإعلامية، وإلا أصبح الموقف من إسرائيل هشاً ومعرضاً للاختراق بسهولة.
نشاطٌ استقطابي
في إحدى محاضراته الرمضانية، أوضح السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بأن ٩٠ بالمائة من النشاط الإعلامي الصهيوني يمثل نشاطاً “استقطابياً” للتدجين الفكري والثقافي. ونحن هنا لا نتحدث عن استقطاب إلى حزب أَوْ جماعة صغيرة شاذة.. إنها إسرائيل.
أحدُ الميادين الرئيسية التي ينشط فيها الإعلام الصهيوني اليوم، هي مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أصبحت تعج بالمئات من الحسابات الرسمية الموثقة، والأخرى غير الموثقة، والتي تمثل جهات إسرائيلية ناطقة بالعربية، بل إن بعض الحسابات الرسمية تتبع صحفيين ومسؤولين كبار داخل الكيان الصهيوني، وعلى رأسهم نتنياهو نفسه والناطق باسم جيش الاحتلال.
لماذا يريدُ نتنياهو من الجماهير العربية أن تقرأ ما يكتب؟ الإجابة البديهية والوحيدة هي أن هناك توجهاً واضحاً لتغيير الموقف العدائي العربي تجاه إسرائيل، وهذا هو جوهر الاستقطاب الصهيوني، على أن المسألة ليست محصورة في ما يقوله نتنياهو بلسانه هو، فهناك منصات إعلامية أخرى وضعت لتجذب المتلقين العرب بعيداً عن كرههم “الشخصي” لنتنياهو ولكن قريباً مما يريده.
من الضروري التذكير بأن مسألةَ العداء لإسرائيل في الوعي العربي والإسلامي الأصيل، هي في الأساس مسألة وجود وهوية وانتماء وعقيدة، ما يعني أن الطريق الوحيد الذي يجب اتخاذه هو يتجه نحو طرد إسرائيل من فلسطين والتخلص من الهيمنة الصهيونية تماماً.
وانطلاقاً من هذا الأساس، يمكن القول بأن “الاستقطاب” الصهيوني يبدأ بالتقليل من شأن أي تفصيل من تفاصيل هذا العداء، ويمر بمناقشة تفاصيل أخرى وتعديلها، وينتهي بالتقاء وجهة النظر العربية والإسلامية مع الصهيونية في شيء معين.
يتخذ الكيان الصهيوني هذا المسار بالفعل منذ سنوات، عن تطريق اختراق الأنظمة العربية الإسلامية وتدجينها سياسياً وثقافيا، لكن المنصات الإعلامية الجديدة المتزايدة باتت تسهل الكثير من العقبات، فهي تضع المتلقي العربي في أي مكان تحت التوجيه المباشر والمستمر من الإعلام الصهيوني ومصطلحاته التي تكرس أولاً حالة التسليم بالتواجد الإسرائيلي في فلسطين واعتباره أمر مفروغ منه، ثم تحاول أَيـْـضاً إيجاد نقاط التقاء مع نفسية وتفكير المتلقي الذي بات وعيه اليوم بالقضية الفلسطينية هشا إلى حد كبير؛ بسبب تعاقب الضربات الفكرية والثقافية المعادية التي تلقتها الأمة منذ فجر التواجد الصهيوني.
من جانب آخر، تتجلى خطورة الاستقطاب الذي تمارسه تلك المنصات الإعلامية الصهيونية، في كونها تأتي ضمن فضاء تفاعلي واسع وغير محدود، يتيح للمتلقي التفاعل مع الأفكار والاطروحات والأخبار بشكل مباشر، كما لو أنه يشارك في جلسة نقاش، وهذا يجعل مما يقدمه الإعلام الصهيوني يبدو كأنه وجهات نظر للأخذ والرد، الأمر الذي يلغي الموقف الحاسم من العداء لإسرائيل، ويحوله إلى اختلاف في الرأي حول تفاصيل يومية يغيب عنها جوهر الصراع العربي الإسرائيلي.
وبالمجمل، يمكن القول إن الاستقطاب الإعلامي الصهيوني للجمهور العربي، يؤتي أول ثماره بمجرد أن يبدأ المتلقي العربي العادي بالتفاعل مع تفاصيل الأخبار والافكار التي تقدمها تلك المنصات الإعلامية، حتى لو كان تفاعلا هجوميا، فمع مرور الوقت تصبح متابعة تلك التفاصيل شيئا طبيعيا لدى المتلقين العرب، وتصبح المصطلحات والأفكار الصهيونية أكثر حضورا في يوميات الوعي العربي، ولن يلبث الأمر كثيراً قبل أن يكون تصبح مسألة الاحتلال نفسها مسألة عادية. والوصول إلى هذه النتيجة فقط تعتبر نجاحاً كَبيراً للإعلام الصهيوني، لكن الأمر يتجاوز ذلك كثيراً ويصل إلى عكس مسار الموقف العدائي لإسرائيل أَوْ تشويهه بشكل كبير.
التطبيع الخليجي وتوسيع الاختراق الفكري والسياسي
إذا كان 90 بالمائة من نشاط الإعلام الصهيوني اليوم يهدف لاستقطاب الجمهور العربي والإسلامي، فإن أكثر من تسعين بالمائة من أسباب فاعلية ذلك النشاط تعود إلى التطبيع العربي والخليجي على مستوى الأنظمة مع إسرائيل، ولا يكاد يكون هناك فرق اليوم بين المنصات الإعلامية الصهيونية الناطقة بالعربية، ووسائل الإعلام الخليجية والمنتسبين إليها، غير أن خطورة الإعلام الخليجي تتعاظم لكونها تأتي بوجه عربي، فضلاً عن استخدامِها اللغة العربية.
ويلاحظ في الفترة الأخيرة زيادة انتشار الشخصيات العربية والخليجية التي تطبل بصراحة لصالح إسرائيل، وتروج لمشاريعها، وتتبني كُلّ مواقفها السياسية والفكرية فيما يخص القضية الفلسطينية أولاً والأحداث الأخرى في المنطقة أَيـْـضاً.
كتاب ومحللون خليجيون بالعشرات، كلهم مقرّبون من الأنظمة الخليجية الحاكمة، وبعضهم يدير مراكز دراسات، مثل السعوديّ عبدالحكيم الحكيم الذي يدير مركز “الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية” في جدة، الذي يظهر على قنوات الإعلام الصهيوني وفي حسابات موثقة على مواقع التواصل الاجتماعي، ليدعموا المواقف الإسرائيلية بصراحة، فيما تستمر الأنظمة الخليجية بقمع أي صوت مناهض لإسرائيل، وتستمر أَيـْـضاً في كشف المزيد من سياساتها التطبيعية العلنية على وسائل إعلامها الرسمية وغير الرسمية، وهو ما يشكل هجمة شرسة متعددة الجوانب، يجد فيها المتلقي الخليجي نفسه أمام خيارين: إما الانسياق وراء تلك الهجمة وإما أن يستعد لقائمة التهم التي تنتظره بداية من العمالة لإيران وانتهاءً بـ “الإرهاب”، إنه استقطاب مصحوب بالتهديدات أَيـْـضاً.
وبطبيعة الحال، فإن ترافق ظهور التطبيع السياسي، مع التطبيع الإعلامي، إلى جانب التهديدات والقمع، أسهم كثيراً في غياب مرحلة ” الصدمة” لدى الكثير من الجماهير الخليجية التي وجدت نفسها في وقت قصير ضمن حالة استقطاب متسارعة تجبرها على التخلي عن العداء لإسرائيل، فإلى وقت قريب كان مجرد الإدلاء بتصريح لوسيلة إعلام إسرائيلية، يعتبر فضيحة أخلاقية ودينية، ثم فجأة وبدون خجل يظهر محللون خليجيون على قنوات إسرائيلية ويتفاخرون بذلك، ثم يقضون أوقاتهم على مواقع التواصل في شرح “ضرورة” التصالح مع الكيان الصهيوني، والاعتراف بحق إسرائيل التأريخي والديني في أخذ دولة فلسطين، ويهاجمون المقاومة الفلسطينية ويتهمونها بالإرهاب، كما يتهمون المخالفين لهم بالعمالة ضمن نبرة متطابقة تماماً مع النبرة الرسمية لأنظمة الخليج نفسها، فيبدو الأمر كأنه تحول شامل وليس مجرد حالات شاذة.
الجيوش الإلكترونية
“الجيوش الإلكترونية” هي الأخرى أسهمت في تثبيت فعالية هذا التسارع في الاستقطاب والتحول، ومن المعروف أن الأنظمة الخليجية تعتمد بشكل كبير على الجيوش الإلكترونية في توجيه الرأي العام لأبناء شعوبها، كونهم أكثر تواجداً في مواصل التواصل الاجتماعي وأكثر تأثراً بها من غيرها، وفي سياق حملة التطبيع مع إسرائيل لا تكاد ترى أي مادة إعلامية تنشر على مواقع التواصل وتهدف إلى تعزيز ذلك التطبيع، إلا ويتوافد إليها اصوات عربية داعمة لو ألقيت نظرة عليها ستجد أنها صادرة من حسابات ضمن الجيش الإلكتروني، وليست تابعة لشخص عادي حقيقي.
هذا النشاط يؤتي ثمرته في محاصرة المتلقي العربي والخليجي بالذات واستدراجه بسرعة، حيث يبدو له أن مسألة التطبيع مع إسرائيل قد بات لها قبول شعبي ورسمي واسع ينساق مع السياسة العامة لدول المنطقة، وبالتالي يجد نفسه يجري في ذات المسار بشكل آلي، متجاهلاً ما كان يمكن أن يشكل نزعة مقاومة بسيطة في وعيه.
نماذج من الاستقطاب
تركز معظم المنصات الإعلامية الصهيونية الناطقة بالعربية على التسويق لمسالة “التعايش” والتقارب بين الإسرائيليين والعرب، ويتضمن ذلك أشكال عدة منها إبراز جانب القبول بالتواجد الإسرائيلي من خلال تغطية اخبار ناشطين عرب يؤيدون إسرائيل ويدلون بتصريحات تدعو للسلام معها، أَوْ يزورون الأراضي المحتلة، أَوْ تغطية احداث ثقافية أَوْ رياضية تشترك فيها إسرائيل مع العرب، مثل ما حصل مؤخراً من مشاركة فرق رياضية خليجية في مسابقة دراجات نارية داخل القدس المحتلة. كما يتضمن ذلك أَيـْـضاً الترويج للخطوات السياسية أَوْ الاقتصادية التي تتخذها الأنظمة العربية نحو التطبيع مع إسرائيل، أَوْ القرارات والتوجهات العربية التي توافق السياسة الإسرائيلية.
يستفيد الإعلام الصهيوني في ذلك من الجيوش الإلكترونية الخليجية والصهيونية التي تدعم تلك الترويجات، إلى جانب الكتاب والمحللين العرب الذين يهتمون أَيـْـضاً بالدعم والتطبيل لتلك المواضيع، ليبدو الامر للمتابع العربي مثيرا للاهتمام، فيجره إلى المتابعة والتأثر.
وفي مختلف المواضيع التي ينشرها الإعلام الصهيوني الناطق بالعربية في هذا المجال، يتضح الحرص على ايجاد نقاط التقاء بين العرب وإسرائيل؛ لأنَّ ذلك هو المفتاح الذي يجعل المتابع العربي يهتم بالتفاعل مع الموضع سلبا أَوْ إيجاباً، وبالتالي يثبت فاعلية المادة الإعلامية في التأثير.
مثال ذلك ما يقوم به الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، والذي يمتلك عدة حسابات ناطقة بالعربية في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أنه يمثل لسان حال الجيش الأكثر بغضا عند العرب والمسلمين الا أنه يواصل نشاطه الإعلامي بكثافة، وينجح في اثارة اهتمام الكثير من المتابعين العرب غير الواعين، الذين يحرصون على التفاعل مع كُلّ ما ينشره.
يحرص “أدرعي” دَائماً على إثبات وجود مساحة التقاء كبيرة بين إسرائيل والعرب، أَوْ على الاقل وجود مساحة للأخذ والرد بسلسة بدون عداء، وهو نفسه يتحدث العربية لدعم ذلك التوجه، حتى أنه لجأ مؤخراً إلى نشر فيديوهات ضد “مسيرة العودة” الفلسطينية، مستدلا على تحريمها بفتاوى علماء الوهابية الذين يمثلون مرجعية دينية لعدد كبير من المتابعين الذين تم تضليلهم ثقافيا من قبل الأنظمة العربية وعلى رأسها النظام السعوديّ، كما أنه يحرص على إبراز اهتمامه بالمناسبات الدينية الإسلامية والمناسبات الوطنية العربية، ويحرص كُلّ الحرص على اظهار التوازي بين وجهات النظر السياسية الإسرائيلية والعربية؛ كون السياسة هي أبرز مجال لاهتمام روّاد مواقع التواصل.
كل ذلك، ومع الدعم الموجه من الأنظمة الخليجية واتباعها وجيوشها الإلكترونية، بات يجعل من ناطق الجيش الإسرائيلي واجهة إعلامية لكثير من المتابعين العاديين الذين ينجرون مع مرور الوقت وراء الحجج والمصطلحات التي ينشرها، ويتساهلون في التعاطي مع ذلك، ويسمحون لمواده الإعلامية بان تؤثر فيهم سلباً وإيجاباً، بل أنه أصبح مصدراً إخبارياً عربياً لدى الكثير منهم، متناسين الجهة التي يمثلها وموقعها من الصراع التأريخي والوجودي الذي تخوضه الامة مع الكيان الصهيوني.
الخطر الذي تمثله مثل هذه المنصات الصهيونية، برغم استخفاف الكثيرين به، إلا أنه يؤتي أكُله للسياسة الصهيونية بشكل كبير، وينجح كثيراً في التشويش والتضليل على المتابعين العرب الذين يفتقرون إلى الوعي الحقيقي بالصراع العربي الإسرائيلي، ولذلك تزاد هذه المنصات الإعلامية بالانتشار يوماً بعد يوم، وهكذا يصبح المتابع العربي محاطا بها وبالجيوش الإلكترونية الداعمة لها، والمحللون والكتاب العرب المتصهينون، والسياسات العربية المطبعة مع إسرائيل، ووسط هذا كله يكون فريسة سهلة للتضليل والكثير يجد نفسه مغرداً في نفس السرب، إما بعد اقتناعه بما يقرأه ويشاهده من تلك الوسائل، وإما جريانا مع التيار بدون شعور.
الوعي بخطورة المنصات الصهيونية
عندما يتحدث الإعلام الصهيوني، بالعربية، عن التعايش بين العرب وإسرائيل، أَوْ يقدم أية تعريفات عن الداخل الإسرائيلي اجتماعياً أَوْ ثقافياً أَوْ حتى سياسياً، فهو يجذب بذلك انتباه المتلقي العربي إلى تفاصيل الأشياء التي يقدمها، ولا يلبث أن يتحول الأمر إلى قضية نقاش وردود غير منظمة من المتلقين العرب الذين تجاوزت بهم المادة الإعلامية حقيقة أن العداء لإسرائيل لا يتضمن نقاشات؛ لأنَّ تلك النقاشات لا تثبت في نهاية الأمر سوى أن الإعلام الصهيوني وجد طريقه -التي من المفترض أصلا قطعها- إلى أذهان الجمهور العربي، بل ويثبت أَيـْـضاً أنه بات هناك قبول شعبي بالأخذ والرد مع إسرائيل الغاصبة.
ولذلك، فإن الحل الوحيد لمواجهة هذه الهجمة الاستقطابية الشرسة والخطيرة، هو مقاطعة الجمهور العادي لجميع المنصات الإعلامية الصهيونية وما يدور في فلكها، وترك الأمر للمختصين والإعلاميين للتصدي لها، وهذا أَيـْـضاً ما نصح به السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في أكثر من مناسبة خلال حديثه عن الإعلام المعادي سواء الصهيوني أَوْ العربي.
كل المنصات الإعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي تكتسب شهرتها وتأثيرها من مدى التفاعل معها، حتى لو كان تفاعلاً هجومياً، ومن هنا فإن محاولة المستخدمين العرب للأخذ والرد ومهاجمة المنصات الإعلام المعادية بحجة “الرد عليها”، لا يكاد يشكل سوى أرقامٍ إضافية في رصيد التفاعل التي تحظى به تلك المنصات، ويصبح هذا النشاط أَيـْـضاً مشابها لنشاط الجيوش الإلكترونية، لإثبات أن تلك المنصات فعلا مؤثرة.
وعلى هذا، فإنَّ مسألة الرد على الإعلام المعادي الصهيوني –أو حتى العربي -تقع في الحقيقة على عاتق الجهات الإعلامية والمختصين في هذا الصدد؛ كونهم أكثرَ مقدرة على معرفة مكامن التضليل في المواد الإعلامية؛ لأنَّ القائمين على نشر تلك المواد هم في الأساس خبراء إعلاميون ومتخصصون في هذا المجال وليسوا أشخاصاً عاديين، وبالتالي فإن مقاطعة الجمهور العادي لوسائل الإعلام المعادية يعني غياب المستهدف من نشاط الاستقطاب، وبالتالي فشل ذلك النشاط تماماً.