اليهود وراء كُـلّ جريمة: تقسيم العالم إلى محاور تمهيداً للحرب العالمية
الحلقة الرابعة والثلاثون
فِي كِتَابِ “اليَهُوْد وَرَاءِ كُلِّ جريمة” للكاتب الكندي وليام كار، يُسلِّطُ المؤلِّـفُ الضَّـوْءَ على الأمور التي لم تكُن واضحةً من أساليبِ اليَهُودِ للسيطرة على العالم، مستخدمين كافةَ الوسائلِ القذرةِ والجرائم التي لم يكن يُدرِكُ الناسُ أن اليَـهُـوْدَ يقفون وراءَها؛ للوصولِ إلى غايتِهم بالسيطرة على العالِمِ وثرواتِه، مُؤَكِّداً أَنَّه ما سيكشفُه في الكِتَابِ سيَصدمُ القُــرَّاء؛ نظراً لعِدَمِ قُدرةِ الكثيرِ مِنْهُمْ على استيعابِ خُبثِ اليَـهُـوْدِ من تلقاءِ أنفسِهم.
في ترجمةِ الكاتبِ وفقَ موسوعة ويكيبيديا هو باحثٌ كنديٌّ وأستاذٌ جامعيٌّ اختصَّ بالعُلوم وبالآثار القديمة. وقد قضى فترةً بفلسطينَ، ودَرَسَ بالجامعة (العِبرية) في القدس المحتلة، وسبق له أنْ عَرَضَ القضيةَ الفلسطينيةَ من مختلفِ جوانبِها، وَأثبتَ (بُطلانِ الحَــقِّ التأريخيِّ لدى اليَـهُـوْدِ)، وبشكل علمي موثّق وببراعة نرى من خلالها الصدقَ والتعلُّقَ بالحقِّ والعدالةِ.
ونظراً لأهميَّةِ محتوى الكِتابِ، تقومُ صحيفةُ المسيرةُ بنشره في سلسلةِ حلقاتٍ، معتمدةً على النسخةِ المترجمةِ والصادِرَةِ في عام 1982 عن دار الكِتابِ العربي في بيروت، والذي تولَّى شرحَه والتعليقَ عليه باللُّغة العربية الكاتبُ والمؤلِّفُ العراقيُّ “خيرُ الله الطلفاح”.
لم يَحُــلْ دعمُ “هتلر” لجبهة الوطنيين في إسبانيا التي يؤيدها الكاثوليكيون المتديِّنون دونَ قيام النزاع بينه وبين الكنيسة الكاثوليكية منذ بدء هذه المرحلة الثانية في حكمه، أي منذ ارتمائه بصورة كاملة في أحضان الأرستقراطية العسكرية الألمانية..
هذه الطبقةُ التي تعتقد عقيدة إلحادية في جهودها كما ذكرنا تقوم على نظرية الدولة الإله، وعلى فكرة تفوق العرق الجرماني السيد، ولم يلبث رجال الدين البروتستانت أن انضموا إلى الكنيسة الكاثوليكية في خلافها مع “هتلر” مدفوعين بنفس الأسباب الدينية التي أَدَّت بالكنيستين – وبصورة عامة بالمسيحية بأكملها – للتصدي للفكرة الإلحادية الجوهرية التي تقوم عليها مبادئ النازية المتطرفة..
ونرى البرهانَ جلياً على ذلك في الموقف الحيادي الذي اتخذته الكنيسة من “هتلر” حتى عام 1936، ثم في موقف البابا الراحل “بيوس الحادي عشر” في الرسالة البابوية التي وجهها إلى السلك الكنسي في العالم في 14 آذار/ مارس ۱۹۳۷، والذي هاجم فيها النازية بصورة علنية، وأدان بشكل خاص فكرة الإله الوطني الشعب من الشعوب، موضحاً بأن الله رب الجميع لا يميز بين مخلوق ومخلوق أَوْ بين عرق وعرق..
وفي 19 آب ۱۹۳۸ نشر رجالُ الدين البروتستانت في ألمانيا رسالة علنية بدورهم هاجموا فيها بعنف المبادئ النازية الإلحادية، ذاكرین فيها حرفياً أن موقف النازيين في ألمانيا من الدين المسيحي “متناقض بصورة مكشوفة مع تأكيدات “الفوهرر”، وحذت الكنيسة البروتستانتية بذلك حذو شقيقتها الكاثوليكية في مناهضتها لفكرة الإله الوطني الخاص لشعب واحد من الشعوب.. وتقدم فيها يلي مقطعة من هذه الرسالة: إن ما يهدف إليه النازيون ليس كبت الكنيسة الكاثوليكية فقط أَوْ الكنائس البروتستانتية بل هو القضاء على الفكرة المسيحية الحقيقية القائمة على الاعتقاد بإله واحد للكون لاستبدالها عملي بفكرة إله جرماني.. فما الذي تعنيه فكرة الإله الجرماني هذه؟.. أهو يختلف عن إله بقية الشعوب؟.. إذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أن لكل أمة إلهها الخاص بها! والمعنى الحقيقي لهذه الفكرة هو أنه ليس هناك إله على الإطلاق…”.
غضب النازيون المتطرفون من موقف الكنيسة تجاههم، وكاد الأمر يؤدي إلى ما يشبه حرباً أهلية دينية.. فعمد “هتلر” بغية تهدئة النازيين إلى إصدار قانون صارم حظر فيه على رجال الدين انتقاد الأوضاع السائدة أَوْ التعرض بفكرة السيادة المطلقة للدولة تحت العقوبات القصوى.. وقد هدأت الأوضاع ولكن النفور ظل قائماً منذئذ بين النازيين والكنيسة..
كان الوضعُ في إيطاليا شبيها بوجه عام بألمانيا يضاف إليه النزاع على الاسلاب الاستعمارية الذي كان مستعراً بين إيطاليا من ناحية وإنكلترا وفرنسا من ناحية ثانية.. فكان “موسوليني” والحالة هذه الحليف الطبيعي لـ “هتلر”.. وقد توقفت عرى التحالف بين النظامين النازي والفاشي بعد اشتراكهما في الحرب الأهلية الاسبانية جنبا إلى جنب وانتصارهما المشترك فيها.. وهكذا تكون محور برلين – روما..
وقد اعتقد “هتلر” وَ”موسوليني” في البدء أن حليفَها الجنرال “فرانكو” الذي خرج ظافراً من الحرب الأهلية الاسبانية سوف ينضم إلى المحور.. بيد أن اتجاه “فرانكو” الديني وإيمانه المعروف منعاه من ذلك.. وظل متمسكاً بموقفه هذا بالرغم من جميع محاولات الضغط عليه من قبل “هتلر” وَ”موسوليني”، وهكذا استطاع تجنيب بلاده وأمته ويلات الحرب وانقاذها من الخراب..
اتجه المحور آنئذ إلى الشرق الأقصى، حيث وجد الحليف الثالث بصورة طبيعية ذلك أن الحرب التجارية كانت على أشدها بين اليابان والدول الغربية.. فالإنتاجُ الصناعي الياباني يغرق العالم بتنوعه ورخص أسعاره ويتهدد بالتالي الصناعة الأوروبية بالكساد وأسعارها بالانهيار.. والدول الغربية من ناحيتها تشن حرباً طاحنة على التجارة والصناعة اليابانيتين محاولة القضاء عليها تلافياً لهذا الخطر.. فكان من الطبيعي إذن أن تبحث اليابان عن حلفاء وأن ترحب بالتقارب مع جبهة المحور القوية التي تخاصم نفس أعداء اليابان وتكون، بالتالي محور برلين – روما – طوكيو..
أدرك المرابون العالميون أن خططهم سائرة في طريق النجاح، وأنهم دفعوا العالم إلى الدرب المؤدي إلى الحرب بصورة حتمية فشرعوا بالاستعداد لها..!
وكان الرجل الذي أعدوه لقيادة المعركة في إنكلترا “ونستون تشرشل”.
أما بالنسبة لأمريكا فيكفي أن نذكر أن الرئيس “روزفلت” توفي في منزل “باروخ” المرابي اليهودي العالمي الذي لعب دوراً هاماً من وراء الستار في تحريك الأحداث في أمريكا خلال 40 عاماً، والذي لا ريب في أنه كان أحد رؤوس القوى الخفية في العالم في عصرنا الحاضر.. ويزيد من خطورة دوره أنه كان أحد المهيمنين على الحركة الصهيونية وأحد الزعماء الأوائل لليهودية العالمية خلال ما يقرب من نصف قرن، وقد عمل طوال حياته على خداع الشعب الأمريكي السليم الطوية.. والارتباط بين “باروخ” وَ”تشرشل” معروف للجميع، فهما يتزاوران ويجتمعان بصورة منتظمة منذ أعوام طوال وكان أشهر الاجتماعات بينهما ذلك الذي حدث أثناء زيارة “تشرشل” له عام 1954، حين أعلن بصورة صريحة ارتباطه القديم بالصهيونية بل وانتهاءه إليها..
يجبُ ألا نظنَّ أن الطريقَ كان سهلاً في إنكلترا للمرابين العالميين بالرغم من كُـلّ ما سبق، وذلك أنهم كانوا يصطدمون مقاومة منظمة يدبرها بعض رجالات الإنكليز المنتمين إلى الطبقة الفكرية الرفيعة.. هذه الطبقة التي أدركت منذ أمد بعيد مدى حقيقة خطر اليهودية العالمية وسادة المال اليهود..
كان الرجل الذي أطلق صيحةَ الخطر في إنكلترا ونبه طبقتها الفكرية إلى ما يجري وراء الستار الكاتب “فيكتور مارسدن” بعد عودته من روسيا عام ۱۹۲۱.. وكان “مارسدن” منذ مطلع القرن العشرين مراسلاً لجريدة “مورنغ بوست” الإنكليزية في موسكو وشاهد عن كثب أحداث روسيا آنئذ، وقد استطاع الحصول على نسخة من الكتاب الذي ألفه البروفيسور “سرجي نیلوس” عام 1905 بعنوان “الخطر اليهودي”.. وكان البروفيسور “نیلوس” قد حصل على قسم من الوثائق التي تضمنها كتابه في باريس عن طريق غانية سرقتها من عشيقها الذي كان أحد كبار المرابين اليهود آنئذ والذي قدم إلى مخدعها ذات مرة مباشرة فور عودته من اجتماع خاص عقده رؤساء محافل الشرق الأكبر، وكان قد قدم خصيصاً من موسكو إلى لندن ثم إلى باريس لحضوره..
وذهل “فيكتور مارسدن” لدى اطلاعه على ذلك الكتاب المفقود فقرر تنبیه بني قومه إلى الخطر.. ولكنه لم يستطع العودة إلى لندن حتى عام ۱۹۲۱؛ بسبب الأحداث الروسية والحرب، وعمد منذ عودته إلى ترجمة هذا الكتاب إلى الإنكليزية ثم نشره بعنوان “بروتوكولات حكماء صهيون”.. وكان يعلم أنه مقدم على مخاطرة كبرى بنشره هذا الكتاب ذلك أنه تلقى عدداً من التحذيرات والتهديدات ولكنه لم يتراجع..
أدّى نشر هذا الكتاب إلى ضجة كبرى في إنكلترا ومن ثم في العالم أجمع.. وعمد المرابون العالميون لتفادي هذه الفضيحة الدامغة التي كشفت أمرهم إلى شن حملة دعائية معاكسة ضد “مارسدن” وتوجيه الاتهام التقليدي له – في الغرب – وهو العداء للسامية!
وقد جعلتُ من هذا الكتاب محوراً لأبحاثي الشخصية – المؤلف – ووصلت بعد أعوام طويلة من التحقيق والتنقيب والتدقيق في الوثائق كما ذكر في فصل سابق – إلى البراهين التي أكدت لي بصورة قاطعة أن وثائق البروفيسور “نیلوس” أَوْ “بروتوكولات حكماء صهيون” هي المحاضر الأصلية للاجتماع الذي عقده آمثل “روتشيلد” عام ۱۷۷۳ في فرنكفورت والذي نقلته بالتفصيل في الفصول السابقة ويجب أن أذكر بهذه المناسبة أن الوثائق الأصلية تضمنت بنوداً إضافية تعبر عن نية رؤوس قوى الشر منذئذ بإنشاء منظمات ذات شبكات عالمية يستخدمونها كالإدارة الرئيسية لتخريب المجتمع العالمي، وليست هذه المنظمات سوى الصهيونية والشيوعية قناعي أخطبوط الشر..
لم يستطع المرابون العالميون ضرب “مارسدن” علناً لأن أصدقاءه ورجالات إنكلترا تنبهوا للخطر وأحاطوه بحماية فورية.. كما أن ذلك كان كفيلاً بإثارة فضيحة مكشوفة.. وهكذا لبث في عمله على رأس جريدة “مورننغ بوست” حتى عام ۱۹۲۷ حين تمكنت الجهات الإنكليزية القوية المتنبهة لخطر اليهودية العالمية من حمل الحكومة البريطانية على اختياره مرافعة لولي العهد الدوق “أوف ويلز” وكان ولي العهد يعتزم القيام برحلة طويلة حول الامبراطورية البريطانية بكاملها فرافقه “مارسدن” في هذه الجولة..
ولم يكن ولي العهد نفس الرجل عندما عاد من هذه الرحلة.. فلم يعد الأمير المرح المسرف بل أصبح رجلاً جدياً عميق التفكير.. ذلك أن “مارسدن” أطلعه بصورة وافية على الوثائق والمعلومات التي كانت في حوزته وشرح له خفايا المؤامرة العالمية والدور الذي يلعبه المرابون العالميون اليهود من وراء الستار.. ولا ريب أنه ليس من قبيل الصدف أن “مارسدن” توفي فجأة بظروف غامضة عقب عودته من هذه الرحلة مباشرة..!
كان التغيير الذي طرأ على ولي العهد بعد عودته عميقاً شاملاً فقد كف عن ارتياد الحفلات ومرابع اللهو والمرح ليكرس وقته بأجمعه لدراسة الأمور السياسية والاقتصادية وللتعرف على أحوال الطبقة العاملة في شعبه.. وخرج بالتالي عن التقاليد المتوارثة في إنكلترا والتي تمنع الملك أَوْ ولي العهد من إبداء رأيه في الأمور العامة، فأخذ يعارض كُـلّ سياسة يعلم أنها من إيحاء المرابين العالميين اليهود وأصبح من الجلي أنه سيدخل في صراع جدي مع القوى الخفية التي تحكم إنكلترا.. وتحقق ذلك بالفعل عندما تولى العرش أخيراً في ۲۰ حزيران / يونيو 1936 باسم الملك “ادوارد الثامن”.
أدرك المرابون العالميون أن معركتهم مع ملك إنكلترا الجديد ستكون معركة فاصلة.. فلم يضيعوا دقيقة واحدة بل شرعوا في هجومهم على “ادوارد الثامن” منذ صعوده إلى العرش، ويجب ألا يغرب عن بالنا أنهم ذوو بال طويل في هذا المضمار منذ القرون الماضية وأنهم يمتلكون الخبرة والخطط المجربة المعدة سلفاً لمثل هذه العمليات.. وهكذا بدأت حملة التشهير المعروفة.. ولما كان من المعروف عن الملك أنه يعيش حياة جادة منذ عودته من رحلته السابقة فقد وجدوا من الصعب عليهم تلطيخ سمعته.. بيد أنهم سرعان ما عثروا على هدفهم المنشود في شخص السيدة “والي سميسون” وهي سيدة أمريكية مطلقة كان الملك يعتزم الزواج منها.. فتحركت أجهزة الدعاية الضخمة في هذا الاتجاه لإثارة الرأي العام الإنكليزي ضد هذه السيدة..
وأصبحت هذه القضية الشاغل الأول لإنكلترا بحيث وجد “ادوارد الثامن” نفسه مجبراً على الاختيار بين حلين: إما التنازل عن العرش أَوْ التخلي عن زواجه من هذه السيدة بعد أن اشتهرت كخطيبة وصديقته المقرَّبة، مما يشكل في هذه الحالة رضوخاً من قبله لإرادة أخصامه محركي الأحداث، وما كان كفيلاً بإفقاده احترام رعاياه.. وهكذا حمل اليه الإنذار باختيار أحد هذين الحلين رئيس الوزراء المستر “بالدوين” فاختار الحل الأول مفضِّلاً التنازُلَ عن العرش.
انتقلت إنكلترا إلى مرحلة جديدة بعد تنازل “ادوارد الثامن” فتحول فيها بين المرابين العالميين والأوساط الإنكليزية التي تقف في وجههم إلى صراع علني، وكان المرابون مصممون على ربح هذه المعركة بأي ثمن وإيصال صديقهم الأكبر “ونستون تشرشل” إلى سدة الحكم حتى يضمنوا نشوب الحرب.!!