برنامج رجال الله: معنى التسبيح كن مسبحًا لله، كن واثقًا بالله، وفي كل الحالات يكون همك هو رضا الله
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة:2) أليست هذه أول سورة الفاتحة؟ بعد: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة:1- 2) أول آية بعد البسملة تُصدَّر بالثناء على الله {الْحَمْدُ لِلَّهِ} أن يكون هو أهل للثناء عليه، أن يكون هو من يستحق الثناء عليه، فأن يثني على نفسه، ويثني عليه عباده يعني ذلك أنه منـزه، أنه الكامل الذي لا يليق به، لا يليق بكماله، لا يليق بجلاله أن يصدر منه هذا الشيء، أو هذا الشيء، أو أن يكون على هذا النحو في ذاته، أو أن يصدر منه هذا الفعل السيئ، هذا معنى: (سبحان الله العظيم وبحمده.. سبحان الله الأعلى وبحمده) الحمد معناه: الثناء على الله سبحانه وتعالى.
فأنت تنـزه الله في كل حالاتك، وأنت تحمده في كل حالاتك، تثني عليه في كل حالاتك، في حالة القيام، في حالة الركوع، في حالة السجود، فيما قد توحي به هذه الحالات الثلاث داخل الصلاة من حالات في واقع حياتك تمر بها أنت.
أليس الإنسان يمر في حياته بأحوال فيرى نفسه مرتاحًا، بخير، متوفر له حاجياته، لا يوجد عنده مشكلة، قد يحصل له مواقف تركِّعه، قد تحصل له مواقف أكبر أو مشاكل، هل الإنسان يبقى منتصبًا في حياته دائمًا؟ يمر بمشاكل. العرب كانوا يمثلون للمصائب الكبيرة بالدواهي، أو بقاصمة الظهر، أو يقولون: تثقل الكاهل. بعبارات من هذه تصوير للإنسان، وكأنه فيما إذا وقعت عليه مشكلة، أو مصيبة أو عانى معاناة من مرض في بدنه، أو مرض بأحد من أصدقائه، أو أفراد أسرته.. يتبادر إلى الذهن وكأنه شيء يثقل كاهله وسيحنيه.
أنت في كل حالاتك كن مسبحًا لله، كن واثقًا بالله، وفي كل الحالات يكون همك هو رضى الله، متى ما عرفت أن المعاناة التي أنت فيها هي في سبيله، المعاناة التي أنت فيها ليست خنوعًا لأعدائه، ليست ذلًا تحت وطأة أعدائه تحمَّل واصبر.. وهذا هو المطلوب من المؤمن أن يتجلد، أن يكون لديه حالة من الجلد، التجلد والتصبر.
هذا النوع من المؤمنين هو الذي يستطيع أن يقف المواقف المهمة في سبيل إعلاء كلمة الله، أما الذي يسقط من أول شدة يتعرض لها، سواء تحصل له شدائد في نفسه… بعض الناس قد يرى نفسه متى ما توجه توجهًا إيمانيًا ثم مرض أحد من أقاربه، ثم حصل بَرَد على أمواله، ثم حصل كذا.. وهو يتجه هذا الإتجاه.. فيحاول أن يتخذ قرارًا آخر بأنه يبطِّل، فيدعو الله فلا يرى أنها استجيبت دعوته، يرجع ينفر في الله: [كم ادّعينا وما جوَّب، ما هو نافع إلا يقم واحد هو يدوِّر، يتحرك هو].
هذه كلها تدل على جهل شديد، جهل شديد بالله سبحانه وتعالى، جهل بالحياة، جهل بقصورنا أننا قاصرون، أننا ناقصون.
أنت تعيش في حالة تمنن على الله سبحانه وتعالى عندما ترى بأنك – الحمد لله – أصبحت تتجه باتجاه الفئة الفلانية، أو نحن – الحمد لله – أصبحنا الآن اتجاهنا متدينين – كما يقال – ثم قد أنت منتظر من بعد.. ولا عاد ولا أي شيء يمَسَّك، قد أنت منتظر إنك ما عاد تلقى أية مصيبة. [ها ما عاد نشتي يحصل أي حاجة]!
قد تأتي أشياء أخرى هي بما كسبت يدك، أو أشياء أخرى هي بما كسبت أيدي الآخرين من المجرمين، ثم تغضب على الله؛ لأنك لم تعرف بأنك لا تزال قاصرًا وناقصًا أنت.
نحن قلنا في محاضرة يوم الخميس حول قول الله تعالى لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو الإنسان الكامل، رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) الكامل في إيمانه، في تقواه، في طهارة نفسه، في حرصه على هداية عباد الله. عندما