الاحتفال بيوم الغدير.. احتفاءٌ بيوم الحق
الشيخ عبدالباسط سران
تحتفلُ بلادُنا ومعها العديدُ من الشعوب المؤمنة والصادقة بيوم الحق والصدق، يوم ولاية أمير المؤمنين – عليه السلام – ذلك اليوم المشهود في التأريخ الإسْـلَامي، والذي قام رَسُـوْلنا الكريم – صلواتُ ربي عليه وعلى آله وسلامه – أثناء عودته من حجة الوداع بالوقوف في هذا المكان المشهود، وألقى خطبته العصماء، في الثامن عشر من ذي الحجة الحرام في العام العاشر من الهجرة النبوية حيث نزل عند غدير في أرضٍ تُسمى “خم”، وصعد رَسُـوْلنا الكريم على منبرٍ من أسرجة الإبل، وخطب خطبةً عظيمة، وضَّح فيها الحق، ومع من الحق، ولمن يكون الحق من بعده، وقال لهم: «تركتُ ما إن تـمسكتم به.. كتابَ الله وعترتي – أهلَ بيتي»، ثم واصل كلامه بالقول: «معاشرَ الناس! ألست أولى بكم من أنفسكم؟! قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه.. ثم رفع يديه نحو السماء ودعا له ولمن ينصره ويتولاه فقال: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله».. تلك الخطبة المشهورة في كُـلّ الحديث والسير والتأريخ الإسْـلَامي، وباعتراف جمهور كبير من علماء المسلمين من شتى الطوائف والفرق والأحزاب بهذه الواقعة، ولا ينكرها إلا حاقد أَوْ مُظل.
فوضَّح هنا رَسُـوْلنا الكريم – صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الكرام– منهج حياتنا فيما بعد رحيله إلى الرفيق الأعلى، بل وأمر بنصب خيمةٍ كبيرة، وأجلس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – عليه السلام – في مقدمتها، وأمرَّ جميع من كان معه أن يحضروا عنده جماعاتٍ وأفراداً، ليسلموا عليه ويبايعوه، وبايع كُـلّ من كان مع رَسُـوْلنا الكريم في حجة الوداع بـما فيهم كبار الصحابة أجمعين أمير المؤمنين عليٌّ.
وهنا.. وفي هذا الموقف لستُ بساردٍ أَوْ كاتبٍ لكل ما جاء في هذه الخطبة العصماء، وفي ذلك اليوم المشهود إلى يوم الدين، ولكنني أُذَكِر الناس جميعاً بأن هناك ولايةٌ وعهد، تخلَّى عنه المسلمون بقصدٍ أَوْ بدون، ولكن وقد اتضحت الحقيقة الساطعة والرؤية السديدة؛ فيجب علينا جميعاً أن نُبادِرَ ونوضح تلك البيّنة الحقَّة، والبرهان الساطع، والتي لن تنطفئ حتى يوم الدين عند جمهور الناس والمواطنين من أجل المعرفة الصادقة والتامة بـمقام ومكان آل بيت رَسُـوْل الله.
يا اللهُ ها هي الأيام تتشابه، والأحداث تتوالى وتتكرر؛ فلو عملنا مقارنةً فيما حدث في يوم الغدير وما حدث أَوْ يحدث بصورةٍ يوميةٍ في بلادنا، نجد بأن الحق يتعرّض للعدوان والتدمير، ولكل صور الإنكار والإجحاف، وكأنني أشاهد يوم غدير خُم وما تلاه من نكرانٍ وإجحادٍ في حق آل بيت رَسُـوْل الله بين عيني، كيف ذلك؟!!؛ فاليمنيون يعانون على ما يقارب من أربعة أعوام كاملة من عدوانٍ بشعٍ وقذرٍ استهدف كُـلّ شيء، ولم يترك شيئاً لا الطفل في المدرسة، ولا المريض في المستشفى، ولا المزارع في حقله، ولا العامل في مصنعه، ولا الصياد في عرض البحر، يتعرض اليمن لحربٍ ضروس ابتدأت منذ شهادة الإمام علي – كرم الله وجهه – لليمن وأهله، حيث قال: «ولو كنت آمرٍ بباب جنةٍ لقلت لهمدان أدخلوا بسلامِ».. والتأريخ سلسلة متلاحقة، ومتشابهة، ابتدأت بتعرّض الإمام علي للخديعة والمكر أثناء عودته من اليمن، ثم مروراً بأحداث صفين والجمل، وظهور الخوارج، وانتهاءً بالحرب الكونية العظيمة على آل بيت رَسُـوْل الله، وما الحرب والعدوان على بلادنا إلا جزءاً من الحرب الكونية على بيت رَسُـوْل الله، وعلى محبيه والمقتدين بنهجهم.
سيذكر التأريخ وكتبه، وسيدوِّن المؤرخون والكُتَّاب الموقف العظيم والنبيل لأهل اليمن في نصرة الحق، ونصرة الولاية الحقَّة، وإننا على الحق سائرون لا محالة، وسينصرنا الله والله على كُـلّ شيءٍ قدير.