فوق مخيلات الأكشن
صلاح الدكّاك
يحتفظُ (الإعلامُ الحربيُّ) لجيشنا اليمني ولجاننا الشعبية، بوفرة من الخوارقِ البطولية التي يجترحُها رجالُنا في مضامير المواجهة مع تحالف قوى العدوان الأمريكي، وكما يؤكّـد زميلُنا البديعُ يحيى الشامي في خاتمة تقريرِه عن مشهد المقاتل بالحجار في جبهة (البيضاء) فإنَّ المشهدَ الذي شَدَهَ ملايين المشاهدين ليس إلا نزراً من كثيرِ مشاهدَ توثق بالصوت والصورة وقائع بطولية لو رويت مشافهة لما أمكن لصديق -عِوضاً عن عدو- تصديقها.
(عيسى أبو قاصف) بطلُ مشهد (البيضاء) ليس كائناً مفارقاً للطبيعة البشرية، بل مجاهد تنضح خلف أضلاعه ينابيع إيْمَـان كفيلة بأن تكسر مقاييس الممكنات التي بمقدور مخيلة؛ لم تخبر الطاقة الخلاقة للإيْمَـان، أن تستسيغها كمصاف أعلى لفعل فذ ومغاير.
لا يعرض (إعلامُنا الحربي) مقاطعَ (أكشن) يستهدفُ بها استقطابَ أَكْبَـر عدد من المشاهدين على وسائط الاتصال التقليدية والإلكترونية..
كما أننا لا نرمي لاستعطاف الأفئدة بعرضِ أشلاء أطفالنا من ضحايا مجازر العدوان في المدارس والمنازل والطرقات، فإننا لا نرمي لتحطيمِ أرقام مشاهدة قياسية بعرض بسالة رجالنا في جبهات العزة والشرف.. في الأولى نحن نرمي لإجلاء حقائق مظلومية شعبنا التي تجتهد ترسانة ميديا العدوان الكونية في حجبها وإعدامها والتدليس عليها؛ لنقيم الحُجَّـة على العالم المنافق والمحايد والمتواطئ والوالغ في دمنا..
وفي الأُخْـرَى نحن نرمي لإجلاء مشروعية الرد انتصافاً لمظلومية لا مناص للجحود بها، كما وإجلاء مستوى ما نحن عليه من ثبات ورسوخ وإيْمَـان بهذه المظلومية الجلية للأبصار، ومستوى جهوزيتنا للتضحية في سبيلها لا بطراً ولا أشراً ولا عدواناً على أحد، وإنما نشداناً لردع الاستكبار وجلاديه عن لحمنا ودمنا وترابنا وحقنا في حرية بلدنا واستقلال قرارنا الوطني، وإرساءً لقواعد سلام لا ذلة فيه ولا ضعة!
هل تقرأ عوينات العالم ما وراء بطولات مقاتلي جيشنا ولجاننا، من قضايا عادلة وحقوق لا حيف فيها ولا جدال، ومشروعية وجود إنْسَـاني تتجلى أشواق بلوغه لاهبةً متوقدة من محاجر (عيسى أبو قاصف) ورفاقه الأبطال الذين يجترحون المعجزات بدافع من هذه الأشواق الإنْسَـانية الدفاقة النقية، لا بدافع النجومية في حلبة (مجالدة رومانية) مكتظة بقطعان المتعطشين للإثارة الناجمة عن فرط وحشية المجالدين وتهاوي الفؤوس الضخمة وجندلة الأعضاء وفوران الدم البشري!
لسنا موضوعاً للرثاء ولا لفغر الأفواه دهشة.. نحن شعب يشق بالأظافر والمحاجر طريقه إلى الحرية الخالصة وسط غابة من الخذلان والنفاق العالمي.