بين يدي الشهيد العظيم عيسى العكدة أبو قاصف .. بقلم/ حسن زيد
معنى العزة والسيادة
ياسرٌ وسمية كانا عبدَين مملوكين لسيد يُرْهِبُهما بالسوط، آمنا فتحرّرا، تحرّرا من العبودية، من القبول بالذل، من الخوف من السوط.
حاول السيدُ العبدُ أن يعيدهما إلى حالتهما الأولى فلم ينجح، استخدم أقصى ما يستطيعه من العنف ولم يفلح، قتلهما فاستشهدا.
بقتلهما انتصرا عليه؛ لأنَّه لم ولن يتمكّن من إعادتهما إلى حالتهما الأولى، حالة العبودية التي كانا يستشعرانها وَيعيشانها – حالة الذل والخوف التي أقنعتهما إنهما ملك لإنْسَــان آخر متاع، مجرد أشياء تُمتلك وتباع وتشترى-.
ما الذي تغير في حياتهما؟
هل ازدادا قوةً ورخاءَ ودعة ووداعة؟
لا..
الذي حدث أنهما استشعرا عظمتهما، استشعرا قوتهما، آمنا بأن فيهما من روح الله.
وتلك هي حالة العزة التي أخبرنا اللهُ بها.
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين..
العزةُ ليست في القوة المادية والترَفِ والدعة وتوفر الإمْكَانات المادية مع الذل والعبودية لغير الله.
العزة شعورٌ بالكرامة بتقدير الإنْسَــان لنفسه بإيْمَـانه بأنه حرٌّ.
وهذه حالةُ بعض اليمنيين الذين آمنوا بأنهم أقوى من الجبروت الأمريكي.
الذين هتفوا ويهتفون:
الله أَكْبَــر..
الموت لأمريكا..
الموت لإسرائيل..
الذين أماتوا الأصنامَ المعاصرةَ -أمريكا وإسرائيل وعملاءهم وعبيدهم وأدواتهم- في نفوسهم.
أماتوا الخوفَ من القوة المادية الطاغية التي تمثلها أمريكا.
اماتوا في أنفسهم وثنَ الاستكبار العالمي.
فتحرّروا؛ ولهذا لم يرهبوا الأواكس وأحدَثَ الطائرات، لم يرهبوا الصواريخ الذكية والمدرّعات المحصّنة.
قتلوا الخوف؛ لأنَّهم آمنوا فعلاً وقولاً بأن الله أَكْبَــر.
وهذه هي الثورة وغداً سيقطفون ثمارَ العزة والكرامة مع أن الشعور بهما يكفي لوحده.
أي حَدَثٍ إنْسَــاني عظيم لا يمكن أن يمُرَّ بسهولة؛ لأنَّ قوى الشر، قوى الهزيمة الجبناء سيواجهونه، سيحاصرونه، سيحاربونه، لن يمنحوه الفرصة للنمو.
وهذا عينُ ما يحدُثُ لثورات اليمنية.
لن يشتدَّ عُودُها ولن تزداد قوةً إلا بما يجري لها ليميزَ الخبيث من الطيب.
لا تتوقعوا ممن يحتقرون ذواتهم، من لا يشعرون بكرامتهم، مَن امتهنوا أنفسهم، أن يشعروا بعظمة الثورة التي حدثت؛ لأنَّهم يفضّلون أن يظلوا عملاءَ.
من يرفضون العزة والكرامة التي يسطّرها الشبابُ المجاهدون في ميادين العزّة، هم المهزومون العملاء حتى لو لم يقاتلوا مع المعتدي.
العمالة حالةٌ نفسيةٌ وجدانية (تعني احتقارَ الذات).
عظمة الثقافة الثورية تقاس بأثرها على نفسية المواطن ونظرته لنفسه.
اليمني الذي هزمته كم زورق ارتيري ولديه من العتاد والسلاح الكبير والكثير، يتصدى اليوم بصدره العاري لتحالف من قوى الشر في العالم كلها.
اليمني الذي جَبُنَ عن الدفاع عن حدوده وحمايتها وكانت وظيفته حمايةَ أصحاب المواكب فقط وقمع أبناء الوطن.
اليمني الذي كانت السلطاتُ المتعاقبةُ تحتقرُه وتحقِّرُه تحوَّلَ إلى الشباب الذين يسجلون أروع البطولات في ميدان العزة وهم نتاجٌ أَوْ تعبيرٌ عن هذه الثورة.
القدرة الصاروخية التي وصلت إلى ينبُع شمال البحر الأحمر هي تعبيرٌ عن حالة تغيُّر في القدرة اليمنية.
الشاب الذي كان يشعُرُ باحتقار نفسه مقارنةً بزميله في أي مكان في العالم بات يثقُ بأنه سيغيّر التأريخ، وهذه هي الثورة الحقيقية.
العزةُ تتجلى كُـلَّ لحظة في ٤٨ جبهةً وفِي كُـلّ نقطة تفتيش تتصدى للإرهاب.
المقاومة للعدوان غيّرت نظرةَ اليمني إلى نفسه.
أقبحُ من العدوان والحرب والقتل إعطاؤها بُعداً مذهبياً وطائفياً وعِرْقياً وجِهوياً، وتتحمَّلُ القوى والشخصياتُ السياسيّة والفكرية المسؤوليةَ عن تحويلها كذلك.