الرئيس مهدي المشاط في خطاب بالذكرى 55 لثورة الرابع عشر من أكتوبر:
نص خطاب فخامة رئيس الجمهورية أ. مهدي المشاط في الذكرى 55 لثورة الرابع عشر من أكتوبر
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على الرسول الأمين، وعلى الآل الطيبين، والصحابة المنتجبين وبعدُ..
باسمي ونيابةً عن زملائي في المجلس السياسي الأعلى، أهنئ شعبَنَا الصامدَ المجاهِدَ، بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة.
كما ويطيبُ لي أن أهنئ رِفاقَ السلاح من رجالنا البواسل، جيشاً وأمناً وقبائلَ.
والتهنئة موصولة لكل أبناء الوطن الشرفاء في الداخل والخارج.
أَيُّهَا الشعبُ اليمني العظيم
إنَّ الاحتفاءَ بهذا الذكرى يجب أن يتحولَ –اليوم- إلى فرصةٍ لاستعادة تلك الروح اليمنية التي ظلت تشُدُّ أواصرَ القُربى بين أبناء الوطن الواحد، وتستنفر كُــلّ مقتضيات الإخاء، وكل معاني الشهامة والتعاون والتكامل في أوساط الشعب حتى صنعت الرابعَ عشرَ من أكتوبر المجيد.
وعلى طريقِ هذه الاستعادة المهمة، يجب علينا -اليوم- أن نصغيَ لصوت تلك المرحلة من التأريخ وهي تنقل لنا أنينَ عدن، وحنينَ صنعاء، وتذكرنا برجال كرام تنادوا إلى السلاح والكفاح، حين عزَّ عليهم أن يروا وطنَهم مسلوبَ السيادة والإرادة، وحين حز في نفوسهم أن يروا أرضهم مسرحا لعبث المحتلّ الأجنبي.
نعم أَيُّـها الإخوة والأخوات (ما أحوجنا لبعضنا، والأرض كذلك ما أحوجَها لبعضها)..
ولهذا الغرض فقد صار لزاماً علينا جميعاً -في شمال اليمن وجنوبه- أن نبحرَ عميقاً في فصول الرابع عشر من أكتوبر، وفي دلالات وملابسات ذكراها الخامسة والخمسين، وما تتعرض له بلادنا من مؤامرات ومُخَطّـطات لا توفر طرفاً دون طرف، ولا منطقةً دون أُخْــرَى.
يجبُ أن نتذكرَ صنعاءَ وهي تستقبل الشيخ الحكيمي في مطلع الخمسينيات، وتبشر بثورة الرابع عشر من أكتوبر قبل ميلادها.
يجبُ أن نتذكرها وهي تراكم الوعي الثوري، وتبث صوت الجنوب من إذاعتها، وهي تجمع السلاح والتبرعات من صعدة وعمران، ومن الجوف ومأرب والمحويت، وهي تحَـرّك قوافل الإمداد من إب والحديدة والبيضاء وذمار، وهي تفعل كُــلّ ذلك وأَكْثَــر من ذلك، لعيون الأهل في عدن وشبوة، وفي لحج والضالع، وأبين وحضرموت، وكل المناطق في جنوبنا المحتلّ
علينا أن نتذكرَها وهي تتخلى عن لقب العاصمة، وتنقل مركزها إلى قلب الحالمة تعز لكي تكون أَكْثَــرَ قُرباً من عدن الجريحة آنذاك.
وفي صفحة التأريخ المجيد علينا أَيْضاً أن نتذكر تعز، وهي تستقبلُ العيدروس وجموعَ النازحين، وتحتضنُ الثوارَ ومعسكراتِ التدريب، وَتجهّزُ المقاتلين ومواكبَ القادة والمناضلين.
يجبُ أن نتذكرَها وهي تزفُّ إلى سوح الوغى ومقارعة المحتلّ عبداللطيف الشعبي، وعبدالفتاح إسماعيل، وقحطان وعبدالحميد الشعبي، وعلي عنتر وسالم رُبَيِّع علي، والسلامي والشرجبي وغيرهم من الثوار.
وفي الجانب الآخر من مشهد الوطن الواحد، والنضال اليمني الموحد، علينا أن نتذكر كُــلّ إرهاصات الثورة الخالدة، ودور العُمّال والنقابات، ومطالبات الطلاب والنُّخَب برحيل العدوّ الأجنبي المحتلّ.
علينا أن نصغيَ لانتفاضة قبائل يافع، وانتفاضة قبائل سيسان والمناهيل في حضرموت، وقبائل الزبيري في العوالق، ونستحضر كمائن واقتحامات قبائل الشاعري والدكام، والحميدي والأحمدي والأزرقي، والمحاربة وجحافة، وبني سعيد وحالمين، ونصغي لطلائع الشباب والثوار في المهرة وفي لحج والضالع.
علينا أن نشاهدَ عدن وهي تنتفضُ في وجه المحتلّ، وعلينا أن نستحضرَ في المشهد بندقية لبوزة وهي تعلن البيانَ الأولَ من عوالي القمم في ردفان، وتعزفُ بالرصاص المذلق لحنَ الثورة وأهازيج الثوار، وعلينا أن نرى إلى جانبها بنادقَ كُــلّ الثوار والأحرار وهي تقرأ نفسَ البيان، وتعزفُ نفسَ اللحن على امتداد جنوبنا الحبيب.
علينا أن نستحضرَ دماءَ الشهداء وهي تصبغ الأرض بلون الحرية، وتحرق وجه المحتلّ، وتطوي مرتزِقته الرخاص في مزابل التأريخ.
أَيُّهَا الإخوة والأخوات:
إننا اليوم بحاجة إلى تذكر كُــلّ ذلك؛ لأنَّنا نحتفي بهذه المناسبة وجنوب اليمن العزيز -الذي حرّرته تلك الثورة وطهّرته تلك الدماء- يرزحُ اليومَ تحتَ الاحتلال من جديد.
ولأننا أَيْضاً نشاهدُ اليومَ انحرافاً مخزياً عن كُــلّ ذلك التأريخ المهيب، وقُبحاً عجيباً تحول معه الكثيرون -مع الأسف- إلى دُمَىً، وإلى مرتزِقة وأدوات، وبدلاً عن أن نجدَ نماذجَ للثائر الكبير راجح لبوزة ومئات المقاتلين معه ممن وضعوا أيديهم في أيدي إخوتهم من أبناء الشمال وشاركوهم الاشتباك والقتال ضد القُــوَّات التابعة للسعوديّة في مطلع الستينيات، نجد اليوم أسماءً تعُفُّ الألسن عن ذكرها، وَنماذجَ أُخْــرَى مختلفة ومقزّزة تبيع الأرض والعرض، وتواجه الأهلين وذوي الرحم، جنباً إلى جنب مع جنجويد السودان ومرتزِقة السنغال، وفلول القاعدة وداعش، ودفاعاً عن حدود السعوديّة وجنود الإمارات، وخدمةً -في المجمل- لغزاةٍ أجانبَ، تتعدّد لغاتهم وألوانهم وجنسياتهم.
فما أَكْثَــرَ حزنَنا اليوم، وما أشدَّ أسانا، ونحن نرى مشهدَ الاحتلال والارتزاق يتكرّر، وما أثقلها من لحظات عندما تطل أرواح الآباء والأجداد على مشهد كهذا المشهد، وفي يوم كهذا اليوم، وعلى نفس الأرض والمناطق التي سالت عليها دماؤهم الزكية، وجرت على أديمها نضالاتُهم، وقامت من أجل تحريرها ثورتهم الخالدة.
ومع كُــلِّ ما نشعُرُ به من الحزن والألم، إلا أننا نشاطرُ شعبنا العظيم مشاعر الفخر والاعتزاز إزاء رفضه المتعاظم لهذا العدوان البغيض، وإزاء مواقف الرجال الكرام على امتداد الوطن الحبيب من أقصى نقطة في صعدةَ إلى أقصى نقطة في المهرة
نعم لقد أصبح الرابعُ عشرَ من أكتوبر ذلك اليومَ الاستثنائي الذي يستطيع -في لحظة واحدة- أن يخلط في صدور الأحرار مشاعر الحزن والأسى، والسعادة والأمل، مثلما أصبح ذلك اليوم الذي يلتقي فيه الماضي والحاضر بكل ما فيهما من شخوصٍ ووجوهٍ ومواقفَ.
أَيُّهَا الإخوة والاخوات:
إنكم اليوم بمواقفِكم الصارمة ضد العدوان والاحتلال لا تعيدون لثورة الرابع عشر من أكتوبر أَلَقَها ووهجَها فحسب، وإنما أنتم اليوم تضيفون إليها دلالاتٍ وأبعاداً عميقة وجديدة، وتمنحونها قدرةً هائلةً ومذهلةً، في تعرية مَن غدروا بها، ومن تنكّروا لتضحياتها، وأضاعوا مكاسبَها وقِيَمَها.
فبفضل مواقفكم المشرِّفة لم يعد لقوى العمالة والارتزاق أيُّ اقتدار على ممارسة التضليل، فاليوم لم يعد بإمكانهم قتلُ الثورة باسم الثورة كما كانوا يفعلون في السابق، ولم يعد في مقدورهم أَيْضاً أن يتغنوا بثورة أكتوبر وطردِ المحتلّ دون أن يتحولوا في نظر الشعب والعالم إلى مادةٍ للسخرية والازدراء.
الأمرُ الذي يعني أن شعبَنا اليمني العظيم قد نجح نجاحاً كبيراً في استعادة هُويته وتأريخه من أيدي اللصوص، وبات اليوم يحوّلها إلى مَصْدَرٍ لليقين وكشفِ الحقائق، وإلى مختبر لتجلية الرؤى، وتصويب الأخطاء، وتحصين المواقف، وبناء الوعي، وشَحْذِ الهمم، وشَدِّ العزائم، وهذا هو كُــلُّ ما نحتاجه في اقتحام الصعاب، وصناعة الاستحقاق، وفي كُــلّ ما تتطلبه رحلة العبور نحو الحرية والاستقلال والنهوض.
أَيُّهَا الشعب اليمني العظيم:
وفي ظِلِّ وتيرةٍ متصاعدةٍ من الإصرار والإصرار المضادّ بين شعب يتوقُ إلى الحرية وبين محتلّ يتشبَّثُ بالبقاء والعبث، علينا أن نستبشرَ بالنصر وأنْ لا نسمح لليأس بالتسلل إلى قلب أحد منا، فالتأريخُ يعلمنا أن نضالاتِ الشعوب تدوم وتستمرُّ، وأن طريقَها ينتهي عادةً بالانتصار والمجد، مثلما يعلمنا التأريخ أَيْضاً بأن مطامع المحتلّ تنتهي بالفشل، ومكابرته تنتهي بالهزيمة.
وبحمد الله تعالى كُــلّ يوم يمر ونحن أَكْثَــر عزماً، وأشد فتكاً، بل ولا وجهَ للمقارنة بين وضعنا العسكري اليوم وبين وضعنا العسكري في بداية العدوان، فإرادةُ إخوتكم الصابرين تنمو، وخبراتهم تتراكم، وقدراتهم تتعاظم، وفوق ذلك ها هي المتغيرات والمؤشرات تنبعث -محلياً وإقليمياً ودولياً- لتؤكّدَ من جديد بأن كُــلَّ المواقف والأحداث هي اليوم تسير لصالح المستضعفين، على نفس ذلك النسق، ووفق تلك السنن الإلهية التي لا تتغير معادلاتها، ولا تتخلف نتائجها.
أَيُّهَا الإخوة والأخوات
لقد استنفد العدوُّ كُــلَّ رِهاناته وهو الآن يراهنُ على ورقة التجويع، والعبث بالعُملة؛ في محاولة منه لإفساد الحصاد، وضرب بيئة الصمود، وتحويلها إلى بيئة قابلة للاختراق والتوظيف؛ بهدفِ التجنيد المضاد، وزعزعة الأمن والاستقرار، لكنه رغم ذلك يثبتُ لنا من جديد بأنه ما يزال -حتى الآن يجهلُ تماماً- طبيعتَكم وطبيعة هذا الشعب اليمني العظيم.
لم يدركْ بعدُ أن من يخوضَ الأهوالَ الجِسامَ ويتحلى بهذا المستوى من العطاء والفِداء لا يمكنه أن يساومَ على المبادئ، ولم يدركْ بعدُ أن قوافلَ الشهداء التي تنتمي إلى كُــلّ بيت وإلى كُــلّ أُسرة وعشيرة قد حوّلت كُــلّ اليمنيين الشرفاء إلى أسرة واحدة، وموقف واحد، وكتلة صلبة يصعُبُ كسرُها أَوْ اختراقُها، ومع أنه قد مسَّنا وَشعبنا الضُّرُّ جراء هذه الورقة المقيتة (اللاإنْسَانية واللاأَخْلَاقية) والتي تُمَثِّـلُ في جوهرها واحدةً من أخطر جرائم الحرب، إلا أن شعبَنا العظيم فاجأ العدوَّ وصنع من جوعه بركاناً متعاظماً في وجهه، وَها هي اليوم ثورة الشعب تملأ الجبهات بالمقاتلين وعلى نحو غير مسبوق، وتملأ المناطق التي تقع تحت سيطرة العدوّ بالسخط والرفض، والمطالبة الحثيثة بطرده من البلاد، وها هي -يوماً بعد آخر- توحد وجهات النظر، وتقرب المسافات بين فرقاء الداخل.
وعبثاً يحاوِلُ العدوّ أن يَحْرِفَ مسارَ هذه الثورة، لكن جهله بحقيقة هذا الشعب -كما أسلفتُ- سيظل يصفعُه بالفشل كُــلّ يوم؛ ولأن هذه الثورة هي ثورتنا فإنه لا يمكن لصناع الجوع والتجويع الجائعين شرفا وكرامة والمتخمين فساداً وعمالةً، أن يمتطوا ثورة الشرفاء، وثورة الصابرين الكرام، ومن هنا نؤكّد بأن ثورتنا قائمة ومستمرّة ولن تحيد عن طريقها، أَوْ تخرج عن مسارها إلى غير عدونا الذي يحاصر شعبنا، ويحتلُّ أرضنا، ويدمّــر مصانعنا ومزارعنا، وكل مصادر دخلنا، والذي يعبث بالعُملة، ويستحوذ على بنكنا المركزي وعلى غازنا ونفطنا وكل ثروات بلادنا، ويعيق حتى المساعدات الإنْسَانية؛ لذلك نحن هنا نُهيبُ بالجميع مواصلةَ الزحف نحو العدوّ، ونعبِّرُ على الدوام عن اعتزازنا الذي لا يضاهى بمستوى الاستجابة لنداءاتِ قائد الثورة، وعن عظيم ارتياحنا بهذا الوعي الكبير الذي يتمتع به المواطن الشريف والكريم في عموم اليمن.
وأختم بالرسائل والنقاط التالية:
- ننبّه إلى أن العدوَّ يحاول جاهداً الإضرار بأمن مجتمعنا، ويتحَـرّك على هذا الأساس تحت عناوينَ كثيرةٍ وبأساليبَ متعددةٍ ومتنوعة، وقد ظهرت مؤخّراً أبواق إماراتية وسعوديّة تعبّر عن تحسُّرِها الشديد، وتهاجم المرتزِقة وتلومهم لفشلهم حتى الآن، وعدم تمكّنهم خلال الأربع سنوات من زعزعة أمن الناس في صنعاء، وتدعو بشكل صريح ومعلَن إلى التفجير والتخريب وإشعال الحرائق وإشاعة الفوضى، وإزاء كُــلّ تلك الدعوات والمحاولات المعادية والمشحونة بالحقد والكراهية، فإننا -ومن موقع المسؤولية والثقة بالله وبالعيون الساهرة في سبيله، ومن منطلق الوفاء لدماء الشهداء الأبرار، والاعتزاز بوعي المجتمع، وبجهود المخلصين لربهم ووطنهم وشعبهم من رجال ونساء القُــوَّة الأمنية الضاربة- نطمئن كُــلّ أعزائنا المواطنين والمواطنات بأنه لا قلقَ بالمطلق، ونجدّدُ لهم العهدَ بالسهر على أمنهم، ورعاية مصالحهم، ونتعهّدُ بالعمل على إفشال كُــلّ مُخَطّـطات وتوجهات العدوّ، وبملاحقة كُــلّ ذيوله وأدواته وعدم السماح لها بأية أنشطة تمُسُّ أمن المواطنين، أَوْ تضر بمصالحهم أَوْ تستهدفُ صمود وتماسك الجبهة الداخلية تحت أي عنوان، وفي أي زمان ومكان، ونوجه الجهات المختصة بوضع هذا التعهد موضع التنفيذ، ونؤكّدُ في المقابل بأننا لن نسمحَ بأية مخالفات أَوْ انتهاكات تحت مبرّر الهاجس الأمني، ونشدّد في هذا الصدد على ضرورة التحري والتروي، والاستناد الدائم في كُــلّ الإجراءات إلى المعلومة الصحيحة والموثوقة، ونؤكّدُ بأن أيَّ تصرف لا يستندُ إلى المعلومة الموثوقة ولا يتم طبقاً للنظام والقانون سيكونُ بالنسبة لنا تعسفاً مرفوضاً لن نتوانى في ضبطه وتصحيحه.
كما نذكِّرُ كُــلَّ المواطنين الأعزاء والمواطنات العزيزات بأن نعمةَ الأمن التي تتمتعُ بها عاصمتُنا اليومَ هي نتاجٌ لرعاية الله، وثمرةٌ من ثمار وعيكم وصبركم وصمودكم، ويقظة أبنائكم في الأجهزة الأمنية، والحِفاظُ عليها هو التزامٌ وواجبٌ ديني ووطني يقعُ على عاتق الجميع، ويصُبُّ في مصلحة الجميع، وبالتالي فإنَّ علينا جميعاً أن نتعاونَ في صَوْنِ هذه النعمة بحدقات عيوننا، ولنا في ما يتعرض له أهلنا في جنوبنا المحتلّ من الخوف والقلق والفوضى ومن القتل والنهب وانعدام الأمن منتهى العبرة وأبلغ الدروس.
- وعلى صعيد التخفيفِ من المعاناة التي يصنعها العدوّ، نؤكّدُ لشعبنا بأننا لم ولن ندخر جهداً ولا وِسْعاً في سبيل تحقيق ذلك، وقد سلكنا أَكْثَــرَ من طريق واتخذنا أَكْثَــرَ من مسار، ولم نكتفِ بمسارٍ دون آخر، وإنما أولينا كُــلّ المسارات أعلى درجات الاهتمام، بدءاً بالمسار السياسي والدبلوماسي ومخاطَبة العالم ووضعه في صورة الوضع القائم، والمطالبة الدائمة بإلزام العدوّ وإجباره على احترام أَخْلَاق وقوانين الحروب، إلى جانب تقديم المبادرات والتنازلات والدعوات المتكرّرة إلى تحييد البنك المركزي والاقتصاد بشكل عام، واستمرار التواصل مع المبعوث الأممي الذي يعمل حالياً على الكثير من القضايا، ويبذُلُ الكثير من الجهود بغية التخفيف من المعاناة، واستئناف العملية السياسية، ولا شك أن من يؤخّر النتائج في هذا المسار هو الطرفُ الآخر بما يُظْهِرُهُ من تعنت وإصرار على إبقاء اليمن وشعبها تحت القصف والحصار والمعاناة.
وفي مسار آخر تتواصَلُ الإصلاحات الداخلية وضبط المتلاعبين بالأسعار، ويتواصلُ العملُ في محاربة الفساد وتنمية الموارد رغم شُحَّتِها، ونحاول جاهدين تجميع الريال جنب الريال؛ حرصاً على ضمان توفير ما يمكن توفيره من المرتبات، إلى جانب تسهيل عمل المنظّـمات وجلب المزيد من المساعدات والتعاون في توفير بعض المساعدات للمواطنين، والعمل جاري أَيْضاً على توفيرها كحوافز للموظفين في القطاعات الضرورية والملحة لخدمة المجتمع.
- وابتهاجاً بهذه الذكرى الخالدة نوجِّهُ وزارةَ المالية بصرف نصف راتب ومواصَلة استكمال الجهود في ما يتعلق بإنفاذ الخطط المتعلقة بتوفير المساعدة المستدامة وبأقصى ما يسمح به الكل الممكن من الإمكانات، والكل المستطاع من الجهود.
- نؤكّدُ جاهزيتَنا الدائمةَ للسلام العادل والشامل، وندعو كُــلّ الفُرقاء إلى مصالحة وطنية تضمن شراكة ومصالح الجميع، وتصونُ كرامة واعتبارَ الجميع، وتحفظ وتنمي ما تبقى من أواصر القُربى ومعاني الإخاء، كما نجدِّدُ التزامَنا بإعلان العفو العام، ولكل من قرّر التخليَ عن العدوّ الأجنبي الأمنُ والأمانُ والتقديرُ والاحترامُ، ونذكّرُ بأن التأريخ لا يرحم، وأنه يورث الخزي والعار، مثلما يورث الشرفَ والمجد، وقبل هذا وذاك ثَمَّة ربٌّ عظيمٌ لن يغفرَ لمَن يساند الظالمين والمستكبرين وقتَلَة الأسرى والآمنين من الرجال والنساء والولدان.
- نجدّدُ الالتزامَ بالتعاون مع المبعوث الأممي ودعم الجهود التي يبذلُها من أجل السلام، ونرحّبُ بموقف الاتّحاد الأوربي الأخير ونقدر توجهاتِه الداعمة لوقف الحرب وفتح المطار ورفع الحصار عن اليمن، كما نُقدِّرُ عالياً دعواتِه المتكرّرةَ إلى وقف صفقات الأسلحة مع السعوديّة والدول المشاركة في العدوان على بلادنا، وندعو بقية الدول المتورطة في دعم جرائم السعوديّة وحلفائها بحق اليمن، إلى تصحيحِ مواقفها والنأي بنفسها عن الاستمرار في الجريمة وعلى رأس هذه الدول كُــلٌّ من بريطانيا وأمريكا، مؤكّدين الاحتفاظَ بحق شعبنا في ملاحقة كُــلّ المتورطين في جرائم الحرب التي يرتكبُها تحالُفُ العدوان، وكل المشاركين والداعمين له بأيِّ شكل من اشكال الدعم والاشتراك.
- نُعَبِّرُ عن أسفنا البالغ تجاه ما وصل إليه حالُ الحكام العرب من الصلف والإساءة ومن التعسف والظلم بحق شعبنا وبحق شعوبهم وإخوتهم من الشعوب العربية والإسْـلَامية الأُخْــرَى، في مقابل ما وصل إليه حالُهم من الذل والهوان أمام أعداء الأُمَّـة وفي هذا السياق -وَبصرف النظر عن ما نتعرَّضُ له من ظلم الأقربين وعدوانهم علينا- فإننا ندينُ ونشجُبُ الأسلوبَ المهينَ الذي يعتمدُه الرئيسُ الأمريكي ترامب في تعامله معهم، ونؤكّدُ في هذا الصدد بأنه وفي حالِ قرّر النظامُ السعوديّ الانتصارَ لكرامته والاحتفاظَ بمليارات شعبه لشعبه، وقرّر التوقفَ عن مواصلة اعتدائه على شعبنا، والتوجُّهَ بحزم نحو إطلاق الموقف المشرّف والرد القوي على تهديدات وابتزازات ترامب، فإننا سنكونُ في طليعة الداعمين لهذا الموقف، بل وسنكون –رغم كُــلّ الجراح- في طليعة المدافعين عن أرض الحرمين إزاء أية ردود فعل متهورة من طرف ترامب.
- وفي الوقتِ الذي نؤكّدُ فيه صمودَنا الأبدي وجاهزيتَنا المطلقةَ والمستمرّة لمواصلة حربنا الدفاعية المحقة والمشروعة إلى ما لا نهاية، فإننا -وبنفس القدر من الإيْمَـان والإصرار والتصميم- نؤكِّدُ جاهزيتَنا المستمرَّةَ للدخول فوراً ومن الآن في أي اتّفاق لوقف إطلاق النار، ونمُدُّ أيديَنا للسلام والمصالحة الجادّة مع جميع الفُرقاء والخصوم، سواءاً على المستوى المحلي، أَوْ على مستوى المحيط والإقليم، وبما يحفَظُ لشعبنا سيادتَه واستقلالَه ويصونُ أمنَه واستقرارَه ووَحدةَ وسلامة أراضيه، وجميعَ حقوقه واستحقاقاتِه كاملةً غير منقوصة.
يعيشُ الشعبُ وتحيا الثورة..
تحيا الجمهورية..
المجدُ والخلودُ للشهداء – الشفاءُ للجرحى – الحريةُ للأسرى..
والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه..