قضية خاشقجي وعولمة الإرهاب والنفاق! بقلم/ عبدُالعزيز البغدادي
آهٍ.. ما أتفهَ هذا العالمَ، أقصد العالَمَ المُمسِكَ بتلابيب السلطة، سلطة الإفساد والجريمة المنظمين والمال الحرام التي يقودُها رموزُ المصالح المتوحشة من الرؤساء والملوك والأمراء المعتوهين والمشوّهين عقلياً وذوي العاهات النفسية، ويروج لها رجالُ ونساءُ الإعلام المكسورين والمكسورات بحروف الجَرِّ المحسوبين على الوعي والثقافة!، وهم ليسوا أكثرَ من أتباع بوعي أو بلا وعي، مع أن المفترَضَ أنهم من أدوات تنمية الوعي.
ببساطة لا أعتقدُ أن آليةَ حُكم العالم تستحقُّ الاحترامَ ولا بوجود مثقف حقيقي يمكن أن يصطفَّ مع النظام السعودي الأمريكي الصهيوني في جبهة واحدة؛ لأن هذا النظامَ ضد الإنْسَـــانية، والمثقفُ الحقيقيُّ هو ضميرُ المجتمع وروحُه، فأيُّ ضمير وأيُّ روح يمكنُ أن تتخذَ من متخلف عقلياً هارِبٍ إلى دولةٍ ابتلعت نصفَ اليمن وتدوسُ بمساعدته على كرامة النصف الآخر؟.
يا هؤلاء: الحياةُ والحياءُ صِنْــــوَانِ، وأصحابُ الحياء يتنوعون بتنوع فلسفتهم لمعنى الحياة ولقيمة الإنْسَـــان أمام نفسه أولاً ثم أمام من يشاركهم حياتهم.
لم تعد الجغرافيا وحدَها قادرةً على صنع مواطن يفهم ويقدّر قيمةَ المواطَنة وحجم أثرها في تكوين جسد الوطن الحُرّ القوي، القيمةُ الإنْسَـــانيةُ الحقيقيةُ تكمُنُ في ذات الإنْسَـــان وذات الإنْسَـــان الخلّاق تُحسَبُ من خلال قدرته على تنمية القِيَمِ في محيطه الاجتماعي المكوِّن من ذواتٍ متعددة، ولكنها أشبه بالجسد الواحد الذي وصفه الرسولُ الكريمُ بأنه كالبنان أو كالبنيان يشدُّ بعضه بعضاً.
وواضحٌ أن الحديثَ من خلال هذه النظرة التوحيدية النبوية يصِفُ بها المؤمنَ عامةً، حيثُ قال: (الْمُؤْمنُ للْمُؤْمِن كَالْبُنْيَانِ يَشدُّ بعْضُهُ بَعْضاً)، أي أنه لم يفرِّقْ بين مؤمن من جنسية محدّدة وآخر من جنسية أخرى، أي أنَّ الخطابَ الديني والأخلاقي موجَّهٌ للإنْسَـــان في أي مكان وفي أي زمان، وهذا هو الشأنُ في هذا الخطاب عموماً (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) سورة الأنبياء آية 107
بل إنَّ بعضَ المفسرين يَرَوْن أن المقصودَ بالعالمين (عالم الإنسِ والجن) على اختلافٍ في تفسير عالم الجِنِّ بأنه غيرُ المرئي غالباً.
تفاهماتُ العالم المقصودة والملموسة إذاً تنبعُ من الوجهة التي توجِّهُه إليها القياداتُ الممسكةُ بالسلطة والثروة، ولعلَّ آخرَ تجليات وأمثلة هذه التفاهات ما نشهدُه اليومَ من ضجيج إعلامي وحراك سياسي موجَّهٍ حول مصير صحفي عاش موالياً لحكام السوء في مقابل الصمت الموجّه، بل والتواطؤ الرهيب حول ما يجري من عدوان على اليمن منذ أربع سنوات استهدف كُلَّ حيٍّ في هذا البلد، كما استهدف مختلفَ المعالم الحضارية والأثرية، وضحاياه بالآلافِ من المدنيين والأطفال، وهو عدوانٌ مستمرٌّ على مدار الساعة، تُرتكَبُ فيه أبشعُ المجازر.
من المؤكَّــــــــــــدِ أن اختطافَ صحفي داخل قنصلية وقتله وتقطيعه لإخفاء جثته عملٌ فظيعٌ وخطيرٌ ومُدانٌ..
لكن مَن قام بهذا العمل يقومُ بما هو أفظعُ منه على مدار الساعة وبإشراف الإدارة الأمريكية ومساعدتها، وهي التي لم تهتز لها شعرةٌ من كُلّ هذه الفظائع المستمرّة على أبناء اليمن.
فأيّ نفاقٍ يحكُمُ هذا العالَــمَ؟!، وهل يمكنُ أن يرى خيراً في ظِـلِّ عولمةِ هذا النفاق الرهيب!!.