بن دغر أضحية هادي غير المجزيـــة على مذبح تحالف العدوان .. بقلم/ علي الدرواني
على مدى الأربع سنوات الماضية من عُمُرِ العدوان، تبادَلَ ثلاثةٌ من الشخصيات منصبَ رئيس الوزراء وثلاثةٌ في وزارة الخارجية في حكومة الخائن هادي، ضارباً عرضَ الحائط ما يسميها “الشرعية” التي كانت.
هادي بإقالته رؤساءَ وزرائه ووزراءَ في حكومته الواحد تلو الآخر، يرسِّخُ فيها أنه لا يوجدُ أيُّ شيء يمكنُ أن يوصفَ بالشرعية، ويحاول حصرَ الشرعية في صلعته هو فقط.
هادي أطاح سابقاً بخالد بحّاح من رئاسة الوزراء واستبدله بأحمد بن دغر، وأطاح رياض ياسين من وزارة الخارجية واستبدله بعبدالملك المخلافي، ثم تلاها الإطاحةُ بالمخلافي واستبداله باليماني، واليوم يُطيحُ ببن دغر ليستبدلَ هذا المنصب للمرة الثالثة بمعين عبدالملك سعيد.
الإطاحةُ بأحمد عبيد بن دغر بدت للوهلة الأولى استجابةً للضغوط الإماراتية على هادي، كدفعة حساب عن تصريح سابق لأحمد بن دغر أشار فيه إلى مسؤولية الرياض وحلفائها عن تدهور أسعار العُملة، محذّراً (بسبب الانهيار الاقتصادي، الأصوات الخافتة التي تطالبُ اليوم بوقف إطلاق النار، والاعترافُ بالأمر الواقع سوف تعلو غداً، وسيسمعُها العالمُ وستشكلُ ضغوطاً قويةً على موقف “الشرعية”، وعلى التحالف، وسيتغيرُ الموقفُ الدولي من الأزمة في اليمن وعلينا أن نتحمّل ما سيحدث بعدها)، كما جاء في تغريدته يناير الماضي.
التحذيراتُ الصادرةُ عن بن دغر حينَها، وهو أحدُ الأشخاص الأَكْثَــر تأييداً للعدوان على اليمن، وكانت تُفهَمُ على أنها مضادةٌ بشكل صريح لأبو ظبي، أَصْبَــحت اليوم واضحةً للعيان، وما يجري من رفض شعبي في المحافظات المحتلّة للوجود السعوديّ والإماراتي، ودَوْس صور حُكّامها وإحراق أعْلامها، وهتافات الجماهير في كثيرٍ من مدنها التي تنادي بخروج المحتلّ، ما هو إلّا واحدة مما يؤكّــدُ صحةَ تقديرات بن دغر، وأنه حينها كان يقدّمُ نصائحَ ذهبيةً لتحالف العدوان، لكن عند مَن لا يحبون الناصحين، بل يذبحون الناصحين ويقطعون أوصالهم، دون أن يرفَّ لهم جفنٌ، وبالتأكيد فإنَّ خاتمة بن دغر والمخلافي وياسين وقبلهم بحّاح أفضلُ بكثير من خاتمة خاشقجي.
لكن هذه الإطاحة في حقيقة ما تهدفُ إليه، خطوةٌ غير ذكية من هادي وتحالف العدوان؛ لمحاولة تبييض صفحة الرياض وأبو ظبي من نتائج عدوانها وتدميرها للبلاد بطولها وعرضها، وسيطرتها على موانئها ومطاراتها وسواحلها وجُزُرِها وثرواتها، وتبعات الانهيار الاقتصادي وارتفاع الأسعار وانعدام الخدمات، وتهاوي سعر الريال اليمني أمام العُملات الأجنبية، والفشل في إدَارَة كوم “الشرعية” المزعومة المتراكم في فنادق الرياض وعدن المحتلّة، وتحميل كُــلّ ذلك لابن دغر فقط، من أجل كبحِ جماح الجماهير، وذرِّ الرماد في عيونها، بعدَ ما شهدته عدن وغيرها من مطالبات برحيل الاحتلال وبعد أن ارتفع الصوتُ فعلاً في وجه الرياض وأبو ظبي وأدواتهما.
بن دغر هنا يراد له أن يكونَ أضحيةً يقدّمُها هادي في مذبح التحالف، لكنها أضحية غير مجزية، فمهما حاولت الرياضُ وأبو ظبي، إخلاءَ مسؤوليتهما عما يجري في اليمن والتداعيات الاقتصادية وانعدام الخدمات وتردّي الأوضاع في كُــلّ المستويات، فإنَّ الشعبَ اليمني لا سيما في المحافظات المحتلّة قد وعى بحقيقة ما يرادُ له، وما يُخطَّط، من خلال ما جرى في سقطرة والمهرة، وما يجري اليوم في شبوة من محاولات إماراتية لإحكام القبضة بالقُـــوَّة على منابع النفط وممرات الغاز، ومحاولة السيطرة على مقدرات البلد السيادية ونهبها، وتجييرها لصالح عمليات غزوها واحتلالها.
إقالةُ بن دغر التي برّرها هادي في قرار الإقالة بالفساد والفشل، أكّـدت المؤكَّدَ عن الفساد الذي مارسته ولا تزال تمارسه حكومةُ ما تسمى “الشرعية”، وليس فقط بن دغر؛ لأنَّ الفساد ليس معقوداً برقبة بن دغر فقط، بل بكوم من الوزراء والمسؤولين والموظفين في كُــلّ مفاصل إدَارَة الشرعية المزعومة، وهياكلها المدينة والعسكريّة.
الأضحيةُ الوحيدةُ التي يمكن أن تُرضيَ أبناء شعبنا المغلوب على أمره، هي أن تواصِلَ جماهيرُ أكتوبر التحرير حضورَها في كُــلّ الميادين؛ للمطالَبة بطرد المحتلّين والغزاة من كُــلّ شبر، وتقديم كُــلّ هذه الجوقة إلى محاكمة رادعة إزاءَ ارتهانهم للعدو، وبيعهم للبلد بثمن بخس، وخيانتهم العُظَمى للوطن.
بقى من المهم الإشارةُ هنا إلى ما يجب أخذُه من عِبَرٍ ودروس، لكل من أتى ويأتي للعمل تحت إبط هادي والعدوان، بأن مصيرَه لن يكونَ بأفضلَ مِن مصير مَن سبقوه.