من يستنيروا بنور الله تزكوا نفوسُهم ومداركُهم ويمتلكوا الحكمة الشهيدُ القائدُ: منطقُ الباطل لا يخلق لديك وعياً
المسيرة| تقرير| خاص:
سبق وَتحدثنا عن ما قاله الشهيدُ القائدُ سلامُ الله عليه من حقائقَ ووقائعَ تبين لنا من هم أعداؤنا وشرح لنا واقعهم وما الذي يجب علينا القيام به كي نواجهَ مكائدهم ونُبطِلَ مكرهم ونصحّح ما حرّفوه وزيّفوه، كُلّ هذا وفقاً للرؤية القرآنية، بحيث تزيدنا وعياً وبصيرة وتجنبنا أن نقعَ في أخطائهم، وتدفعنا إلى إصلاح شؤون حياتنا؛ لنكون أهلاً لنُصرة الحق وإنصاف المستضعفين.
وسنتناول في الجزء من محاضرة “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى” بعضَ صفاتهم ونفسياتهم وكيف وجّهنا القرآن الكريم للتعامل معهم.
حتى لا نكون مثلَهم
من طباعِ اليهود والنصارى كما أخبرنا القرآن الكريم أنهم سمّاعون للكذب، وعادةً ما يظهرُ الكذب بثوب الصدق، والباطل أحياناً يرتدي رداء الحق فيظهر بثوب الحق.
وفي ذات الموضوع يقول الشهيد القائد في محاضرته “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى” إن الله قال عن اليهود في أنهم يلبسون الحقَّ بالباطل، الباطل يقدّمونه في ثوب الحق {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} (النساء: من الآية46) {يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ} (البقرة79) وما هو من عند الله؛ لأنَّ هناك في الساحةِ الكثيرَ من الناس ممن يسمع الكلام ويتعامل مع ما سمع؛ لأنَّه يكون لديه خلفية مسبقة يستطيع من خلالها أن يعرف بطلان ما سمع، وإن نُسب إلى الله، أَوْ نسب إلى نبي من أنبيائه؛ لأنَّه قال عن أولئك أنهم كانوا يكتبون الكتاب بأيديهم ويقولون هو من عند الله، ألم يقدّموه باسم الله وأنه من عنده، يقولون للناس هذا من عند الله وما هو من عند الله {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمران: من الآية75)).
تساؤلٌ وجيه
وقد تساءل الشهيد القائد في سياق حديثه: (فكيف تستطيع أنت أن تعرفَ أن هذا الشيء من عند الله، أَوْ أنه ليس من عند الله؟. مثلاً في القرآن الكريم – وهي قاعدة ثابتة عند أهل البيت – أنه كتابٌ يجب أن يعرض عليه أي شيء ينسب إلى الله، سواءٌ أكان حديثاً قدسياً أَوْ ينسب إلى رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أما من يتدبر القرآن الكريم، من يتأمله؛ لأنَّ القرآن حقائق، هو من يكتشف أن ذلك الذي نسب إلى الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وإن قال المحدث الفلاني إن سنده صحيح وأنه رواة الثقة عن الثقة ستقطع بأنه ليس من عند رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
أوَلسنا نسمعُ حديثَ [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي] أنه حديث صحيح، ويكتبونه بالذهب أَوْ بالنحاس بخط كبير فوقَ باب من أبواب روضة النبي (صلوات الله عليه وعلى آله)، فالكثير من الناس؛ لأنَّه في أوله قال رسول الله، أَوْ عن رسول الله؛ بطبيعة الحال أنه مسلم ومؤمن برسول الله ومصدق سيقول: إذاً هذا قاله رسول الله، نفق عنده. لماذا انطلى عليه هذا الباطل؟؛ لأنَّه لم يعرف الحقائق داخل القرآن الكريم التي تجعل مثل ذلك الحديث مثل تلك العقيدة لا يمكن أن تكونَ منسوبة إلى النبي، لا يمكن أن تكون منه أبداً).
تطور الزمان.. فهبطنا معه ليحكمنا الباطل
وَقد نوّه -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- إلى الحالة التي وصل إليها الزعماء وكيف يتعاملون مع شعوبهم، حَيْــثُ قال: (تطور الزمان، وهكذا الباطل يتطور، لكن باتّجاه تحت إلى أسفل إلى الحضيض حتى أصبحت القضية الآن أنه أي زعيم من الزعماء لا يحتاج في تلميع نفسه في أن يوجد لنفسه ولاء في نفوس الناس، لا يحتاج إلى الجانب الديني بكله، وإذَا قلنا هو لا يحتاج إلى الجانب الديني فماذا يمكن أن يقدّم للآخرين؟ الآخرون نحن هبطنا أيضاً مع الزمن، هبطنا أيضاً؛ فنحن لم نعد ننظر إلى الشخص من زاوية الدين أبداً، اختلفت المقاييس، اختلفت المعايير لدرجة أنه أي زعيم من الزعماء لا يحتاج أن يضفي على نفسه شرعية دينية، يمكن أن نقول شرعية ديمقراطية مثلاً، أَوْ شرعية وراثة الملك، أنهم بيت ملك يتوارثونه واحداً بعد واحد، وهذا حق مطلق لهم ليس لأحد غيرهم فيقبل الناس.
في أن يوجدَ لنفسه ولاءات الناس، وهذه هي تربية الباطل، تربية الباطل تجعل الناس يخلدون إلى الأرض، ويضعون صفر على الدين بكله، وما لديهم من قيم الدين، أَوْ ممارسات دينية إنما هي عبارة عن موروث تعودوا عليه وألفوه، يكون الجهل بالدين مطبقاً على الناس، وإن كانوا لا يزالون يمارسون شكليات منه، فيكتفي بأن يقدّم للناس حديثاً يتعلق بمصالحهم الشخصية، منجزات، مشاريع، تنمية، عبارات من هذه.
أليس هذا هو ما يستخدمه الزعماء والملوك في عصرنا هذا؟
وأضاف الشهيد القائد في حديثه عن الزعماء قائلاً: (أمكنهم أن يعودوا إلى الأسلوب الذي عمله فرعون مع قومه أيام موسى، الحديث عن مظاهر الملك، الحديث عن مقامه باعتباره رمزاً، الحديث عن المنجزات، الحديث عن وعود كثيرة).
الباطل لا يخلق وعياً
وَقد أوضح سلامُ الله عليه كيف يكون حال الناس إذَا انساقوا إلى الباطل، حَيْــثُ قال:
(الباطل إذَا انساق الناس معه منطق الباطل لا يخلق لديك وعياً أبداً إنما هو جهل متراكم؛ جهل يتراكم داخل نفوس الناس فيصبحون أيضاً لا يبصرون؛ لا يبصرون أيضاً أن مثل ذلك لا يمكن أن يصدق في وعده أَوْ على أقل تقدير أنه من المحتمل أن لا يفي بوعوده).
تأمَّلْ كتابَ الله لتعلمَ ما في خفايا النفوس
لكي تكون مواقفنا حكيمه ولكي نفهم نفسيات البشر من حولنا اخبرنا الشهيد القائد عن المصدر الذي نعود إليه لنقيم البشر، يقول -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-: (الله في القرآن الكريم عمل تقييماً متكاملاً للشخصيات بأنواعها.. ألم يقدّم لنا نفسية المؤمن؟ وقيَّم لنا نفسية المنافق؟ قيَّم نفسية اليهودي ونفسية النصراني ونفسية الكافر تقييماً كاملاً يعلمك هذه النفسية وكيف سيكون سلوكها في الحياة، كيف سيكون منطقها، هل هي ستفي أم أنها ستكذب أم أنها حتى تعمل على أن تنفق كذبها بالحلف، بالإيْمَـان الفاجرة).
من هو الواعي؟
من خلال القران الكريم تحدث الشهيد القائد -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- عن الفئة الواعية وَمن اين حصلت على هذا الوعي وكيف استفادت منه، يقول -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-: (الذي يزيد الإنْسَان وعياً فيستفيد من كُلّ شيء حتى يصبح لديه قدرة على أن يعرف عواقب الأمور، ويعرف الشخصيات ماذا يمكن أن تعمل، وكيف يمكن أن يكون عملها، هم المؤمنون، هم مستنيرون بنور الله، هم من تزكوا نفوسهم، وتزكوا مداركهم، هم من يمتلكون الحكمة، لا يحصل هذا إلا ممن يسيرون على نهج الحق) ويواصل حديثه عن المؤمنين بقوله:
(أما المؤمنون فإن اللهَ أراد لهم من خلال نوره.. ألم يقلْ عن كتابه أنه نور، نور يضيء لك الطريق قبل أن تسقط في الهوة.. في حفرة، قبل أن تطأ قدّمك الشوك، نور ينير لك الطريق في هذه الحياة.. الذي بيده نور وهو يمشي في الليل وإن كان الظلام شديداً هل يمكن أن يطأ شوكة أَوْ يمكن أن يسقط في حفرة؟ لكن من لا يمتلك نور يمكن أن يسقط في حفرة، ويمكن أن يدعس شوكة ثم في الليلة الأُخْــرَى يكون قد حصل لديه وعي أنه إذَا سار في هذه الطريق وليس لديه نور أنه سيحصل له هذه المشاكل التي حصلت بالأمس).
الله لا يريد لعباده أن يقعوا في الحفر
ولأن الله رحيم بعباده، يوضح الشهيد القائد وَيقول: (والحق أَوْ الهدي الإلهي قدّم للناس بالشكل الذي يمكن أن يعطيهم بصيرةً فيفهمون الأشياءَ قبل أن تحيطَ بهم آثارُها السيئة)..