نحن يمانيون ولن نكون خاشقجيين .. بقلم/ أمل المطهر
في سفينة التيتانيك مات 1517 غرقاً جُلُّهم من النساء والأطفال لكن مخرج الفيلم جعلك تتعاطف وتبكي على إثنين فقط هما البطل والبطلة..!!
هكذا يفعل اﻹعلام العالمي اليوم..؟!
شعبٌ يباد ومدن كاملة تحترق وقتل متواصل وعائلات تهجر ويشتت شملها في وطني الحبيب اليمن..!!
والعالم بإعلامه ومنظماته وحكوماته الغربية والعربية يتساءل:
أين جمال خاشقجي..؟!
عالم منافق.. أعور البصر وأعمى البصيرة.. يتاجر بحياة البشر وبمبادئ الإنسانية من أجل تصفية الحسابات السياسية..!!
عالم تجرد من الإنْسَانية فأصبح يلهث وراء مصالح مقيتة وضيعة..
كل همه أن يكون ضمن طابور المرضيين عليهم..!!
تضج مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات التلفزة بإخبار وتحليلات وتكهنات وتأوّهات على خاشقجي ومصيره المعروف والواضح دونما غموض.
بينما يغض الطرف عن أبشع المجازر التي يرتكبها ملوك مملكة الزجاج والرمال بحق أطفال ونساء اليمن طوال أربعة أعوام..
فيموت الأطفال جوعاً ومرضاً ويُقتل الجريح في سريره؛ لأنَّه لم يجد العلاج المناسب؛ بسبب الحصار ويقتل الأجنة في بطون أمهاتهم أَوْ يولدون مشوهين؛ بسبب القصف والتلوث الكيمائي الذي تسببه الاسلحة المحرمة التي تسقط على رؤوسهم كُـلّ يوم.
كل هذا وأَكْثَـــر ونسمع العالم يضج ويتألم وتصحو إنْسَانيته على رجل كان خادماً مطيعاً تمرد على أسياده فتمت تصفيته.
لكننا نحن أهل اليمن نقول لهذا العالم المنافق:
إفعلوا كما يريد المخرج..
لا تلتفتوا إلى اليمن لا تشعروا بالأسى والحزن على أشلاء أطفالنا ونسائنا ولا تتضامنوا مع مرضانا وجرحانا المحاصرين من الدواء..
فنحن لا نحب أن يُقيمنا أمثالكم من عثراتنا..
ولا نجيد التوكُّؤَ على عيدان القصب..
أو نحاول النجاة من الغرق بالتعلق بالقش..
نحن لا نحب الظهور في دهاليز الضحايا المعدمين الأغبياء المتوسلين بالأمم.
ولا نتقن الوقوف في طوابير فتات المنظمات المهينة للنفوس.
نحن أهل القوة والبأس الشديد تروننا في ساحات الوغى نناطح الجبال هامة وثبات وشموخ ونصرع الجيوش المجيشة بقوة الله وقهره.
تروننا ننهض من بين الركام أَكْثَـــر قوة وإصرار على البناء والتحدي لكل ذلك الصلف والجنون.
تروننا نصنع ما يدفع عنا وعن أبنائنا الامتهان والتوسل.
تروننا في مزارعنا ومؤسّساتنا وأسواقنا ننطلق كجسد واحد للبناء.
فمن الصاروخ بدأنا وبالرغيف سننتهي..
لن تكون أرضنا مباحةً ونفوسنا مكسورة.
لن نكون خاشقجيين كي تذرفوا الدموع على ترابنا فنحن لا نحب البكاء على الجثث.
ولا نتوقف عند الأضرحة والأطلال.
بل نجعلها وقوداً لنا للمضي دونما تباطؤ في طريق نجاتنا وحريتنا.
فهذا هو ما سيجعلكم تلوون أعناقكم باتجاهنا رغما عنكم.
فنحن من سننتشل أنفسنا من الغرق.
ونتوكأ بسواعد بعضنا لنقوم من بعد كُـلّ عثرة ونكون أقوى وأصلب من ذي قبل.
سنزرع الشموخ ونحصد الكبرياء.
ونصدر لكم الكثير الكثير من الإباء والثبات والتحدي.
فهكذا نحن لن نسير بعد مخرج الرواية الهزيلة ولن نكون ألعوبةً بيد الكاتب المريض.