شاهد على الأحداث ٤.. من التهم المناقضة للواقع (أنصـار الله لا يلتزمون بالاتّفاقات) .. بقلم/ حسن زيد
المبعوثُ الدوليُّ الحالي (غريفيث) قد قطع كُـلّ خطيب بتأكيده على أن السيدَ عبدالملك الحوثي رجلٌ صادقٌ لا يكذب، وهذا تعديلٌ مطلَقٌ ورَدٌّ على كُـلّ التخرُّصات، ومن يتهمون أنْصَـار الله بعدم الالتزام بالاتّفاقات لم يوردوا واقعةً واحدةً أَوْ نصاً في اتّفاق تنصَّل منه أنْصَـارُ الله حتى ويكتفون بالكلام العام؛ ولأن الأمر كذلك فمن غير المجدي التدليلُ على أن أنْصَـار الله يحترمون ما يوقّعون عليه ولا يوقّعون إلّا على ما يعتقدون أنهم سينفّذونه، وظلوا منذ أن كانوا أسرى في معتقلات النظام منذ أن بدأت حملة الاعتقالات بحق المكبرين يرفضون التعهُّــدَ بعدم ترديد الشعار؛ لأَنَّهم لا يريدون أن يلتزموا ونيتُهم عدمُ الالتزام، مع أن طلبَ الأمنيين منهم أن يتعهدوا إجراء روتيني ومبرّر؛ كي يخرجوهم من المعتقلات، وهذا ما اشتهر عنهم وعرفوا به (الشريعة والثقافة السائدة تجيز لهم تحت الإكراه الذي كانوا تحت وطأتِه تجيزُ لهم ذلك وتجيز لهم ما هو أَكْثَــر من التعهد بعدم ترديد الشعار).
وفِي الحروب الست كانوا يلتزمون بالاتّفاق أي اتّفاق حتى لو كانت السلطةُ تنقضُه وتنتهكه، وكل الوسطاء يعلمون ذلك وكانوا يردّدونه، وعندما يراجع السيد عبدالملك من قبل القيادات الميدانية بأن الالتزام من طرف واحد (كالانسحاب من مواقع وتسليمها للجان الوساطة بشرط عدم تموضع قُــوَّات السلطة فيها وانتهاك السلطة الاتّفاق بالمتواضع في نفس المواقع) فيه أضرار ومخاطر على المواطنين في المنطقة وتهديد لأعضاء الحركة، يوجههم السيد بالاستمرار في تنفيذ الاتّفاق في المواقع الأُخْـرَى وأن يستعينوا على مخالفة السلطة للاتّفاق بالله) ويذكرهم بقول الله (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) صدق الله العظيم.
والثابتُ المقطوعُ به أن النكثَ والانقلابَ على الاتّفاقات واستغلال الوساطات للغدر بأنْصَـار الله كان دأبَ السلطة وسياستَها بدء من استغلال الوساطة في الحرب الأولى لاتّفاق الوساطة مع السيد حسين الحوثي بالسماح لطائرة الوفد باللقاء به وإرسال طائرات لقتل المستقبلين وقصف الموقع الذي كان يحمي مران من الطيران العمودي (شرفة الحكمي) وانتهاء بنقض كُـلّ اتّفاق لوقف إطلاق النار بإعلان الحرب من جديد، ناهيكم عن عدم التزام السلطة بالإفراج عن المعتقلين ورفع الحصار عن محافظة صعده والاستمرار في اعتقال المزيد من أبناء صعدة والمحسوبين على أنْصَـار الله..
وأي متابع يعلم ذلك، وقد كنت شخصياً شاهداً على الكثير من الوقائع ولا داعي لذكرها الآن وسنكتفي بالإجابة على السؤال: من الذي انقلب على اتّفاق السلم والشراكة؟
إجابتي باختصار أن هادي وبحّاح والقوى السياسيّة التي تحالفت معهما في حكومة بحّاح بل وحتى الذين استبعدوا من الحكومة مع أنْصَـار الله هم الذين بادروا واستمروا في انتهاك الاتّفاق وقرارات مؤتمر الحوار بل والاتّفاقية الخليجية وآليتها التنفيذية التي لم يوقّع عليها أنْصَـار الله وظلوا يرفضونها.
وأولُ شاهد ودليلٍ على أن أنْصَـار الله عقدوا العزمَ على الالتزام باتّفاق السلم والشراكة رغم الالتزامات التي عليهم فيه، تمسُّكُ أنْصَـار الله حتى الآن بالاتّفاق والمطالَبة بأن يكون أحد المرجعيات لأي اتّفاق سياسيّ ورفض الآخرين له باستثناء الاشتراكي الذي يعلن حتى الآن تقريباً اعتبارَ اتّفاق السلم والشراكة أحد المرجعيات، بينما الآخرون خضوعاً لإرَادَة السعوديّة التي تعتبر أن أي اتّفاق يمني يمني لا تشرف عليه ولا يوقَّعُ تحت رعايتها انتهاكٌ لوصايتها على اليمن واليمنيين ومؤشرٌ لتجاوز اليمنيين طوق الوصاية.
ودعوى البعض أنهم وقّعوا تحت الضغط أَوْ لتجنب المواجهة مردودٌ عليه برفض عبدالله نعمان أمين الناصريين التوقيع لحظتها واشتراطه التوقيع على الملحق الأمني أولاً.
والأهم أنه لا يوجدُ في الاتّفاق أيُّ مكسب لأنْصَـار الله؛ لأنَّ نصوصَه كلها التزاماتٌ عليهم خصوصاً الملحق الأمني، وحتى الآن لا يوجدُ لدى المتحفظين أَوْ المعترضين على اتّفاق السلم والشراكة موقفٌ سلبي من أي نص فيه إلّا إذَا استثنينا النص الذي قيد قرارَ تقسيم الأقاليم للمراجعة هذا بالنسبة لدُعاة تفكيك اليمن إلى ستة كيانات مستقلّة عن بعضها، وأعتقد أن هادي والإمارات والسعوديّة ومَن خلفهم هم المتمسكون بذلك؛ لأَنَّ القوى السياسيّة رفضت قرارَ لجنة هادي لمخالفته للاتّفاق الذي وقّعته بتفويض هادي لتشكيل اللجنة؛ لأَنَّ التفويض مشروطٌ بشروط لم يتم الالتزام بها.
واتّفاقُ السلم والشراكة بُنِيَ على أساس ضرورة توسيع الشراكة ووضع معادلة تم الانقلاب عليها من هادي وبحّاح والأحزاب التي تآمرت على أنْصَـار الله والمؤتمر الشعبي واستبعدتهم وشكّلت حكومة مستفزّة لأنْصَـار الله وللمؤتمر الشعبي العام ثم تنصلت من كُـلّ بنود الاتّفاق بما في ذلك البنود التي هي مُجَــرّد التزاماتٍ على أنْصَـار الله.
فقد رفضت السلطة العودةَ للانتشار الأمني ليتسنّى لأنْصَـار الله الانسحابُ من صنعاء بقرار سعوديّ، حدث ذلك ورفضت السلطة تنفيذ البنود المتعلقة بالحد من الفساد كحذف الازدواج الوظيفي أَوْ القيام بخطوات إصلاح الجهاز الإداري.
بل إن بحّاح رفض تشكيلَ اللجان الذي نصَّ عليها في الاتّفاق وأصرَّ على إحالة تشكيلها على الرئيس..
وعندما أنجزت لجنة صعده تقريرهَا أعطى بحّاح موعداً لرئيس اللجنة (الأستاذ مهدي المشّاط)؛ لعرض نتيجة عمل اللجنة على مجلس الوزراء وعندما وصل بحسب الموعد وجه حراسته بمنعه من الدخول إلى قاعة المجلس بصورة مستفزّة مقصودة، وتحول أداء حكومة بحّاح إلى سلسلة من الأعمال والقرارات الاستفزازية لأنْصَـار الله لدرجة أم الكثير من وقت مجلس الوزراء كان يضيع في التنديد بأنْصَـار الله وتحريض عليهم، ورغم نصحنا وتحذيرنا ورفضنا تضمين الأخبار أَوْ البيانات الصادرة عن المجتمعات المجلس أي تصعيد للخلاف المفتعل بين الحكومة وأنْصَـار الله إلّا أنها كانت تضمن وأتذكر أن المجلس صوت بالأغلبية في أحد الاجتماعات ضد الإشارة إلى وجود خلاف مع الأنْصَـار إلّا أننا فوجئنا بتضمنه وعندما عاتبت الأخ الناطق باسم المجلس أكّــد لي أن لا علاقةَ له بذلك.
الحكومةُ كان المفروض أن تكون حكومة كفاءات ولكن تشكيلها وأداءها كان العكس حكومة استفزاز لأنْصَـار الله فقد أعيد تعيينُ ثلاثة ممن اشترط أنْصَـار الله أن لا يعيّنوا (عبدالله الأكوع وعبدالرزاق الأشول ومحمد السعدي) وعُيِّن وزراء كانوا من أنشط المثقفين في الكتابة الساخرة المستفزّة لجمهور وقيادة أنْصَـار الله كالأخت أروى عثمان.