جنوب كيلو 16: خسائر الغزاة بلا مكيال
المسيرة | يحيى الشامي
تلبّدت سماءُ المنطقة بأدخنة الحديد المحترق، اختلطت بها روائحُ أجساد الزاحفين، فلا ترى من المنافقين إلّا فراراً ولا تسمع من المجاهدين إلّا حمداً وتسبيحاً يواكبُ الهجومَ وتلهج له ألسنتُهم حالَ تصديهم للزحوف.
جنوب كيلو 16 وبرغم محدودية المساحة الجغرافية المنبسطة في جانبها الجنوبي على رمال الصحراء، تكرس نظرية التنكيل أَوْ ما يُعرَفُ بالثقب الأسود، حيث قام مجاهدو الجيش واللجان الشعبيّة في عملياتهم لتطهير كامل المنطقة خلال أقل من أسبوع، بإحراق وإعطاب زُهاءَ الأربعين آلية عسكرية، من بينها مدرعات متنوعة الأشكال والأحجام، وآخر هذه العمليات هجومٌ كاسح أنهى تواجد المنافقين في أطراف جنوب كيلو 16 تماماً.
وفي تفاصيل الهجوم، فقد شرع مجاهدو الجيش واللجان الشعبيّة في العملية عقب تصديهم لأول زحف من قبل المنافقين باتّجاه المناطق التي خسروها في العملية السابقة وفي محاولة لاستعادتها، وأظهرت مشاهد الإعْــلَام الحربي تفاصيلَ متعلقةً بالهجوم والذي بدأ بقصف مدفعي طاول مواقع المرتزقة وتجمعاتهم، وعدداً من الآليات التي كانوا على متنها، وقد توجهت مجاميعُ المجاهدين مباشرةً عقب التصدي للزحف صوبَ مواقع العدوّ ونجحت في إعطاب عشر آليات متنوعة وفق ما أظهرته المشاهد، فيما تحدثت مصادر ميدانية عن مصرع زهاء العشرين منافق، مؤكّــدة أن من بينهم عدداً من المرتزِقة السودانيين المشاركين في صفوف قُــوَّات العدوان.
واستمرت العمليةُ لساعات من نهاية النهار وحتى منتصف الليل، وتبين المشاهد الحية احتراقَ ثمان آليات أمام عدسة الكاميرا بنيران الجيش واللجان الشعبيّة، ويبدو من أحد المشاهد احتراقُ كميات كبيرة من الذخائر على متن آليتين كانتا في أحد المواقع التي هاجمها الجيش واللجان، فيما انفجرت الآليات البقية بعمليات مماثلة في محاور العملية، وعند الصباح تمكّن مراسلُ الإعْــلَام الحربي من الانتقال مع مجموعة من المجاهدين إلى المواقع، حيث أكمل المجاهدون إحراق الآليات بالولاعات فيما تولت فرق الهندسة بتفجير المعطوب منها، وكان أبطال الجيش واللجان قد وضعوا أيديَهم على عدد من الأسلحة والذخائر كغنائمَ حصلوا عليها من قُــوَّات العدوّ، من بينها أسلحة رشاشة معظمُها أمريكية الصنع.
وبلُغة وحسابات الميدان تؤكّــد المعلوماتُ نجاحَ المجاهدين في تطهير المنطقة بالكامل وبدء معاركَ جديدة تتعدى محيط خط كيلو 16، ما يضمن تأمينَ الطريق وعودة الحياة إليه والشروع في عمليات تطهير جديدة صوب الدريهمي.
وتضمنت معلومات قدمتها الدفاعُ اليمنية عن العملية تأكيداتٍ بمشاركة سبعَ عشرةَ سيارةَ إسعاف تناوبت على مهمة إخلاء القتلى وَنقل الجرحى إلى مشافي عدن والمخاء التي ضاقت بأعداد كبيرة منهم، ونشرت أسماء عدد تسعة منهم وهم:
1- علي عبدالله عويرة العلقمي- لحج
2- صادق عبدالله حاجب الحوشبي – لحج
3- محسن عبدالله اليافعي – لحج
4- عدنان محمد خان – عدن
5- محمد ياسر محمد – عدن
6- محمد أحمد الحسني – أبين
7- عمار عبدالله فخر – أبين
8- وضاح فيصل عبدالله – لحج
9- شايف نصر شايف الردفاني – لحج
وتبقى هنا المشاهد التي عرضها الإعْــلَام الحربي لجانبٍ محدود من محارق الساحل الغربي، تحديداً في معركة جنوب كيلو ستةَ عشَرَ، فيما تدور معارك مختلفة قوية وضارية في بقية محاور القتال من الساحل، ترفع من أرقام خسائر العدوان والغزاة وتفضي إلى مزيد من الانتصارات التي يُراكمها يومياً أبطال القُــوَّات المسلحة اليمنية على امتداد جبهات الساحل الغربي، حدث معظمها في التحيتا في أَكْثَـر من نقطة مواجهة.
واحدةٌ من روائع الإعْــلَام الحربي التي وُثِّقت في العملية، كان مشهد جرى بإيقاع عفوي ساحر حين تقدّم شيخ مجاهد ذو لحية بيضاء إلى إحدى المدرعات الأمريكية في طريقه إليها قام بإشعال سيجارته وبذات الولاعة أحرق المدرعة ومضى غافلاً عن بطولته صوب مدرعة أُخْــرَى يعيد تدوير فخر صناعات الغرب ويذر رمادها ودخانها في أعين طواغيت الأرض ومفسديها.