مصنع الغزل والنسيج يعود للعمل.. انتصار يمني جديد
بعد أكثرَ من خمسَ عشرةَ سنةً على توقُّفِه لأسبابٍ داخلية وخارجية، يعودُ مصنعُ الغزل والنسيج مجدّداً إلى العمل كأحد أهم المنشآت الاقتصادية في اليمن وأحد أكبر روافد الاقتصاد الوطني، في ظل ظروفٍ لم يشهدْها اليمنُ في تأريخه، ما يجعل هذا الإنجازَ أسطورياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ نظراً للآثار الإيجابية التي ستطرأ على بُنية الاقتصاد اليمني، بما يعزّز مكانةَ المنتج المحلي، وبما يساهِمُ في تشغيل آلاف العُمال تشغيلاً مباشراً وغيرَ مباشر، وكذلك بما سيسهم في الحَدِّ من تسرب العُملات الصعبة إلى الخارج والتي كانت تُستهلَكُ في شراء المنتجات من الخارج والتي يوفّرها وسيوفّرها المصنع حال وصوله إلى قمة طاقته الإنتاجية.
استطلاع| عباس القاعدي – أيمن قايد:
يحقّق الشعبُ اليمني انتصاراً اقتصادياً جديداً هو الأبرزُ منذُ بدء العدوان السعوديّ على اليمن في 26 مارس 2015 وتشديد الحصار الاقتصادي القائم حتى اللحظة؛ بهدفِ تركيع الشعب اليمني وقتله جوعاً بعد استهداف البُنية التحتية والخدمية والحيوية بشكل كامل.
وتلقى تحالفُ العدوان صفعةً جديدةً، الأسبوعَ الماضيَ، بعد الإعلان رسمياً عن إعَادَة تشغيل مصنع الغزل والنسيج بالعاصمة صنعاء، والذي يعد أحدَ وأهمَّ المنشئات الحيوية والخدمية والصناعية في اليمن منذ ستة عقود من الزمن، كما أن الإعلان عن تشغيل قسم الخياطة في مصنع الغزل والنسيج كبداية للتشغيل الكامل يأتي بعد توقف دام لأكثر من 15 سنة؛ بفعل التآمر والفساد السابق الذي كان يحيط بهذا المصنع والعاملين فيه البالغ عددهم 1800 موظفٍ وموظفة لصالح نافذين وجهات في الدولة آنذاك، حيثُ يشكل افتتاح قسم الخياطة بمصنع الغزل تحديّاً اقتصادياً كبيراً، لا سيما في هكذا ظروف صعبة تعيشها البلاد جراء الحرب الاقتصادية التي يشنّها العدوان السعوديّ بكل ما أوتي من قوة بحق الشعب اليمني الصابر والصامد أمام هذا العدوّ المتغطرس والمتكبر.
ويعتبر تشغيلُ مصنع الغزل والنسيج في هذا التوقيت خطوةً هامةً بالاتّجاه نحو البناء والاكتفاء الذاتي، تجسّدُ المعنى الحقيقي لمشروع الشهيد الرئيس صالح الصماد يدٌ تبني ويدٌ تحمي، ومن يقف خلف هذا المشروع ودعمه والسعي إلى تحقيقه الرئيسُ مهدي المشّاط، كما أنه يؤكّــد ما جاء على لسان قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي –حفظه الله-، بأن القوة والصمود في مواجهة العدوّ هي في اكتفائنا الذاتي وفي ما نصنعه ونزرعُه بعيداً عن الخارج، ودعوته لرجال المال والأعمال في خطابه الأخير إلى التوجه نحو الصناعة والزراعة داخلياً وعدم الركون على الخارج؛ لما من شأنه المحافظة على الاقتصاد الوطني وتوفير السيولة التي تذهَبُ نحو الاستيراد من الخارج.
وأمامَ هذا الحدث الاقتصادي الهام كان لصحيفة “المسيرة” جولةٌ استطلاعيةٌ داخل أقسام مصنع الغزل والنسيج، والتعرف عن قُرب على ما يحتويه هذا المصنع التأريخي في قسم النسيج والآلات الموجودة فيه والهناجر المدمّرة التي تكاد تسقط فوق الآلات؛ بسبب قصف العدوان العديدَ من المرات لهذا المصنع في إطار تدمير البُنية التحتية لليمن بصورة كاملة.
عودة تشغيل مصنع الغزل بارقة أمل جديدة للمواطن اليمني
يقولُ خالد محمود أبو قاسم –مدير عام قسم النسيج بمصنع الغزل والنسيج-: إن طيرانَ العدوان السعوديّ الأمريكي استهدف قسمَ النسيج الجديد، ما أَدَّى إلى تدمير بعض من الآلات التي يعتمد عليها المصنع بشكل كلي في إنجاز العمل والإنتاج، حيثُ تسبّب قصفُ الطيران باشتعال النيران في كُـلّ مكان بقسم النسيج ولم يستطِع أحدٌ الدخولَ إلى مكان الاستهداف سوى عامل واحد أصيب بجروح عندما كان يحاول إطفاء الحريق حتى لا تنتشرَ في أماكنَ واسعة داخل المصنع، مشيراً إلى تدمير جدار المصنع المطل على الشارع العام، مما سبب في دخول مجموعة من المواطنين إلى داخل المصنع وتعرّض للسرقة حينها وتقطيع كُـلّ الخطوط والكابلات والأسلاك الكهربائية، وهذا الأمرُ يكلّف الملايين لإصلاحها مرة أُخْــرَى.
وأكّــد أبو قاسم في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” بأن توقف مصنع الغزل والنسيج عن العمل طيلة خمس عشرة سنة الماضية تقف خلفه أيادٍ خفية ونافذون وفاسدون في النظام السابق والتي عملت للحيلولة عن استمرار العمل في المصنع، وهو في مرحلة الإنتاج بالآلات القديمة التي كانت تشتغلُ وتنتج من الأقمشة ما بين 35 ألفَ متر إلى 40 ألف متر، ولكن المصنعَ أصبح في الفترة الأخيرة ينتج 6 آلاف متر؛ نتيجةَ تعرض المصنع للحرب الصامتة من قبل النظام السابقة، مضيفاً بأنه في العام 2008 تم تطويرُ قسم الغزل بالآلات الجديدة التي تنتج حوالي 9 – 10 أطنان، وهو لا يزال متوقفاً إلى الآن، أما بالنسبة لقسم النسيج فبقي عملُه إلى 2010 على الآلات القديمة حتى تم تزويدُه بـ40 آلة لم تعمل منها إلا 25 آلةً كتجربة واحد فقط ومن ثَمَّ قصفها طيران العدوان السعوديّ العدوان ودمّر 50 آلةً من القديمة والجديدة.
وأشار مدير عام النسيج، إلى أن “الآلات في قسم النسيج كانت تنتجُ يومياً ما يقارب 15 ألفَ متر يومياً من الأقمشة إلى جانب الآلات القديمة المستوردة من روسيا في الثمانينيات والتي لم نجد لها قطعَ غيار، الأمرُ الذي سبّب بتوقفها عن العمل”، مبيناً أن “المصنع كان يغطي احتياجات السوق بشكل كامل، حيثُ كان يصدّر الشاشَ والزي المدرسي والعسكري وبدلات الأطباء وصوارم النساء وأكفان الموتى والستائر والشمزان والمعاوز وكان يغطي السوق المحلية بكثير من المنتجات”.
وأضاف أنّه في هذه المرحلة الحالية سيكونُ الإنتاجُ جزئياً بالنسبة للنسيج؛ لأَنَّه تعرض للقصف والتدمير وبالإمكان يصبح الإنتاج للغزل كلياً في قسم الخياطة والطباعة الذي تم افتتاحُه الأسبوع الماضي من قبل وزير الصناعة والتجارة وكوكبة من الوزراء بتوجيهات حكيمة من قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي –حفظه الله-، والرئيس مهدي المشّاط – رئيس المجلس السياسيّ الأعلى، في إطار مواجهة الحرب الاقتصادية القذرة التي يشنّها العدوان السعوديّ على اليمن والتوجه نحو الصناعة والزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ودعا أبو قاسم القيادة السياسيّة والجانبَ الحكومي إلى بذل المزيد من الجهود في دعم المصنع وتلبية الاحتياجات الضرورية للمواطنين الذي رأوا في إعَادَة تشغيل المصنع بارقةَ أمل جديدةً في بدء الإنتاج المحلي والعمل الوطني داخل مصنع الغزل والنسيج بقيادة عبدالإله شيبان -رئيس مجلس إدَارَة مصنع الغزل والنسيج- وجميع العمال والكوادر المؤهلة وذي الخبرات العالية والطويلة التي يتمتعُ بها المصنع، كما أن هذه الخطوةَ تأتي في إطار التوجّه نحو الإنتاج المحلي والاكتفاء الذاتي ضمن رؤية الرئيس الشهيد صالح الصمّاد تحت شعار “يدٌ تبني ويدٌ تحمي”، وهو الشعار الذي يضعُه كُـلّ عُمّال وعاملات مصنع الغزل والنسيج نصبَ أعينهم ويجعلونه خارطةَ طريق للعمل الوطني في المرحلة المقبلة.
المصنع تعرّض لحربٍ صامتة من قبل نافذي النظام السابق
إلى ذلك أوضح محمد غالب –أحد موظفي مصنع الغزل والنسيج-، بأن العدوان السعوديّ الأمريكي ومنذ زمن بعيد كان يخطّط لتدمير اقتصاد اليمن عن طريق عملاء ومرتزِقة الأنظمة السابقة التي كانت تنفّـذ الأوامر الخارجية ومنها توقيف مصنع الغزل والنسيج عبر مراحلَ سياسيّة متباعدة شكّلت موتاً بطيئاً للمصنع والعاملين فيه.
وأضاف الموظف محمد غالب في تصريح لصحيفة “المسيرة”: لقد بدأنا العملَ في المصنع عام 1966 بعد تأسيسه عام 1962 من قبل الإمام البدر وتحت مشرفين صينيين في جميع الأقسام، الذين تعلمنا منهم أشياءَ كثيرةً، حيثُ كنتُ في تلك الفترة عاملاً في الوردية الأولى ثم كُلّفت بمهام رئيس الفريق ثم مدير قسم الصيانة، مشيراً إلى أن المصنع ظل بعدها يشتغل بصورة مستمرة 3 ورديات بعد افتتاحه من قبل الإمام البدر استمرت 35 عاماً سُمّيت بالفترة الذهبية ولم يتوقف حتى حدثت بعضُ الاختلافات بين نافذين ومسئولين وأصحاب المصالح في النظام السابق، حيثُ بدأت مؤشراتُ التدهور تلوح في الأُفُق داخل المصنع الذي تعرض لحرب صامتة من قِبَل مسئولي النظام السابق، مبيناً أن ربحية الغزل كانت بالريالات وربحية النسيج بالعشرات وربحية الصباغة والطباعة بالمئات وربحية الخياطة بالآلاف.
حكومةُ باسندوة تساهم في توقف المصنع
بدوره، أشار حسن الأديب -مدير مكتب رئيس مجلس إدَارَة مصنع الغزل والنسيج-، إلى أن انقطاع النفقة التشغيلية وأحداث الحصبة من ضمن الأسباب في تعطيل المصنع وخروجه عن العمل.
ونوّه الأديبُ في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” بأن الأسباب الحقيقية التي أَدَّت إلى إغلاق المصنع هو انتهاء العمر الافتراضي للآلات القديمة وإتاحة السوق للمنتجات الأجنبية المستورة من الخارج، ولهذا تم الاتّفاق بين المصنع واللجنة الفنية اليمنية الصينية بتحديث قسمَي الغزل وَالخياطة بآلات الجديدة بعقد مقداره (150) مليون يوان صيني، أي ما يعادل (22) مليون دولار، مبيناً أن الاتّفاق تنفّـذ عام 2008، وذلك عن طريق توريد الآلات وتركيبها في المصنع.
وأوضح مدير مكتب رئيس مجلس الإدَارَة لمصنع الغزل أن وزارة المالية في حكومة الوفاق الوطني عام 2013 رفضت تنفيذَ الدراسة المقدمة من قبل إدَارَة المصنع والمتمثلة في توفير مليار كنفقة تشغيلية وفضّلت تسليم مرتبات الموظفين لعدة أعوام بدلاً عن تسليم النفقة التشغيلية، موضحاً أن العدوان السعوديّ الأمريكي قصف المصنعَ بالعديد من الغارات خلّفت إضراراً ماديةً جسيمة.
ولفت الأديب إلى افتتاح معمل الخياطة بالمصنع الأسبوع الماضي بحضور وزير التجارة والصناعة وعددٍ من الوزراء وقد تم التواصُلُ بالعمال المختصين في الخياطة لمزاولة أعمالهم، مضيفاً أن إعَادَة تشغيل المصنع جاءت بعد اجتماع وزراء حكومة الإنقاذ الوطني والموافقة على هذه الخطوة وتعهد الأُمَـم المتحدة بحماية المصنع من القصف مرةً أُخْــرَى واستهدافه من قبَل تحالف العدوان ومرتزِقته؛ كون مصنع الغزل والنسيج منشأة مدنية خدمية تعملُ لصالح الشعب اليمني.
وأضاف أن الخطوةَ القادمة هي تشغيل قسم الغزل؛ باعتبارِه قسماً جديداً بحاجة إلى صيانة معيّنة والعودة للعمل مجدّداً، مؤكّـداً بأن عودةَ المصنع للعمل سترفد الاقتصاد الوطني وستحافظ على العُملة الوطنية وستحل الكثير من معاناة الشعب جراء العدوان والحصار الاقتصادي الجائر على بلدنا، موضحاً أن جميعَ عُمال المصنع البالغ وعددهم (1800) موظف على استعداد تام للرجوع إلى أعمالهم وإنتاج الملابس العسكرية والمدرسية والشاش الطبي والبالطوهات والبطانيات وغيرها من المنتجات التي سترفدُ السوقَ المحلي وتحدُّ من الاستيرادِ الخارجيّ.
- دمّر طيرانُ العدوان 50 آلة قديمة وجديدة في قسم النسيج تم شراؤها بـ22 مليون دولار من الصين.
- توقُّفُ مصنعُ الغزل والنسيج عن العمل طيلة الخمسَ عشرةَ سنة الماضية تقف خلفه أيادٍ خفية ونافذون وفاسدون
- ينتجُ المصنع بالآلات القديمة من الأقمشة ما بين 35 ألف متر إلى 40 ألف متر، ووصل إنتاجه في الفترة الأخيرة إلى 6 آلاف متر مع تعرضه لحرب صامتة من قبل نافذين في النظام السابق، وفي عام 2008م تم تطوير قسم الغزل وتزويده بآلات الجديدة ليصل إنتاجُه إلى 9 – 10 أطنان.
- تم تزويدُ قسم النسيج في العام 2010 بـ40 آلة لم تعملْ منها إلا 25 آلةً فقط.
حكومة باسندوة رفضت عام 2013م موازنته وفضّلت تسليم مرتبات الموظفين لعدة أعوام بدلاً عن تسليم النفقة التشغيلية
افتتحه الإمام البدر عام 1962م تحت إشراف خبراء صينيين واستمر العمل فيه 35 عاماً دون توقف
قسم الغزل كان ينتج ما بين 35 إلى 40 ألف متر بينما إنتاج قسم النسيج 15 ألف متر من الأقمشة يومياً
استطاع المصنع تغطية احتياجات السوق المحلية من الشاش والزي المدرسي والعسكري وبدلات الأطباء والستائر والملابس
طيران العدوان استهدف قسم النسيج ودمّر 50 آلة قديمة وجديدة تم شراؤها بـ22 مليون دولار من الصين
حرب صامتة دارت بين نافذين وفاسدين بالنظام السابق كانت وراء توقف مصنع الغزل والنسيج منذ 15 سنوات
تنفيذاً لتوجيهات قائد الثورة بالتوجه نحو الصناعة والزراعة المحلية وتجسيداً لشعار الرئيس الشهيد الصمّاد
الأُمَـم المتحدة تتعهد بحماية مصنع الغزل والنسيج من أي استهداف قد يطاله من قبل تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي