مبادرة ماتيس بين الضغط الأممي والرفض الشعبيّ .. بقلم/ محمد أحمد الشرفي
مبادرةُ وزير الدفاع الأمريكي، ماتيس، بشأن حَـلِّ الأزمة اليمنية جاءت على غرار مبادَرات كثيرة سبقتها، منها المبادرةُ التي أطلقها الرئيسُ الأمريكي الأسبق كيري، وهي في مجملها تقضي بتقسيم اليمن إلى مناطق حُكم ذاتي وإيجاد مناطقَ عازلة.
وهذه المبادرةُ تُشبه إلى حدٍّ ما فكرةَ الأقاليم التي أطلقتها حكومةُ هادي بأقاليم وعاصمة مركزية، وبهذا فَإِنَّ مبادرة ماتيس تحتملُ أن تكونَ من باب الأمر الواقع بمعنى تسليم كُــلّ منطقة لمَن يسيطر عليها، وقد تفهم بأنها امتدادٌ لفكرة الأقاليم التي تتبنّاها حكومة هادي بدعم من دول التحالف بقيادة السعوديّة، حيثُ أوضح ماتيس في مداخلته -خلال مؤتمر الأمن المنعقد في المنامة- أن وقفَ الحرب في اليمن يعتمدُ على إيجادِ مناطقَ منزوعةِ السلاح ونزع الأسلحة الثقيلة، ويقصد بذلك الصواريخ الباليستية التي يطلقها الجيش اليمني نحو السعوديّة، وهذا ما توحي به الأوضاعُ على الأرض بعد عجز التحالف ومرتزِقتهم من التقدم عسكريّاً خلال أربعة أعوام، فلن يتقدّموا باتجاه صنعاء، ولم يحقّقوا نصراً في الحديدة كما خططوا له، ولا زال الجيشُ اليمني واللجانُ الشعبيّة مستمرّين في التقدم العسكريّ في أَكْثَـــرَ من جبهة، بالإضافة إلى إحراز تقدمٍ كبيرٍ بالتصنيع الحربي.
وعلى الرغم من أن هناك أطرافاً دوليةً للدفع بهذا المبادرة إلى حيز التنفيذ إلّا أن هناك رفضًا شعبيًّا واسعًا، سواء في مناطق سيطرة المجلس السياسيّ أَوْ المناطق الجنوبية والشمالية الشرقية، وهو الأمرُ الذي يُعيقُ فكرةَ التقسيم من دخولها حَيِّــزَ التنفيذ أَوْ حتى مناقشتها كمقترَحٍ للتسوية السياسيّة على طاولة المفاوضات.
ورغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة لليمنيين إلا أن منسوبَ الوعي الوطني مستمرٌّ بالتصاعد، بعد أن تكشّفت الأهدافُ الحقيقيةُ للعدوان على اليمن والتسابق الواضح للسيطرة على المناطق الحيوية ومناطق تواجد الموارد الطبيعية، وفي ظل الفشل الذريع لإدَارَة المناطق المحتلّة من قبل السعوديّة والإمارات، الأمر الذي جعل كثيراً من المكوّنات السياسيّة والفكرية والقبلية -بما فيها تلك المكونات الواقفة في صف العدوان- تشعر بأنها مستهدَفةٌ بالدرجة الأولى، وأن لعنة التقسيم والتجزئة ستطال الجميع وتُدخِلُ الوطنَ في نفقٍ أَكْثَـــرَ ظَلامًا.
ومع المراهنَة على وعي المجتمع اليمني في رفض التقسيم والأقلمة، إلّا أن هناك توقعاتٍ لتنفيذ سيناريو التقسيم وحتى وإن لم يتم التوافقُ عليه بين الفصائل اليمنية، ولكنه سيتم بشكل إحداث تباين سلبي وتصادُمي بين وحدات الجغرافيا اليمنية المختلفة طائفياً وقبَلياً وَ…، عن طريق مرتزِقتهم من اليمنيين، وإن أعلنت دول العدوان وقفَ عدوانهم فستظلُّ دماءُ اليمنيين تنزِفُ وثرواتُهم تُنهَبُ وهم مشغولون بشأنهم الداخلي وتأمين حُدُودهم الداخلية فيما بينهم.
* قيادي في حزب السلم والتنمية