عندما تنتصر افرض شروطَك يا مستر ماتيس بقلم/ د. أحمد الصعدي
أسرَفَ صقورُ الإدارةِ الأمريكية في دعواتهم للسلام خلال الأَيَّـام القليلة الماضية وكأنهم طرفٌ محايدٌ ونزيهٌ! من هؤلاء الصقور الذين التفتوا إلى المطالبة بإيقاف الحرب في اليمن -وهي في حقيقتها حرب على اليمن – وزير الحرب والعدوان جيمس ماتيس. هذا الوزير العدواني المخلص لأَهْـدَاف بلاده الاستراتيجية ولطموحات أمراء النفط الذين يطمح للعمل لديهم مستشاراً بعد تركه منصبَه.
مما قاله المستر ماتيس بأن خطة السلام – التي يحلم بفرضها – تتضمن انسحاب القوات اليمنية من أراضي السعوديّة ووضع الصواريخ اليمنية تحت رقابة دولية من غير أن يذكُرَ محافظات اليمن المحتلة من قبل قوات الغزو السعوديّ الإماراتي والدمار الذي ألحقه العدوانُ باليمن.
أما صواريخنا التي أنتجتها أدمغةُ اليمنيين وسهرُهم وتعبُهم وتضحياتهم فلا توجد إرادةٌ على الأرض تستطيعُ انتزاعَها؛ لأنها يدنا القوية التي نصفع بها كُـلّ متطاول على سيادة الجمهورية اليمنية وشعبها المتواضع الكريم والمسالم المدافع عن نفسه.
الشروط التي يضعها المتغطرس الأمريكي هي شروط منتصر وكان يمكن له أن يلوح بها في مرحلة مبكرة من العدوان للمساومة. أما اليوم وبعد ثلاثة أعوام ونصف عام من الدمار والقتل والحصار فقد تغيرت موازين القوى وأصبح العالم يدرك هذه الحقيقة، وكل الدعوات إلى إيقاف الحرب تقوم على أساس هذه الحقيقة المرة بالنسبة لقوى العدوان. لقد عاش الشعب اليمني الحرب بكل ويلاتها، وحوصر حصاراً خانقاً تقلب خلاله في مقلاة على زيت حار من النار والكراهية غير المبررة من قوى متعجرفة نحو شعب لم يطالب بغير حقه في الحياة الكريمة والحرة على أرضه وفي دولته ذات السيادة. لقد صرنا اليوم نحن اليمنين المحاصرين والمدافعين عن أرضنا أكثرَ ثقةً بأنفسنا وبقدراتنا وبمخاطر أشقائنا الأسوأ بين الحكام في العالم.
لقد خرجنا خلال هذه الحرب من وهاد التبعية وأوهام انعدام القُدرة والحيلة وصعدنا إلى ذُرَى المجد والعزة على سلالم شيّدتها جماجمُ أشرف وأشجع وأنبل وأكرم من فينا. لم تعد أيةُ قوة في العالم بقادرةٍ على إذلالنا وإملاء شروطها علينا. فبصبرنا والتعب، وبدمائنا والجراح صمدنا أمام كُـلّ العواصف ولا يمكن بعد كُـلّ ما جرى أن ننحنيَ أَوْ ننكسرَ. هكذا هي حالتنا المعنوية، وتلك هي لُغتُنا نحن بسطاء الشعب، ((أحرار من طين الكرامة نخلق والعز في الحمض الوراثي لاصق)).
فإلى أن تنتصرَ يا مستر ماتيس أنت ومهفوفك محمد المنشار يمكنك أن تفرِضَ شروطَك، أما اليومَ فعليك أن تكونَ واقعياً، وأنت تعرف أنك لا تستطيعُ أن تنتزعَ بالكلام المنمق والمراوغة الحرباوية ما لم تستطعْ أن تنتزعَه بأحدثِ أسلحتك التي شربت بها دماءَ اليمنيين ولم ترتوِ حتى الآن.