“ذا إيكونومست”: الدعواتُ الأمريكية لوقف الحرب في اليمن غير جادّة ولها “اعتبارات داخلية”
المسيرة| ترجمة خاصة
قالت مجلةُ “ذا ايكونومست” البريطانية: إن الدعواتِ الأمريكية إلى وقف الحرب في اليمن جاءت “متأخرة، بل ومن الصعب تحقيقها”؛ نظراً لعدم جدية الولايات المتحدة التي دعمت تحالف العدوان لأكثرَ من ثلاث سنوات، مؤكّدةً أن الرئيس الأمريكي “قد منح الحرية للسعوديين للقيام بما يشاؤون”.
وأشارت المجلة إلى أن كلاً من ماتيس وبومبيو، وزيرَي الدفاع والخارجية الأمريكيين، اللذين صرّحا مؤخّـراً بضرورة إيقاف الحرب في اليمن والتوجه إلى المفاوضات، كانا إلى ما قبل أسابيع، من أَكْبَر المدافعين عن سلوك “التحالف”، مشيرة إلى أن “بومبيو لم يطلب من الأطراف التوقف عن القتال، بل قتل عدد أقل من المدنيين”، ما يعني أن الولايات المتحدة غير جادّة في الحديث عن إيقاف الحرب، وتريد تحقيق أهداف أُخْــرَى من وراء الدعوة إلى السلام.
وحولَ هذه الأهداف الأُخْــرَى، التي لا تتضمّنُ الوقفَ الفعلي للحرب، قالت المجلة: إن بومبيو وماتيس، لديهما “اعتبارات أُخْــرَى” من وراء تصريحاتهما الأخيرة وهي “السياسة الداخلية” والسباق الانتخابي الجاري بين الجمهوريين والديمقراطيين، موضحة أن “الديمقراطيين لطالما أرادوا إنهاء الدعم الأمريكي للتحالف”، وأشارت إلى أنه “في سبتمبر حصل مشروعُ قانون لإنهاء مشاركة أمريكا في التحالف، على أكثرَ من 50 مؤيداً، ضمنهم ستيني هوبر ثاني أَكْبَر ديمقراطي في مجلس النواب”، وكان ذلك قبل قضية قتل الصحفي السعودي خاشقجي التي جعلت الآن “حتى البعض من أقرب حلفاء السعودية يريدون فرض عقوبات عليها”.
كلامٌ يؤكّدُ صحةَ ما أورده ناطقُ أنصار الله، محمد عَبدالسلام، في رده على دعوات الوزيرين الأمريكيين، حيث أوضح عبدُالسلام أن تلك الدعوات تأتي لأجل “الموسم الانتخابي” الذي يشهدُه الكونجرس الأمريكي هذه الفترة، إذ يحاول الجمهوريون التهرُّبَ من الجرائم التي ترتكبها السعودية والإمارات المدعومتان من أمريكا، وبالذات مع تسليط الأضواء العالمية على السعودية حَالياً؛ بسببِ قضية خاشقجي التي بدأت تلقي بظِلالها قليلا ًعلى جرائم الرياض في اليمن أيضاً.
وأوضحت المجلة أن الدعواتِ الأمريكية لوقف الحرب في اليمن تتضمنُ أيضاً إشكالاتٍ أُخْــرَى تفصح عن عدم جديتها، ومن ذلك أن “أمريكا تريد من الحوثيين أن يبادروا أولاً إلى وقف الهجمات الصاروخية على السعودية والإمارات”، وعند ذلك “تتوقع أن يتوقف التحالف عن ضرب المدن اليمنية”، وبالتالي فإن الولايات المتحدة تريدُ أن يتصرف الحوثيون من “طرف واحد”، وأضافت “حتى لو وافق الحوثيون فإن أية هدنة ستكون مهتزة” كما هي الدعوات الأمريكية للسلام.
وأشارت المجلة أَيْضاً إلى أن المفاوضات التي كان من المقرّر لها أن تنعقد في سبتمبر الماضي، لم تنجح؛ لأن “التحالف رفض السماح للحوثيين بنقل جرحاهم لتلقي العلاج”، الأمر الذي يشكّلُ سابقةً توضح عدم جدية التعاطي مع مسار السلام.
وأكّدت المجلةُ أن “هذه الحرب أصبحت غيرَ قابلة للدفاع عنها”، بعد أن جعلت 8 ملايين يمنيّ يعانون من خطر الجوع، فيما قتلت الكوليرا ما لا يقل عن 2000 آخرين، بينما يتراوح عدد ضحايا القصف بين 10 آلاف و60 ألفاً.. أرقام مخيفة تشيرُ أَيْضاً إلى حجم الكارثة التي تسببت الولايات المتحدة من خلالها دعمها للتحالف طوال الفترة الماضية، الأمر الذي يوجه الأنظارَ إلى التوقيت الذي اختارته واشنطن لإطلاق دعواتها إلى السلام؛ لنجد بأن تلك الدعوات مُجَـرّد دعايات إعلامية لأهدافٍ لا علاقة لها أبداً بإيقاف الحرب.