يعول أسرةً تضم أطفالاً أجبرتها الغارات على النزوح من الحديدة: قصص النازحين: منصور أكهل العدوانُ عمرَه بالتشرد والجوع المشبّع بالمرارة
المسيرة: يحيى الرباط
في الوقت الذي تسعى فيه بعضُ الدويلات المحسوبة على أمتنا إلى بناء علاقات طويلة الأَمَد مع الكيان الصهيوني، والتبرّع نيابةً عنه بتمزيق الوطن العربي، ومحاربة شعبه، ومحور المقاومة خَاصَّـةً؛ باعتباره العدوّ الشجاع لإسرائيل، ها هوّ الإنْسَان اليمني يُقتل بأبشع وسائل الموت الحديثة؛ ثمناً لصرخته ورفضه التطبيع وبنفطٍ إسْلَامي، وسلاح يهودي، وبأيادٍ عربية عميلة، ويستمرُّ الغرب في إيصال من يريد من الدُّمى إلى كرسي الحكم العربي.
منذُ الغارة الأولى، ودويلات العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي تصرّح بأنها قضت على آخر قطعة سلاح كانت تشكّل خطراً على الأُمَّـة، و”حرّرت” مُعظم اليمن كما تدّعي وعلى الإنْسَان اليمني أن يعيش الجنةَ التي قدّمتها له، غير أن ما حدث ويحدث، خلال الأعوام الأربعة من طرف هذا العدوان، قد قضى على حياة وأحلام جميع اليمنيين، ونقلهم من منازلهم وأعمالهم إلى المخيمات والقبور.
منصور، أحد ضحايا هذا العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، نازحٌ إلى صنعاء من مدينته الحديدة، وبعد 35 عاماً من عُمُرِه قضاها في قلب مدينته وحيه ومنزله، وفي ليلة الـ 13 من نوفمبر من العام 2017م جاء المعتدون فقصفوه ليلاً، بعدّة غارات، وشرّدوه خارج حياته، سلّم اللهُ منصوراً وأسرتَه والكثيرين من أبناء الحي من الموت، غير أن البعض لم تُكتَبْ لهم النجاة، فزُهقت أرواحهم، وأجسادهم مُزقت حيث مساكنهم نفسها.
يؤكّـدُ منصور: أن مئاتِ الأُسَرِ غادرت منازلها ليلتها من البوابة الغربية للميناء (الحي الذي يسكن فيه)، حيث أن كُـلّ أسرة هاجرت دون وجهة معينة، مشيرا إلى أنه كان الليل متأخراً، وكانت الفاجعة أكبر، ولم يسعفهم الوقت على التفكير..
منصور: ربّ أسرة، مُتهالك في شبابه، يُغادر أطفاله قبل أن يستيقظوا، ويعود إذَا جنّ الليل وناموا، دون أن يعمل شيئاً ولم يجد ما يعمله، حسبَ تأكيده، فقط خشية أن يرى الجوع في عين أحدِهم فيعانقه.
يقول منصور: لم يعرفِ الجوعَ من قبلُ طريقاً إلى بطون أطفالي، حتى حاصر حياتي آل سعود.
ويضيف: أنا وليُّ 6. منهم 3 أطفال أختي وليس لها ولهم غيري، وليس لي ولهم غير أخي المتزوج أيضاً والنازح معنا، والذي يعولنا كلنا، مِمّا تجودُ به دراجتُه النارية، والتي إنْ وفرت لنا ما يسُدُّ الجوعَ لن توفر ما يغطي الجسد، وإن توارينا خلف الصبر، فالصبر لن يقنعَ المؤجِّر على الانتظار..
منصور.. بذل في نطق ما سبق، ما يبذله ميتٌ يحتضر، بينما الكثيرُ من الكلمات والدموع ظلت حبيسة عينه ولسانه،
وعن دور المنظمات الإغاثية المحلية والدولية، أكّد منصور أنه ما زال ينتظر دورَه، أَوْ رُبما أنهم لم يتوصلوا بعدُ إلى التكليف الواجب عليهم تجاهه، رغم أن ما يمرُّ بهِ منصور، كنازح، كفيلٌ بإيقاظ ضمير من انسلخ عن إنْسَانيته.
النازح منصور خضري: البالغ من العمر 35 عاماً، متزوج ومعيل لـ 6 أولاد، من مدينة الحديدة (الميناء). يقيمُ حالياً بمنطقة الحصبة، العاصمة صنعاء، ويستأجر غرفتين بـ 15 ألف ريال، على حسابه.