كيف أقنع الغربُ العربَ أنهم قبائل لا دول وطوائف لا مواطنين؟ بقلم/ عبدالملك العجري
لا زال الموروثُ الاستشراقي الذي رافق الحقبة الاستعمارية هو المسيطرَ على العقل السياسي الغربي في نظرته للمجتمعات العربية؛ باعتبارِها مجتمعاتٍ مركبةً وجامدةً غير قابلة للتغيير، وللدول العربية؛ باعتبارِها تجمعاً اعتباطياً لخليط من القبائل والطوائف والإثنيات وليس كيانات سياسية جامعة، وأن أزمةَ الدول العربية ترجعُ إلى التعايش القهري في هذه الكيانات السياسية المصطنعة، ولا مخرج لها إلّا بتفكيكِ هذا التجمع القَسْري (الدولة) وإعادة تشكيلهِ في كيانات طوعية اثنية طائفية أَوْ قبلية أَوْ جهوية.
ليست المشكلة هنا، فالأدهى أنهم نجحوا في تصدير هذه الأفكار إلينا على أنها مفاهيمُ علمية وتحليلٌ علمي مُجَرّد، وليس لخدمة أغراض ومصالحَ سياسيةٍ وصارت جزءاً من أدوات التحليل الاجتماعي والسياسي والإعلامي، وتسلّلت إلى مجتمعاتنا في الجامعات ومراكز الأبحاث ومختلف وسائل الإعلام.
وليت الأمرَ اقتصر على النُّخبة السياسية إنما تعداها إلى المجتمعات وأَخَذَ كثيرون يقتنعون أن مشكلتنا هي ثقافية وليس اقتصادية ولا سياسية، في تعدُّد الطوائف والقبائل وليس في الفساد المالي والإداري والتبعية السياسية والجمهوريات الوراثية والديمقراطية الشكلية.
وأَخذت وسائطُ الميديا تطفحُ بالتنابز الطائفي وَتجاوز الهُويّة الوطنية الجامِعة إلى إعادة فرز وتصنيف الآخرين وفقاً لهُويتهم الثقافية والاجتماعية أَوْ المناطقية وأخذت الممالكُ والإمارات الخليجية وبعض الدول العربية تبحَثُ عن تحالفات طائفية ما قبل قومية أَوْ وطنية.
والمفارقةُ أن العلمَ والتحليلَ الاجتماعي العلمي الذي قسّم العرب إلى قبائلَ وطوائفَ لا يمانِعُ أن تكونَ اسرائيلُ إلى جانبِ هذه القبيلة العربية أَوْ الخليجية وَأن تكون عضواً في حلفهم الطائفي!!
كيف هذا؟
هذا علم ما دراكم!!