الـ “اوبزرفر” البريطانية: أهداف سياسية وراء الدعوات الأمريكية للسلام في اليمن
المسيرة | ترجمات
يتواصَلُ انكشافُ زيف الدعوات الأمريكية لوقف الحرب في اليمن، عبر وسائل الإعلام العالمية، فبعد تقرير مجلة “الايكونومست” الذي نشرته صحيفة المسيرة في عدد الأمس، والذي وضح أن الأمريكيين غيرُ جادين في تلك الدعوات، تناولت صحيفة “الاوبزرفر” البريطانية في افتتاحية عددها الصادر يوم، أمس الأحد،، الموضوعَ نفسَه، لتؤكّـدَ أَيْضاً أن الولايات المتحدة لديها “أهداف سياسية أنانية ومعيبة للغاية” من وراء دعوات السلام المزيفة.
في البداية تساءلت صحيفة “الاوبزرفر”: “لماذا استغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تتصرف إدارة ترامب، مع أن الخسائر المفزعة على حياة اليمنيين والتي سبّبتها حملة القصف التي تقودها السعوديّة بدعم من الغرب، قد تم توثيقها جيداً خلال السنوات الثلاث الماضية؟” تساؤلٌ يلفت الأنظار إلى توقيت الدعوات الأمريكية لإيقاف الحرب، حيث يشكل هذا التوقيت المفتاح الرئيسي الذي يمكن عبره النظرُ بوضوح إلى أهداف الولايات المتحدة من وراء تلك الدعوات.
وتجيبُ الصحيفة على ذلك التساؤل بالربط بين “الاندفاع الدبلوماسي الأمريكي المفاجئ” فيما يخص اليمن، وبين “قتل الصحفي السعوديّ جمال خاشقجي من قبل المخابرات السعوديّة”، إذ أسهمت القضية الأخيرة في تشويه صورة الرياض بشكل كبير، ووجهت أنظار العالم إلى جرائم ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان، وعلى رأس تلك الجرائم العدوان على اليمن، وبالتالي فإن واشنطن تحاول من خلال دعواتها إلى السلام، الحيلولةَ دون بدء التفات العالم إلى ما يحدُثُ في اليمن.
وأضافت الصحيفة مؤكّـدةً على ذلك، أن “ترامب حتى الآن لم يكن له أي اهتمام بحرب اليمن، بل كان يعتبرها واحدة من العديد من المسارح في مسابقة استراتيجية واسعة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهم الخليجيين من جهة، وإيران من جهة أخرى” كما أكّـدت أن “ترامب لا يمتلك أية رغبة للضغط من أجل صنع السلام، وذلك شيء يعرفه السوريون والفلسطينيون والكوريون” الذين لديهم تجارب طويلة مع طريقة التعامل الأمريكية الانتهازية فيما يخصُّ السلام.
وتابعت الصحيفة توضيحَ حقيقة أن الولايات المتحدة أرادت من خلال دعواتها للسلام في اليمن، تخفيفَ الضغط العالمي المركَّز على الانتهاكات السعوديّة، وقالت إن “ما يهم ترامب هو الحفاظ على العلاقات العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية للولايات المتحدة مع السعوديّين، وعلى وجه الخصوص مع ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه أمر بقتل خاشقجي، وقد كان ترامب يكابد لحماية الأمير محمد من سيل الإدانات الدولية التي أعقبت جريمة اسطنبول. لكنه لم يستطع أن يوقف الغضبَ الذي يسلّط الضوء على المسؤولية الشخصية للزعيم السعوديّ، عن الكارثة التي تتكشف في اليمن، من بين أمور أخرى سيئة”.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من التقارير الرسمية التي تشير إلى أن الولايات المتحدة قررت الآن ملاحقة بن سلمان، إلا أنه “لن يكون هناك أي عقاب حقيقي” وأوردت الصحيفة عدة أسباب لذلك، من بينها أن ترامب “يريد الحفاظ على مبيعات الأسلحة المربحة” إضافة إلى أنه يريد بن سلمان إلى جانبه مع “إسرائيل والإمارات ودكتاتور مصر، عَبدالفتاح السيسي” من أجل استهداف إيران، في إشارة إلى التحالف المتوقع تشكيله بين أمريكا ودول عربية وإسرائيل لمواجهة إيران.
وتطرقت الصحيفة أَيْضاً إلى انتخابات الكونجرس، والتي تعتبر من أهمّ أسباب انطلاق الدعوات الأمريكية المخادعة لوقف الحرب، إذ أن “ترامب يتعرض لضغوط متزايدة من الحزبين؛ بسببِ الكارثة الإنسانية في اليمن، والتي يلام السعوديّون عليها بشكل أساسي، ومن شأن الاقتراحات الأخيرة (دعوات وقف الحرب) أن تحد أو توقف عمليات بيع الأسلحة في المستقبل”.
وخلصت الصحيفة إلى أن أفضل طريقة وجدها ترامب أمامه لتجنب ذلك كانت “الدعوة إلى وقف حرب منسية كان يتجاهلها حتى الآن”.
وأوضحت الصحيفة أَيْضاً أن دعوات السلام الأمريكية نفسها كانت تحتوي عيوباً واضحة تؤكّـد عدم جديتها، إذ “تصر الولايات المتحدة على أنه، قبل أن يتوقف القصف السعوديّ، يجب على الحوثيين أولاً وقف هجماتهم الصاروخية، وهو شرط غير واقعي مسبق” كما أن تلك الدعوات “لا تقترح حتى وقفًا رسميًّا لإطلاق النار، بل مجرد “وقف للأعمال العدائية”، وهي فكرةٌ مختلفة تمامًا”.
وبناءً على ذلك أنهت الصحيفة افتتاحيتَها، قائلة: إن عملية السلام التي تدعو إليها الولايات المتحدة تقومُ “على أساس معيوب”، “وتهدف لغايات سياسية غريبة أنانية ومعيبة للغاية” وإن الانخراط فيها ربما يزيد الأمور سوءًا”، وبالتالي فإن “المبعوث الأممي أمام مهمة لا يُحسَد عليها”، وأضافت: “يجب أن نأمل، في المقام الأول، أن يمتنع السعوديّون عن شن هجوم جديد على ميناء الحديدة المحاصَر في الثلاثين يوماً”، وهو ما يناقِضُه التصعيدُ الجديدُ لتحالف العدوان في الساحل الغربي والذي بدأ منذ أيام.