تقسيم اليمن أولوية أمريكية ثابتة ومستمرّة .. بقلم/ محمد فايع
سبق وأن أكّـدنا ومعنا الكثيرُ أن تقسيمَ اليمن إلى كنتونات متناحرة كان وما زال وسيبقى أولوية أمريكية ثابته ومستمرّة.
الأمريكان بعد أن تقطعت بتحالفهم العسكريّ السبل وخَاصَّـة في معركة الساحل الغربي أتوا اليوم ليكشفوا على لسان وزير دفاعهم خلال مؤتمر الأمن في البحرين بأن الهدف الحقيقي من وراء العدوان على اليمن وشعبه هو تقسيم اليمن إلى كنتونات وزعم وزير الدفاع الأمريكي في تصريح له بأن الحَـلّ في اليمن وفقاً للرؤية الأمريكية لا يمكن أن يتحقّق إلا من خلال تقسيم اليمن إلى مناطق حكم ذاتي، داعياً في نفس الوقت من أسماهم بالحوثيين إلى القبول بحكم ذاتي في مناطق سيطرتهم، زاعماً أَيْضاً بأن ذلك يمثل فرصةً يجب أن يغتنمها من أسماهم بالحوثيين.
تقسيم اليمن كان أولوية أمريكية ثابته منذ أن أصبح لهم سفارة في اليمن إلّا أنه حينما تمكّن الشعب اليمني من إفشاله وأسقط أوكاره وقواعده بثورته السبتمبرية المباركة عام ٢٠١٤م، أعلن من واشنطن قرار العدوان على الشعب اليمني؛ وذلك لفرض مشروع التقسيم وهو مشروع سبق لأنصار الله ومن معهم من أحرار اليمن أن تصدوا له وأفشلوه في مؤتمر الحوار الوطني، بينما وافقت آنذاك بقية الأحزاب على تقسيم وتفتيت اليمن للأسف.
تصريحاتُ وزير الدفاع الأمريكي الأخيرة تثبت أَيْضاً أن ما يحدث في الجنوب على يد الكيانين الإماراتي والسعوديّ المحتلّين للجنوب بالوكالة إنما يأتي في إطار تنفيذ مشروع التقسيم الأمريكي الصهيوني لليمن بدأ بتقسيم الجنوب نفسه إلى عدة كانتونات متناحرة فيما بينها ومحكومة في نفس الوقت بالقواعد العسكريّة وبالأوكار المخابراتية الأمريكية الصهيونية وصولاً إلى تقسيم بقية اليمن.
إن دعوة وزير الدفاع الأمريكي إلى تقسيم اليمن تمثل رؤية كُـلّ صناع القرار داخل المنظومة الأمريكية والصهيونية..
وبالتالي فإن الإصرار الأمريكي على تقسيم اليمن أرضاً وإنْسَاناً في هذا التوقيت يكشف للشعب اليمني ولقواه السياسيّة أهميّة ومصيرية ومفصلية معركة الساحل الغربي، ومن ثم أهميّة استمرار الإنجازات الميدانية التي تحقّقها قُـوَّة الشعب اليمني الضاربة في مواجهة حُلم السيطرة الأمريكية على الموقع الاستراتيجي لليمن البحري.
إلى ما تمثله محافظة الحديدة ومينائها بشكل خاص من أهميّة استراتيجية عسكريّة واقتصادية وسياسيّة وأمنية لكل اليمن، وخَاصَّـةً في سياق المواجهة القائمة في مواجهة قوى الغزو والاحتلال بقيادة ورعاية العدوّ الأمريكي الصهيوني.
إن الهدفَ الذي يسعى العدوّ الأمريكي اليوم إلى تحقيقه من وراء دعوة وزير دفاعه هو فرضُ أمر الواقع الميداني القائم، حيث يتم على أساسه تقسيمُ اليمن فتصبحُ محافظة الحديدة مستقلّةً تحت أي مسمى، فيما تصبح المحافظات الجنوبية والشرقية تحت حكم الاحتلال الأجنبي، أما مأرب فبيد الإصْلَاح، بينما تبقى تعز وإب في دوامة الصراع، أما ما يتعلق بالمحافظات التي بيد الجيش واللجان فستبقى تحت رحمة الحصار، حيث ستكون مخنوقة بحصار مطبق على يد الاحتلال الأمريكي بالوكالة، فلا يبقى لها أي متنفس إلّا عبر المحافظات والمناطق الخاضعة للاحتلال الأجنبي.
على صعيد المواجهة العدوان ولمشروع التقسيم الأمريكي تعد معركة الساحل الغربي بشكل عام ومعركة الحديدة بشكل خاص المعركةَ الفاصلةَ لإيقاف العدوان ولإفشال مشروع التقسيم والتفتيت لليمن. وبالتالي ليس من المبالغ فيه القول بأن معركةَ الحديدة خَاصَّـةً والساحل الغربي بشكل عام تعتبر معركةً استثنائية..
وهو ما أكّـدته قوى العدوان وعلى رأسها أمريكا حينما عملت على تعطيل جولة الحوار الأخيرة؛ وذلك حتى تمنح قطعانها وحشودها العسكريّة في الساحل فرصةً زمنية أَكْثَـرَ؛ عَلَّها تتمكّن من احتلال الحديدة، بل أَكْثَـر من ذلك وجدنا قائد القُـوَّات المركزية الأمريكية يتولى وبشكل مباشر قيادة التصعيد الثاني في معارك جنوب ك ١٦.. إلّا أنه مع كُـلّ ذلك استطاع الجيش واللجان الشعبيّة أن يفشل بقُـوَّة الله تصعيد التحالف الأمريكي بل وأن يُلحِقَ بقُطعانهم ومرتزِقتهم وآلياتهم هزيمةً تنكيلية مُرَوّعة ومشهودة أجبرت قوى العدوان على الاعتراف بالفشل والهزيمة في أَكْثَـرَ من موقف وبأَكْثَـرَ من أسلوب.
إن تقديم الأمريكان لمسار تقسيم اليمن كحلٍّ وحيد لليمن يكشفُ بجلاء زيف الشعارات التي رفعها العدوان طيلة الأربع السنوات كإعادة ما تسمى الشرعية ومحاربة المد الإيراني والمجوس والروافض والدفاع عن صحابة رسول الله، حيث يتبين أَكْثَـرَ أن الهدفَ الحقيقيَّ هو تقسيم اليمن وفق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أعلن في ٢٠٠٦م..
الأمريكان أكّـدوا بتصريحات وزير حربهم وللمرة الألف بأن قرار إيقاف العدوان بأيديهم وحدَهم تماماً، كما صدر من عاصمتهم واشنطن قرار شن العدوان اليمن وشعبه قبل أربع سنوات. وبالتالي فإن قرار إيقاف العدوان سيبقى مرهوناً بتحقيق الهدف الأولوي والأساسي للعدوّ الأمريكي الصهيوني، وهو فرض مشروع التقسيم لبلدنا، وهو ما لم ولن يتحقّق لهم فالشعب اليمني الذي أسقط المشروع نفسه بثورته المباركة قادر بما يمتلكه من وعيه على إفشاله وإلى الأبد.
على مسار المعركة العسكريّة والسياسيّة والاقتصادية يتمتع الشعب اليمني اليوم أَكْثَـرَ من أي وقت مضى بمقومات الصمود الذاتي وبمقومات القُـوَّة العسكريّة والمالية، فضلاً عما توفر له بفضل الله من قيادة قرآنية ثورية وما يرتبط بها من قيادة سياسيّة وعسكريّة حكيمة وشجاعة.
إذن شعبنا قادرٌ -بعون الله وتوفيقه- على حسم المعركة عسكريًّا لصالحه، وفي النتيجة فإن الشعب اليمني بكل تلك المقومات هو من سيقول بعون الله كلمةَ الفصل الأخيرة في هذه المعركة المصيرية. وسيجعل من الانتصار في معركة الساحل الغربي بشكل عام منطلقاً لصناعة المتغيرات وَقَلْب موازين لصالح محور المقاومة على مستوى المنطقة والعالم الإسْلَامي، كما سيكون للنصر اليماني ارتداده السلبي الفاعل على مشاريع التقسيم والتآمر الأمريكي الصهيوني التكفيري في المنطقة والعالم الإسْلَامي وعلى مشاريع وخطط التصفية الأمريكية الصهيونية للقضية الفلسطينية، وآخرها مشروع صفقة القرن، وخَاصَّـةً من النواحي الاقتصادية والجغرافية والسياسيّة.