خدعة أمريكية جديدة للتهرب من مسؤولية قتل اليمنيين: إيقاف تزويد “التحالف” بالوقود
المسيرة | ضرار الطيب
وسطَ الانتقادات المتزايدة التي تتعرَّضُ لها؛ بسببِ علاقتها بالنظام السعوديّ وانتهاكاته، لجأت الولاياتُ المتحدةُ، أمس، إلى حِيلةٍ جديدة؛ للهروب من مسؤوليتها عن جرائم تحالف العدوان الذي تقودُه السعوديّة على اليمن، وذلك بالإعلان عن “وقف تزويد طائرات التحالف بالوقود”، في خدعة جديدة مكشوفة لإقناع العالم بأن واشنطن بدأت باتخاذ إجراءات جدية ضد “التحالف”، على أملِ تخفيف الضغوطات والانتقادات، بعد أن فشلت خدعةُ “دعوات السلام” التي لم يمر عليها أسبوعان.
الإعلانُ نفسُه جاء بطريقة هزلية حاولت الإدَارَة الأمريكية من خلالها إرضاءَ الانتقادات والتهرب من المسؤولية في وقت واحد، ففي البداية نشرت صحيفة “واشنطن بوست” أن واشنطن قرّرت وقفَ تزويد طائرات تحالف العدوان بالوقود، لكن لم يكن هناك تأكيدٌ رسمي أمريكي، وبعد ساعات خرج “التحالفُ” ببيان نشرته وكالة الأنباء السعوديّة، يقول فيه إنه “طلب من الجانب الأمريكي وقف تزويد طائراته بالوقود في العمليات الجارية في اليمن” ثم جاءت التصريحات الرسمية من واشنطن عن طريق وزير الدفاع، جيمس ماتيس، الذي “أيد القرار السعوديّ”.
لعبةٌ مفضوحةٌ أرادت الولاياتُ المتحدة في بدايتها أن يرى العالم أنها بدأت تستجيبُ للضغوط وأنها في صدد تقليص دعمها للنظام السعوديّ؛ بسببِ جرائمه في اليمن، لكنها لم تستطع الإعلان عن ذلك رسمياً بنفسها، إذ أنها ما زالت حريصةً على ألّا تعترف بأنها مشتركة في تلك الجرائم بأي شكل، وبالتالي كان على الرياض أن تعلن بعد ذلك بأنها “طلبت” كي تستطيعَ واشنطن أن تختمَ هذه اللعبة بدون أن تضطرَّ لأي اعتراف.. وكانت المحصلة الواضحة لهذه الخطوات المراوغة هي أن واشنطن تريد فقط أن تتهرب من الانتقادات الموجهة إليها على خلفية دعمها لتحالف العدوان.
ولم تكن اللعبة ـ على الرغم من هذه المراوغة ـ صعبةَ الفهم على أحد، بما في ذلك الوسط الأمريكي نفسه، إذ قال عضو الكونجرس، الديمقراطي “كريس مورفي” معلقاً على الإعلان في حسابه على تويتر “إذا كانت الإدَارَة الأمريكية ترى تزويد الطائرات السعوديّة بالوقود فكرة سيئة، لماذا إذَا لا تزال تبيع السعوديّين القنابل وتساعدهم على اختيار الأهداف؟”.. تساؤل لم يجب عليه ماتيس الذي قال بعد “تأييده” للإعلان السعوديّ: إن “الولاياتِ المتحدةَ ستواصلُ العملَ مع التحالف” أَوْ أنه أجاب بطريقة أُخْرَى، فكلامُهُ يفيد بوضوح بأن واشنطن لا تنوي التفريطَ بالأموال السعوديّة مهما كان الثمن، وأن هذه مُجَـرّد مسرحية.
وكالةُ “أسوشيتد برس” كانت واحدةً من وسائل الإعلام العديدة التي تناولت العرضَ المسرحي الأمريكي- السعوديّ، وفي تقرير لها نقلت عن مسؤولين أمريكيين، قولهم: إن “إنهاء التزود بالوقود لن توقفَ التدريبَ الأمريكي والمساعدة العسكريّة للتحالف” بعد أن أشارت إلى أن الذخائرَ الأمريكية استخدمت في ارتكاب العديد من المجازر في اليمن.
أما صحيفةُ الجارديان البريطانية فقالت: إن “القرارَ الذي تم بالتنسيق بين واشنطن والرياض قد يكون محاولة من كلا البلدين لحرمان الكونجرس من اتخاذ المزيد من الإجراءات”، في إشارة إلى التقارير التي تفيد بوجود حراك في الكونجرس حول ضرورة انسحاب الولايات المتحدة من تحالف العدوان، من أجل إحلال السلام في اليمن.
بالإجمال، لم تنطلِ الخدعةُ الأمريكية السعوديّة على أحد حول العالم، خُصُوصاً وأنها تأتي بعد فترة بسيطة من خدعة “الدعوات لوقف الحرب في اليمن” التي أطلقها وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيان، والتي اتضحت للجميع بأنها لم تكن سوى “فرصة” منحتها الولايات المتحدة لتحالف العدوان من أجل تنفيذ تصعيده الجديد في الحديدة. أما في اليمن، فموقف سلطة صنعاء بجميع مكوناتها، واضحٌ وثابت منذ قرابة أربع سنوات، وهو أن أمريكا ذات القرار الأول والدور الأبرز في العدوان، ولا مجال لها لإنكار مسؤوليتها عن جميع المجازر والكوارث التي حلّت بالبلد، وعليها إيقاف هذا العدوان أولاً قبل أن تتحدثَ عن أي “سلام”.