قبل أن يصل بنا الحال إلى عدم وجود مكان آمن ننزح إليه..!! بقلم/ منصور البكالي
لتجنِّبَ نفسَك وأسرتك معاناةَ النزوح، ولكي لا تكون نازحاً يوماً ما، وقبل أن يصل بنا الحالُ إلى عدم وجود مكانٍ آمن ننزح إليه، يجبُ علينا رفدُ الجبهات بالرجال والمال، ودحر الغزاة والمرتزِقة.
هذه جملةٌ من النصائح التحذيرية المقدمة من قلوب متألمة عاشت ويلات النزوح وتبعاته، من إخوتنا النازحين من أبناء محافظة الحديدة في العاصمة صنعاء، يمثل كُـلُّ جزء منها قنبلةً متفجرة تهز المشاعر والوجدان، وتوقظ الحمية والغِيرة وتجسّد صورة خيالية، لشعبٍ محتلّ ومحافظات مدمّرة يعبث بها الغزاة ومرتزِقتهم.
إن هذه النصيحة من أصدق النصائح وأهمها ويتوجبُ على كُـلّ أبناء شعبنا اليمني أخذُها بعين الاعتبار، وتخيل كُـلّ واحدٍ منا وهو يعيش حياة النازحين المشردين من بيوتهم ومزارعهم ومتاجرهم داخل بقية المحافظات الحرة، مع انعدام مصادر الدخل والاعتماد على فتات وفضلات المنظّمات الإنسانية وقلة من فاعلي الخير، أَوْ العيش في بيوت الأقارب وبعض الأهالي مع التحمل لسخطهم، ومضايقتهم وتقدير صبرهم ومعروفهم.
الوقت يضيق والمحتلّ مستمرّ في احتلال شعبنا وأرضنا، محافظة تلو أُخْرَى، ومديرية تلو أُخْرَى وقرية جوار قرية، لا يزال الكثير منا لم يتحَرّك إلى اليوم، ولم يفهم خطورةَ المرحلة التي نمر بها بمختلف مكوناتنا الصامدة ضد العدوان أَوْ المؤيدة له أَوْ فئة الصامتين “الحياديين” كما يزعمون.
وحالنا كمَن يقفُ في صفوف الانتظار إلى أن يأتيَه الدورُ ويصل الغزاة إلى تدمير مدينته ومتجره وقصف منزله فيتحَرّك على قطار النازحين متسولاً أَوْ منتظراً لتعاطف الآخرين معه ومع أطفاله ومحارمه!!! فالله المستعان.
هل ينتظر أبناء صنعاء وذمار وعمران وصعدة وحجة والمحويت وريمة وإب وتعز والبيضاء والجوف والحديدة التي تتعرض حالياً للاحتلال أن تحتل حافظاتهم أَوْ ما بقي منها، فيكونوا أذلاءَ نازحين مشردين، ومع استمرار العدوان لن يجدوا مناطقَ آمنة ينزحون اليها، ويأمنون فيها على أنفسهم وأسرهم، أَوْ يعيشوا صابرين على قبائح الغزاة وأفعالهم كما يحصل اليوم بحق أبناء المحافظات والمناطق المحتلّة من سلب لكرامتهم ونهب لممتلكاتهم وانتهاك لأعراضهم وأسر واغتصاب لرجالهم وأطفالهم، واغتيالات لوجهائهم وعلمائهم، وتجنيد لشبابهم وتحويلهم إلى مرتزِقة وعبيد يوقدُ بهم الغزاة معاركَه الخاسرة في مختلف الجبهات.
وفي مثل هذه الحالة المحتلُّ يضعُنا جميعاً بين خيارين لا ثالثَ لهما، إما نموت تحت أسقف منازلنا وفي أسواقنا ومساجدنا وفوق وسائل التنقل والنزوح بقصف طيرانه وحصاره للغذاء والدواء بشكل لا قيمة له، أَوْ يموت البعضُ منا شهداءَ في جبهات الدفاع المقدس عن أرضنا وعرضنا وكرامتنا، فنصنع من دمائنا سُلّماً للنصر أَوْ معراجاً للشهادة، ونحفظ كرامتنا وعزتنا ونحمي أطفالنا وأعراضنا.
فالواجبُ على كُـلّ أبناء الوطن استشعارُ حجم المعاناة ومسارَعة الخطوات لتفادي الوقوع فيها من خلال استشعار المسئولية الدينية والأخلاقية والقبَلية.. والنفير العام نحو جبهات الجهاد المقدَّس لصد الغزاة والمرتزِقة وتمريغ أنوفهم بالتراب ودفنهم في مقبرة الغزاة الكبرى التي عرفها التأريخُ باسم اليمن.