“دير شبيغل” الألمانية: قرار نقل البنك المركزي أوصل اليمن إلى المجاعة
المسيرة | ترجمة خاصة
نشر موقع “شبيغل أونلاين” تقريراً نقله عن مجلة “دير شبيغل” الألمانية، بعنوان “اليمن ينزلق إلى رعب المجاعة” أكّد على مسؤولية تحالف العدوان وحكومة المرتزِقة عن انهيار العُملة اليمنية، والآثار الكارثية التي ترتبت على ذلك في جميع مناطق البلاد، بما في ذلك المناطق التي تحت سيطرة العدوان ومرتزِقته، وحتى تلك التي لم تشهد أية مواجهات عسكرية، موضحاً أن عملية نقل البنك المركزي إلى عدن كانت الخطوة الرئيسية التي أدّت إلى ذلك التدهور، والوصول إلى الكارثة الإنْسَانية التي ضربت البلاد.
التقرير أعده الكاتب “كريستوف رويتر” على ضوء زيارة ميدانية قام بها في شهر سبتمبر الفائت إلى محافظة حضرموت الواقعة بالكامل تحت سيطرة الاحتلال السعوديّ الإماراتي، ويقول “رويتر” إنه شاهد خلال رحلته جنوداً تابعين لسلطات المرتزِقة في المكلا خرجوا لقمع متظاهرين كانوا ينددون بالانهيار الاقتصادي بعد أن فقد الريال نسبة كبيرة من قيمته؛ بسببِ سياسات السلطات التابعة للعدوان.
وروى “رويتر” فصول تدمير الاقتصاد اليمني منذ البداية، فقال: “إن انهيار العُملة يتحمله القرار الذي اتخذه الرئيس المتحالف مع السعوديّة، هادي، قبل أكثر من عامين، والذي أصبحت عواقبه ملموسة الآن: وهو تعطيل دور البنك المركزي في البلاد، إذ كان البنك مسؤولاً عن أكثر بكثير من استقرار العُملة والسياسة النقدية، كما أدار رواتب الدولة، ودفع رواتب 1.2 مليون موظف مدني وضباط شرطة وجنود، وكان أكثر من 6 ملايين شخص يعتمدون على هذه المدفوعات”.
وأضاف: “حتى بعد أن بدأت الحرب، واصل البنك (في صنعاء) القيام بذلك، بالإضافة إلى دفع الديون الدولية والإشراف على تقلص احتياطيات البلاد من العُملة الصعبة. وباختصار، حاول البنك إنقاذ البلاد، وحتى الجنود على الطرف المضاد في الجبهات استمروا في تلقي رواتبهم، طالما أنهم انضموا إلى الجيش بحلول عام 2014. وقد تلقى المدرسون ورجال الشرطة والموظفون الإداريون والأطباء والممرضون في جميع أنحاء البلد رواتبهم بشكل موثوق. وعلى الرغم من العنف، كانت تقلع طائرة نقل عسكرية أَوْ واحدة من الطائرات القديمة التابعة لشركة الطيران الوطنية اليمنية، كل بضعة أسابيع، من صنعاء إلى عدن في الجنوب، محملة بالنقود” في إشارة إلى الطائرات التي كانت تحمل رواتب الموظفين الجنوبيين من صنعاء قبل نقل البنك.
واعتبر التقرير أن ثبات البنك المركزي في صنعاء “كان بفضل رجل واحد: محافظ البنك محمد بن همام” وأوضح أنه “عندما قام هادي بإقصاء بن همام وأخضع البنك لسيطرته في عام 2016 قبل نقله إلى عدن، بدأ في تحريك الكارثة التي تحكم قبضتها على اليمن الآن” مشيراً إلى أنه “في ذلك الوقت، حذّر بن همام من أن الدولة ستنهار وعاد إلى مدينة الشحر”.
وقال رويتر إنه التقى بالمحافظ السابق للبنك المركزي “بن همام” حيث وافق الأخير على إجراء أول مقابلة معه خلال عامين، وأوضح رويتر أن بن همام “سافر إلى الرياض وواشنطن، وتفاوض مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث وعده الجميع بأنهم سيواصلون حماية استقلال البنك المركزي اليمني. لكنهم لم يفوا بتلك الوعود” وأضاف: “المملكة العربية السعوديّة لم تكن تريد الاستقرار، بل أرادت النصر”.
ويتابع رويتر قائلاً: “عندما اتضح أن الحملة السعوديّة -التي تم تصورها في البداية كعملية تستغرقُ أسابيعَ قليلة- لم تحقق النتائج المرجوة بعد عام، لجأت الرياض لاستخدام التجويع كسلاح، وبدءًا من يونيو 2016، توقف الرئيس هادي عن إرسال إيرادات حقول النفط المحتلة إلى البنك المركزي، حيث قام بتحويل الأموال بدلاً عن ذلك إلى حساب في بنك سعوديّ. وفي يوليو من ذلك العام، أصدر أمرًا بوقف وصول البنك المركزي إلى جميع حسابات العملات الصعبة في الخارج. ثم في 18 سبتمبر من ذلك العام، قام باستبعاد بن همام ونقل البنك إلى عدن الواقعة ضمن مناطق الحرب، بدعوى الحفاظ استقلاله”.
ويضيف بعد ذلك: “إن نقل البنك المركزي إلى عدن كان أقرب إلى تعطيله، فلمدة عام كامل بعد وصوله إلى عدن، لم يكن لدى البنك الجديد حتى رمز سويفت، مما يعني أنه لم يكن لديه إمكانية الوصول إلى نظام الشبكة المالية العالمية. واستمرت عائدات النفط في الوصول إلى الحساب في المملكة العربية السعوديّة، وكان لدى خلفاء بن همام وصفة واحدة فقط لمعالجة الفقدان المستمر لقيمة العُملة: طباعة المزيد منها، وبمئات المليارات من الريالات”.
وهنا ينقل رويتر عن “بن همام” قوله: “نحن نسقط في كارثة. يمكن أن يزداد التضخم سوءاً”، مشيراً إلى أن المساعدات المالية التي تعهدت بها السعوديّة في أوائل العام الجاري، لم تصل إلا نسبة ضئيلة منها، “والباقي ما زال في حسابات في المملكة” في توضيح للدور السعوديّ المباشر في إيصال الكارثة إلى ما وصلت إليه.
وأنهى رويتر التقرير بالحديث عن المحافظ السابق للبنك المركزي قائلاً: “الرجل الذي سعى إلى منع الكارثة التي توقعها الجميع لا يزال جالساً في غرفة جلوسه في الشحر، من المستحيل تفويتُ المرارة في صوت بن همام وهو يطلق مناشدة للعالم: (يمكن للمجتمع الدولي إيقاف السقوط، لو كان يريد ذلك، إذَا أعادوا تأسيس بنك مركزي مستقل بشكل حقيقي مع ضمان أن يتم دفع إيرادات النفط إليه، بحيث يحصل الموظفون على رواتبهم.. إذَا قاموا بتثبيت استقرار الريال مع ما يقارب أربعة مليارات دولار، بدلاً عن 2 مليار دولار، يمكنهم إنقاذ البلاد).. (ولكن هل يريدون حقاً؟)”.