الأبواق المأجورة والأقوال الزائفة .. بقلم اللواء الركن/ محمد محمد المؤيد
* مستشار وزير الدفاع
الكثيرُ من الأبواق المأجورة نجدها من عقود من الزمن وإلى يومنا هذا لا تكف عن نشر الأخبار الكاذبة والأقوال الزائفة وذلك من أجل الحيلولة دون إقامة الاحتفالات بالمولد النبوي وحتى أولئك الذين ينتسبون إلى الدين الإسْلَامي نراهم يفتون جهلا بالتفسيق والتبديع على كُـلّ من يحتفل بمولد المصطفى صلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم، بل وقد بلغ بهم الجهلُ إلى تكفير كُـلِّ مَن احتفل به وآل سعود الذين أهم أدوات للاستكبار العالمي هم من يدعمون ويشجعون هذه الأبواق المأجورة والجماعات المتطرفة على اختلاف أشكالها وعناوينها وأسمائها المتعددة والتي ليس لها من أهم إلّا محاربة المحتفلين بمولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنع الناس عن هذه الاحتفالات باذلين في سبيل ذلك الأموال الطائلة ومسخرين الإمكانات المختلفة وكأنه لم يبق أمامهم من منكر على وجه الأرض إلّا الاحتفال بالمولد النبوي فهو منكر كما يزعمون وتجب محاربتُه مبرّرين زعمهم هذا بحُجّتهم بأن الاحتفالات لم تكن معروفةً على عهد رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلم ولا على عهد صحابته أَوْ عهد التابعين وحَتَّى لا يغتر بأولئك المضللين وفتواهم الخارجة عن الطريق المستقيم السذج من العوام والجَهَلة من الطغام فإني سوف أبين معنى البدعة، ثم أردف ذلك بحقائق تفضح جهلهم بالدين وبمقاصد الشريعة وأصولها فهم لم يسبروا غَوْرَها ولم يدركوا سرها.
معنى البدعة في اللغة (الإبداع: إنشاءُ صَنْعَةٍ بلا احتذاء واقتداء)، والبديعُ المبدع وبدع الشيء يبدعه بدعاً أنشأه على غير مثال سابق، فهو بدع، وفي التنزيل العزيز (بديع السماوات والأرض) أي منشئُهما على غير مثال سابق وأبدع: أبدأ، والبِدَع: بالكسر الأمرُ الذي يكونُ أولاً يقالُ ما كان فلان بِدَعاً في هذا الأمر، أَوْ في التنزيل العزيز (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ) قيل معناها مبدعاً لم يتقدمني رسول وقيل مبدعاً فيما أقوله..) وقال الراغب ((إذا استعمل أي الإبداع في الله تَعَالَى فهو إيجاد الشي ء بغير آلة ولا مادة ولا زمان ولا مكان وليس ذلك إلّا الله والبديع يقال للمبدع ثم ذكر الآية…)).
فالبدعةُ ما استُحدث في الدين وغيره، قال الراغب: والبدعةُ في المذهب إيرادُ قول لم يستبن قائلُها وفاعلها فيه بصاحب الشريعة وقال صاحب كشف الارتياب: البدعة إدخال ما ليس من الدين في الدين وَلا يحتاج تحريمها إلى دليل خاص لحكم العقل بعدم جواز الزيادة على أحكام الله تَعَالَى ولا التنقيص منها لاختصاص ذلك به تَعَالَى وبأنبيائه الذين لا يصدرون إلا عن أمره.
والخلاصة من هذا كله أن البدعة استحداث أمر ما يرفضه الذوق ويستنكره العرف وَلا يقبله العقل وليس له أصل في الشريعة ولا يدخل في أي أمر عمومي؛ ولذلك جاء في الحديث الذي رواه البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنه قالت قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد.. أي من أحدث أمراً لا يندرج تحت شريعتنا وليس له أصل ولا يدخل في أي لفظ عام فهو مردود.
هذا ولتعلم بأن البدعة لا تكون بدعة إلّا إذَا فعلت بعنوان إنها من الدين أما إذَا كانت في غير الشرع فلا مانع منها لضرورة ذلك كالابتكار والابتداع في العادات والتقاليد وفي الأمور الحياتية والمعيشية وَ… إلخ، فالاحتفال بمولد المصطفى صلَّى اللهُ عليه وآله وسلم ليس من هذا أَوْ ذاك، بل هو يدخل في عموم وجوب تعظيمه واحترامه صلَّى اللهُ عليه وآله وسلم قال تَعَالَى ((لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوه))((وقال ابن عباس: تعزروه تجلوه وقال المبرد: تعزروه تبالغوا في تعظيمه وقال تَعَالَى (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ، أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الأعراف 157، وكلمة (عزروه) تعني التعظيم والتبجيل والتكريم مع إشهار التعظيم وتعظيمه صلَّى اللهُ عليه وآله وسلم كما يكون في حياته كذلك يكون بعدَ وفاته إلى قيام الساعة، فإشهار الاحتفالات في يوم ميلاده صلَّى اللهُ عليه وسلم وإلقاء الخطب والقصائد يعد مصداقاً لقوله تَعَالَى (وعزّروه) ومصداقاً لقوله تَعَالَى (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) كذلك الاحتفالات هي نوعٌ من رفع الذكر المذكور في الآية الآنفة الذكر.
وخلاصة القول إن هذا الآيات القُــرْآنية المذكورة آنفاً وغيرها جاءت تحثنا وتأمرنا بمحبة النبي صلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم وتعظيمه وتوقيره واحترامه.