الشركة اليمنية لصناعة الأدوية تعود للعمل بعد ثمان سنوات من التوقف
المسيرة: أيمن قائد
رغم استمرار العدوان الجائر الذي يستهدفُ كُـلَّ مناحي الحياة والحصار الخانق والحرب الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والذي أدى إلى وفاة الآلاف من المرضى جراء انعدام الأدوية في المستشفيات، عادت الشركةُ اليمنية لصناعة الأدوية إلى لاستئناف عملها بعد توقيفها منذ عام 2011؛ بسببِ اقتحامها من قبل قوات الفار علي محسن؛ تنفيذاً للأجندة الأجنبية العدوانية التي كانت تسطو على مقدرات وخيرات البلد، بالإضافة إلى حماية الفساد الإداري الحاصل في تلك الفترة والتنازع والتسابق على السلطة والقضاء على كُـلّ ما فيه نهوض للوطن وتطويره.
وأدّت تلك المخططاتُ إلى إغلاق الشركة اليمنية لصناعة وتجارة الأدوية وعدد من المصانع والمؤسسات الإنتاجية وشلت حركتها تماما وأوقفتها عن التصنيع والإنتاج وتغطية السوق المحلية، مما تسبب في ارتفاع معاناة المرضى وتزايد شكاوى الأطباء.
ومع استمرار تلك المؤامرات، ظلت الشركة اليمنية للأدوية مؤصدةَ الأبواب، حتى استعاد الشعبُ قرارَه وإرادتَه من جوّالات السفراء وأسوار السفارات.
صحيفة المسيرة قامت بزيارة الشركة بعدَ أن عادت للعمل بتوجيه من القيادة السياسية الحكيمة؛ للتعرف على الأصناف التي تنتجها والكادر العامل فيها.
الدكتور عبدالله الحمزي -رئيس مجلس إدارة الشركة اليمنية لصناعة وتجارة الأدوية- التقت به صحيفة المسيرة أثناء زيارتها وذكر بأن عدد العاملين في الشركة حوالي 400 موظف توقفوا جميعهم عن العمل بعد توقف الشركة، مُشيراً إلى أنه وبعد إعَادَة الشركة للعمل يتم استدعاء الموظفين بالكامل، مضيفاً “أما المدراء ورؤساء الأقسام فيتم استدعاؤهم بشكل مستمرّ حتى أثناء فترة انقطاع الشركة عن العمل”.
الهيكلُ الفني والتقني للشركة:
ولفت الحمزي إلى أن الشركة تتكون من ثلاثة مصانع، وهي مصنع المحاليل الوريدية الذي يتكون من خط إنتاجي واحد، والمصنع العام وفيه خمسة خطوط إنتاجية ومصنع المضادات الحيوية وفيه خطان إنتاجيان.
وأكد الحمزي أنه وكبداية تم فتح المصنعين الأولين، وهو مصنع المحاليل الوريدية، وذكر أن سببَ توقيفه هو حدوث خلل في الآلة؛ نتيجة لفعل قوات الفار علي محسن حين اقتحمت الشركة، التي تعمدت تعطيلَها؛ كونها خطًّا حيويًّا هو الوحيد في اليمن، مضيفاً “تم تعطيله بطريقة ممنهجة حتى نصبح غير قادرين على توفير المحاليل داخل البلاد”.
وعلى الرغم من أن الدولة كانت حينها قادرةً على إعَادَة تشغيلها إلّا أنها انخرطت ضمن الآلية التي رسمتها قوى العدوان، حيث قال الحمزي: إن المشكلة ليست الاحتياج فقط إلى قطعة غيار، حسب ما أفادت الشركة الألمانية “بلومات” حين تم التواصل معها في ذلك الوقت.
أسبابُ توقف الشركة عن العمل:
أوضح الدكتور عبدالله الحمزي أنه في عام 2011 حصل توقف نهائي للمصنع؛ بسببِ احتلال قوات ما يسمى ” الفرقة الأولى مدرع” التابعة للفار على محسن.
وأضاف “ثم كانت هناك عدة محاولات لتشغيله، وبالأخص في عام 2012 ثم توقفت ومن ثم في عام 2013 وتوقفت ومحاولة أخرى في عام 2015، وفشلت هذه المحاولات في مراحلَ معينة، ولكن لم تنفع كُـلّ هذه المحاولات، بالإضافة لوجود بعض الخلافات والمهاترات والنقابات وظهور التنازع الحزبي إلى جانب الفساد الإداري الذي أفشل كُـلّ الخطط الإنتاجية التي كانت لها دورٌ في النهوض بالبلد وسد حاجات المواطن في توفير الأدوية بسهولة دون معاناة.
إعَادَةُ تشغيل الشركة ومساعي الإنقاذ:
تَم تدشين إعَادَة تشغيل الشركة يوم الأحد من الشهر الماضي بعد ثمان سنوات من تعطيلها، وذلك بحضور أعضاء حكومة الإنقاذ ورئيس الهيئة العليا للأدوية وبعض القطاعات الاقتصادية العاملة.
وأكد الحمزي أن هذا يدل على أن هناك إرادةً سياسية قوية من قيادة الدولة ومن قيادة الثورة لتشغيل الوحدات الاقتصادية، مضيفاً “ونأمل من الجهات المعنية أن تتفاعل مع هذه الإرادة وتحاول أن تنقل الإرادة إلى تنفيذ عملي”.
ولفت الدكتور عبدالله الحمزي رئيس مجلس إدارة الشركة إلى أن هناك خططاً لعام 2019 لإنتاج المزيد والمزيد من الأنواع المختلفة من الأدوية، مُشيراً إلى أن هذا الإنجاز يأتي في إطار المشروع الذي أطلقه الرئيس الشهيد صالح الصمّاد “يدٌ تبني ويدٌ تحمي”.
جهودُ المجلس السياسي الأعلى في تشغيل الشركة:
وأكد الحمزي استجابةً لتوجيه القيادة السياسية بافتتاح المصانع، كلّف المجلس السياسي الأعلى بتشكيل لجنة لدراسة وضع الشركة وتم العمل على تشغيله في 2017، حيث تم البدء بعمل الصيانة للآلات.
أشار الحمزي إلى أن قيام قوى العدوان بنقل البنك تسبب في ضائقة مالية لعمل الصيانة، ما أجبرهم إلى التركيز على نقاط معينة حتى يتم التشغيل وحتى تنتج دخلاً أساسياً لاستمرار العمل دون توقف.
واتبع الحمزي “هناك وعود من القيادات السياسية في البلاد أنه سيتم دعم المصنع ولكن لم يستطيعوا؛ بسببِ الحصار الاقتصادي والذي حال دون ذلك، ولكن لم يتوقف العمل، بل بدأ العمل على نقطة نقطة داخل المصنع، وكذلك استلام القرض من تجار الأدوية كشكل جزئي حتى تنهض الشركة وتستطيع أن تغطي كُـلَّ العجز الحاصل في البلاد وتقوم بسداد كُـلّ القروض للتجار.
ولفت الحمزي إلى أن “العام الماضي كلفت الصيانة أَكْثَــر من عشرين مليون ريال والآن بدأنا بصيانة مصنع المحاليل”.
الطموحُ ودورُ المنظمات في المجال الطبي وعراقيل الحصار:
ومن جانب المنظمات، ذكر الحمزي للمسيرة أن هناك وعوداً من منظمة الهجرة الدولية بتوفير خط جديد حتى يتم صيانة الخط القديم الطبي في هذه المرحلة، إلا أن الوعود لم تتحقق بعد، لكن -حسب ما أفاد الحمزي- فإن “منظمة الهجرة” جادة في وعودها وتتواصل مع قيادة الشركة بشكل مستمرّ.
وذكر أَيْضاً أن الخطة الاستراتيجية في هذا الوضع تحتاج إلى وضع مستقر لتنفيذها والبدء فيها، مشيراً إلى أن هناك معاناةً شديدة في وصول المواد الخام وتحتاج فترة كبيرة جراء الحصار، إضافة إلى ضآلة السيولة المالية.
وقال: “إننا بفضل الله لن نصبحَ عالةً على الدولة، بل سنصبح منتجين للدولة ومصدر دخل وفي توفير الأمن الدوائي في البلاد، وخصوصاً في ظل هذا العدوان الغاشم الذي استهدف كُـلّ نواحي الحياة الذي لا يتحلى بأية قيم وأخلاق ولا إنسانية ولا دينية ولا عربية، فهم يستهدفون كُـلّ شي في اليمن وبما فيها دواء المرضى والتضييق على دخول الدواء”.
وأضاف: “يجب علينا إطلاق صرخة للعالم أننا لا ينقصنا وجودُ المال، فتجار سوق الأدوية لديهم المال ولكن الذي ينقص هو تواجدُ الأدوية ولا يزال بعض التجار الوطنيين مستمرّين في سوق الأدوية، وهناك تجار امتنعوا عن إدخال الأدوية وأغلقوا شركاتهم وأوقفوا نشاطاتهم تماماً”.
المسؤوليةُ التي يجبُ أن يحملها الجميع:
الحمزي أكد أن على الدولة إعَادَة النظر في هذا المسار وتقييم الوضع وإطلاق صرخة بما يتعلق بالجانب الدوائي بشكل عام، مستطرداً: “وليس فقط كذلك نستغيث ونصرخ بل نحتاج إلى عمل أَيْضاً في الميدان كما هو الحاصل الآن”.
وأشار الحمزي إلى أن قيادة الشركة بحاجة فقط إلى مساندة حتى تتم إعَادَة التشغيل بشكل متكامل ومستمرّ؛ كي لا تكون الشركة عالة على الدولة وتصبح قطاعاً إنتاجياً مهماً يوفر أمناً دوائياً ويوفر لخزينة الدولة مبالغَ مالية.
وحسبما أكد الدكتور عبدالله أنه “لو تمت الأمور بشكل متكامل وإذَا تم توفير مبلغ مالي الذي تكون الشركة بالحاجة إليه، والذي قال أنها بحاجة 4 ملايين دولار لتصل الإيرادات إلى حوالي 2 مليار ريال في السنة، سنتحول من الزحف البطي إلى الاندفاع القوي”.
دور الحصار في عرقلة عمل وتشغيل الشركة:
ذكر الحمزي أن الإشكاليات التي يعاني منها عمل المصنع هي الحصار الاقتصادي وكذلك نزول قوائم من الأدوية المحظورة التي نزلت من حكومة المرتزِقة، ومنها أصنافٌ كثيرة من الأدوية وهي تدخل من ضمن الصناعات الدوائية.
وأشار الحمزي إلى أن قوى العدوان ومرتزِقتهم منعوا دخولَ مواد ضمن القائمة لديهم، ما تسبب في وقف خط الشراب السائل بالكامل لدى الأطفال، مضيفاً “هذه مشكلة لأن إيقافَه يعني توقف إنتاج هذه المادة”.
ويقول الحمزي “يجب حل لهذه الإشكالية ومساعدة المصانع المحلية في توفير هذه المواد وغيرها عبر المنظمات”، مطالباً الحكومة بتوفير قناة لدخول هذه المواد وغيرها من المواد التي منع العدوان دخولها.
وفي السياق أكد الحمزي أن مخططات العدوان في إيقاف المؤسسات الإنتاجية زادت من الإرادة لدى وزارة الصحة ولدى قيادة الدولة بتفعيل هذه الوحدات الاقتصادية سواء الخاصة أَوْ العامة، وأكد أنه يجب استمرار العمل دون توقف أَوْ جمود؛ للتغلب على مؤامرات قوى العدوان.
الأصنافُ الدوائية التي تنتجها الشركة:
الحمزي أشار إلى أن المصنع العام ينتجُ مجموعةً من الأصناف، بينما مصنع المضادات الحيوية تنتج: “اموكسسلين كبسول” وشراب.
أما الأصناف من الأدوية هي تسعة:
1- سبازمولين قطر الأطفال.
2- يدكوتريم شراب الأطفال.
3- بارامول شراب للأطفال.
4- بارامول قطر للأطفال.
5- يدكومين شراب للسعال للكبار والأطفال.
6- هستين شراب للأطفال.
7 – فلاجيزول شراب للأطفال.
8 – بارامول تابت وكابلت.
9 بارامول اكسترا.
بالإضافة أن هناك خطة مستقبلية جديدة ليصِل الإنتاج إلى 25 صنفاً من الأدوية، حسبما أكد الحمزي.
إرادةُ الإدارة في استمرار الشركة رغم الظروف:
وخلالَ زيارة الصحيفة للشركة اليمنية للأدوية، التقت بمدير عام الشركة الدكتور أحمد الأمير، وقال إنه: بالرغم الحصار الاقتصادي على البلد وامتناع بعض شركات عالمية من التعامل إلّا بوسيط مشترك إلّا أن التشغيل عاد من جديد وقيد التطوير المستمرّ بعون الله.
وأكد الأمير أن هناك 9 مصانعَ حكوميةً في الجمهورية اليمنية بإمكانها تغطية 50% من احتياجات السوق المحلية، مشيداً بتفاعل القيادة السياسية ووزارة الصناعة ووزارة الصحة في إنجاز العمل الإنتاجي للشركة وتحويل الإرادة إلى خطوات فعلية ملموسة في الميدان.