برنامج رجال الله: ملزمة (الهوية الإيْمَانية): الإيمانُ بالله ليس مجرد تصديق.. لا بد أن يكون إيماناً واعياً وعملياً ويبعث على التطبيق
الإيْمَان بالرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) الذي يجب أن يترسخ في نفوس من يحملون العلم برسالته، يجب أن ينطلقوا هذا المنطلق الذي انطلق منه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، وأن يتحركوا بحركته، لكن للأسف ما نشاهده عند الكثير ليس على هذا النحو الذي كان عليه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، يجلسون في زوايا بيوتهم، أَوْ في زوايا مساجدهم ويعظون الآخرين، أَوْ يدعون للآخرين، وأحياناً ينطلقون لمعارضة العاملين في سبيل الله، وهم يؤمنون بما أنزل إلى رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، هذا القرآن العظيم، ويؤمنون بالنبي محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)..؛ لأنه في الوقت الذي نرى فيه هذه الآيات هي تقرير للمؤمنين كيف يجب أن يكون إيْمَانهم، هي في نفس الوقت توضح لنا ما هو مقاييس صحيحة وصادقة ننظر من خلالها إلى بعضنا بعض، ونقيّم على أساسها مواقف بعضنا بعض، فلا نتسمى باسم الإيْمَان، ولا نتسمى باسم أولياء الله، ولا نحمل اسم صالحين، إذا لم يكن إيْمَاننا على هذا النحو. {وَالْمُؤْمِنُونَ}، آمن الرسول وكذلك المؤمنون {كُلٌّ} كل منهم {آمَنَ بِاللّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}، الرسول نفسه والمؤمنون كل منهم آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، الإيْمَان بالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هل فقط مجرد تصديق بأنه إلهنا؟! وأنه ربنا؟! أم أنه لا بد أن يكون إيْمَانا واعيا، إيْمَانا عمليا، إيْمَانا يبعث على التطبيق، إيْمَاناً يعزز الثقة في نفوسنا بالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فيما وعد به أولياءه في الدنيا والآخرة، هو من قال -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في كثير من آيات كتابه الكريم أنه سيكون مع أوليائه المؤمنين، سيكون مع عباده الصالحين، سيكون مع عباده الصابرين، هو من طمأنهم على أنه سيكون معهم، فأي عذر لهم في أن يقعدوا عما أراد منهم أن يتحركوا فيه، عما أراد منهم أن يعملوا به، عما أوجب عليهم أن يدعو إليه. الإيْمَان بالله، وكذلك الإيْمَان بملائكته.
والإيْمَانُ بملائكة الله له قيمته الكبرى، له أثره الكبير عند من يعرف الملائكة، وعند من يعرف الدور الذي يقوم به الملائكة. قد يرى الناس أنفسهم في ظرف من الظروف وهم عازمون على أن يتحركوا في ميدان المواجهة لأعداء الله ولكنهم قد يرون أنفسهم قليلاً، وقد نرتاح فيما إذا بلغنا أن هناك منطقة أخرى تتحرك نفس التحرك أَوْ عدد من الناس ينطلقون نفس الانطلاقة ويقفون نفس الموقف، أليس ذلك مما يعزز معنويات أنفسنا؟!. الإيْمَان بالملائكة باعتبارهم جنداً من جند الله، الإيْمَان بالملائكة متى ما كنت في طريق تصبح فيها جديراً بأن تحظى بوقوف الملائكة معك فإنك قد ترى في ميادين المواجهة آلافاً من الملائكة، من جند الله ينطلقون وبكل إخلاص، وبكل نصيحة، وبما يملكـون من خبـرة عالية لتثبيت قلـوب المؤمنين متى مـا توجه الأمر الإلهي إليهم {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ} (الأنفال: من الآية 12). قد لا نشعر نحن بقيمة الإيْمَان بالملائكة، وقد لا يشعر كل إنسان قاعد، كل إنسان لا يحمل هم العمل في سبيل الله، لا يكون إيْمَانه بالملائكة إلا مجرد تصديق بأنهم عباد مكرمون، وأنهم كما حكى الله عنهم: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: من الآية 6). لكن في أن يترك ذلك الإيْمَان أثراً في نفسه لا يحصل شيء؛ لأنه ليس في ميدان يرى فيه قيمة إيْمَانه بالملائكة، لكن أولئك الذين ينطلقون في ميدان العمل في سبيل الله سيعرفون أهمية الإيْمَان بملائكة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وقد تحدث القرآن عن دور للملائكة في بدر وفي يوم الأحزاب وفي أيام غيرها في حركة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أولئك الذين خرجوا وعددهم قد لا يزيد على نحو ثلاثمائة شخص إلا عددا قليلا، الله وعدهم بأنه سيعزز بجند من لديه يبلغ عددهم أضعاف أضعاف أولئك، هناك سيعرف الإنسان قيمة إيْمَانه بالملائكة، وسترى بأنه لست أنت وحدك في ميدان المواجهة، سترى تلك المجاميع الصغيرة من المؤمنين بأنها ليست وحدها هي في ميدان المواجهة بل هناك آلاف من ملائكة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الذين ليسوا كمثلنا يقعدون ويتثاقلون، ويعصون، ويتحيلون، ويتهربون، ويبحثون عن مبررات. لا.. هم من ينطلقون انطلاقة واحدة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. فإذا كانت معنوياتك ترتفع عندما تسمع بأن هناك عدداً قد يكون أقل من هذا، أَوْ أكثر فإن عليك أن ترتفع معنوياتك وتستشعر القوة إذا ما كنت في طريق ستقف معك فيه آلاف من ملائكة الله، إذا ما توجه الأمر منه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إليهم، فقط عليك أن تبحث عن كيف تؤهل نفسك، على تلك المجاميع أن تبحث عن كيف تؤهل نفسها لتكون جديرة بأن تقف ملائكة الله معها. فإيْمَاننا بالملائكة هو إيْمَاننا بجند من جنود الله، متى ما تصدر أمر إلهي نحوهم: انطلِقوا لتثبيت نفوس المؤمنين، فهم من سينطلقون بكل جدّ، وبكل إخلاص وبكل نصح، ينطلقون ولديهم خبرة، ولديهم معرفة فيكون لهم تأثيرهم الكبير في تثبيت نفوس المؤمنين، أَوْ في أي عمل يأمرهم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أن يقوموا به. إذاً لا بد من إيْمَاننا بملائكة الله.