ناطق أنصار الله: تصريح ترامب يؤكّد أن العدوان على اليمن ضرورة أمريكية لحماية إسرائيل أولاً .. ترامب: “إسرائيل” ستكون في ورطة كبرى بدون السعوديّة!
المسيرة | ضرار الطيب
يجبُ أن يبقى النظامُ السعوديّ ليستمرَّ وجودُ “إسرائيل”.. أعلنها ترامب هكذا بصراحة ليحرق كُـلّ مراحل التطبيع المعلَن وغير المعلَن بين الرياض (وما يتبعها من عواصم المنطقة) وتل أبيب، وهو إعلانٌ يقدم توصيفاً دقيقاً لطبيعة العلاقة الحقيقية بين أطراف التطبيع، إذ لطالما كان الواقع يشهد بأن أمن الكيان الصهيوني هو المحرك الحقيقي لكل سياسات وتصرفات السعوديّة (وأتباعها) في المنطقة، بعيداً عن المصالح المادية الأُخْــرَى التي قد يتصور البعض أنها الهدفُ الرئيسي من وراء وقوف واشنطن بجانب النظام السعوديّ في مغامراته المدمرة للمنطقة.
تصريحُ ترامب جاء خلال حديث له مع الصحفيين، أمس الأول؛ دفاعاً عن موقف الإدَارَة الأمريكية المساند للسعوديّة في قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي، حيث قال ترامب: “إسرائيل ستكون في ورطة كبيرة من دون السعوديّة، هل تريدون أن تغادر إسرائيل (المنطقة)؟” وهو تصريح لم يكن الأول من نوعه في هذا السياق، ففي أول مقابلة معه في بداية قضية خاشقجي، قال ترامب إنه لن يغامر بتعريض العلاقة مع السعوديّة للخطر؛ لأَنَّها تضمن مصالح كبيرة لواشنطن من خلال صفقات السلاح، كما أن الرياض “تفعل أشياء جيدة لإسرائيل”.
لكن التساؤل “التخويفي” الذي طرحه ترامب عن “مغادرة إسرائيل” في حال معاقبة السعوديّة على جرائمها، كان مفاجئاً ومحرِّضاً بشدة على النظر إلى الدور الذي تقوم به الرياض في المنطقة، وعلى رأس تفاصيل ذلك الدور يأتي العدوان على اليمن، الذي اضطرت تل أبيب نفسها، وفي أَكْثَــرَ من مناسبة، لإعلان دعمها له وبالذات فيما يخصُّ الساحل الغربي الذي أعلن نتنياهو قبل فترة أن “إسرائيل ستكونُ ضمن تحالف عربي” للقتال من أجله.
تساؤلٌ يوضّح موقف اليمنيين الذين يواجهون العدوان؛ باعتباره معركةً مع الكيان الصهيوني، إلى جانب كونه اعتداءً أجنبياً يجب التصدي له بشكل عام، وبالتالي تسقط مجدّداً جميع المبرّرات التي ساقها تحالفُ العدوان بقيادة السعوديّة وأمريكا حول “الشرعية” وَ”الأمن القومي العربي” وما إلى ذلك من الشعارات التي ترجمها ترامب، بعد أربع سنوات، إلى جملة واحدة هي “حماية وجود إسرائيل” من وعي الثورة اليمنية التي تتبنى القضية الفلسطينية في زمن التخاذل العربي، وهو الأمر الذي لم يكن خافياً على اليمنيين منذ اليوم الأول للعدوان.
وفي هذا السياق، أكّد ناطق انصار الله، محمد عَبدالسلام، أن كلامَ ترامب دليلٌ واضحٌ على أن “العدوان على اليمن جزء من معركة الأُمَّـة وأن محاولةَ تدمير اليمن وقواه الوطنية الحرة هو بالنسبة لأمريكا ضرورة لحماية إسرائيل أولاً والبقية أدوات”.
وأوضح عَبدالسلام أن كلام ترامب يشكل دليلاً آخر على صحة ما طرحه الشهيد القائد الذي قال “إن أمريكا هي من تنصب الملوك والرؤساء في المنطقة لما يخدم إسرائيل ومصالحها بعيداً عن الشعوب”، حيث “يترقب العالم اليوم ما يقرره ترامب بشأن بن سلمان هل مدان أم لا؟ كجزء من مهام أمريكا في إدَارَة المنطقة وتنصيب زعاماتها مقابل الحماية والبقاء”.
ويمكن الانطلاق أَيْضاً من إعلان ترامب الأخير، لزيادة توضيح الكثير من السياسات الأُخْــرَى التي انتهجتها السعوديّة في سبيل خدمة الكيان الصهيوني بالتوازي مع العدوان على اليمن، مثل محاولات التدخل المتكرّرة في الشأن اللبناني لاستهداف حزب الله، وتبنّي الموقف المعادي للمقاومة الفلسطينية، وصولا إلى تصريح ولي العهد بشرعية وجود “دولة إسرائيل” واحتضان الإعلام السعوديّ لدعوات “السلام مع إسرائيل”. كما يمكن الانطلاق من النقطة ذاتها لتفحص “الانفتاح” الإسرائيلي المتسارع على بقية الأنظمة الخليجية (التابعة للسعوديّة أصلاً)، والذي وصل إلى زيارات صهيونية رسمية إلى عواصم ومساجد عمان والإمارات وقطر.
فمن مجموع ذلك يتضحُ أن القيادةَ السعوديّة للمنطقة ممثلةً بابن سلمان وأبيه، أسهمت بشكل كبير في تسريع نشاط التقارب بين تل أبيب والأنظمة العربية، إلا أن ما يطرحُه ترامب من خلال التلويح بـ “مغادرة إسرائيل”، يوضحُ أن ذلك التسريع كان “اضطرارياً” بالدرجة الأولى، أي أن أمن الكيان الصهيوني يعاني من تهديد متزايد، وهو ما يؤكّده حرصَ إدَارَة ترامب على دعم السعوديّة بغض النظر عن كُـلّ الانتقادات المتزايدة من خارج أمريكا ومن داخلها، ومن المعروف أن “أمن إسرائيل” يشكِّلُ أولوية قصوى للسياسة الأمريكية بشقيها الديمقراطي والجمهوري.