وزيرة الخارجية بحكومة الظل البريطانية: بن سلمان هو المسؤول الأول عن المجاعة في اليمن ويجب محاسبته
المسيرة| ترجمة – ضرار الطيب
كتبت وزيرةُ الشؤون الخارجية في حكومة الظل البريطانية، إيميلي ثورنبيري، مقالاً نُشِرَ في صحيفة الغارديان، أكّدت فيه أن مشروعَ القرار البريطاني المقدم لمجلس الأمن بشأن اليمن، لا يتضمن حلولاً جادة وأن بريطانيا متواطئة في “إخفاء آثار المجاعة” التي تسببت بها السعوديّة في اليمن، واصفة ذلك بـ “العار الوطني”، وأكّدت أن المسؤول الأول عن المأساة الإنْسَانية في اليمن، هو ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، داعيةً لمحاسبته على انتهاكه القوانين الدولية من خلال استخدام التجويع كسلاح حرب في اليمن.
فيما يلي تنشر صحيفة المسيرة ترجمة المقال كاملاً:
“سوف يناقِشُ مجلسُ الأمن التابعُ للأمم المتحدة مشروعَ قرار صاغته المملكة المتحدة يحتوي على التماس لطيف للأطراف المتحاربة في اليمن، إذ يطلب منهم أن يأخذوا “الحرص الدائم على تجنب الأهداف المدنية، بما فيها تلك الضرورية لإنتاج الأغذية وتوزيعها ومعالجتها وتخزينها”.
إذا كان هذا يبدو أشبهَ بتعليمات السلامة لمكنسة كهربائية جديدة، فمرحباً بكم في عالم قرارات الأمم المتحدة، لكن ما يكشفه (القرار) في الواقع هو حقيقة أَكْثَـــر قتامة، ومخزية أَكْثَـــر من ذلك، حقيقة التحالف الذي تقوده السعوديّة، والذي تسلّحه بريطانيا والولايات المتحدة، والذي سعى منذ بداية الصراع في عام 2015 إلى استخدام التجويع كسلاح للحرب.
الأَكْثَـــر وضوحاً هو أن الحصارَ المفروضَ على كُـلّ الموانئ والمطارات التي يسيطر عليها الثوار الحوثيون، قد قطع بشكل جذري إمداداتِ الغذاء إلى السكان اليمنيين الذين يعتمدون على الواردات للغذاء. لكن وبشكل أَكْثَـــر غدراً، وفي غياب الواردات، قامت القواتُ الجوية السعوديّة بتدمير الوسائل المحلية لإنتاج وتوزيع الغذاء داخل اليمن بشكل منهجي ومتعمَّد، واستهدفت قنابلها باستمرار الأراضي الزراعية ومزارع الألبان ومصانع تجهيز الأغذية والأسواق التي تباع فيها الأغذية.
وحتى عندما سألت أَكْثَـــر المدافعين تعصباً عن النظام السعوديّ: ما هو السبب المحتمل لاستهداف هذه المواقع ــ حقول المحاصيل والآبار القروية ــ فإنهم فقط هزوا أكتافهم وقالوا: “في بعض الأحيان يتم ارتكابُ الأخطاء!”.
لكن هذه ليست أخطاء، هذه هي تكتيكاتُ العصور الوسطى مع الأسلحة الحديثة المستخدَمة عمداً من قبل مهندس حرب اليمن ــ ولي العهد محمد بن سلمان ــ في محاولة لإخضاع المناطق التي يسيطر عليها الثوار الحوثيون في البلاد. وهو (أي ولي العهد) لا يهتم بالتأثير على السكان المدنيين في اليمن، أَكْثَـــر من اهتمامه بما حدث لجمال خاشقجي.
لكننا نتحمل مسؤولية الاهتمام، على الأقل؛ لأَنَّ بريطانيا هي واحدة من المصدِّرين الرئيسيين للطائرات والأسلحة التي فرضت السعوديّة بموجبها حصارَها، ودمّرت البُنية التحتية الغذائية في اليمن.
إذن، لقد حان وقت التصرف. وربما فات الأوانُ بالنسبة للحد الأدنى البالغ 85 ألف طفل ممن ماتوا؛ بسبب سوء التغذية والمرض منذ بدء الحرب في اليمن، بالإضافة إلى مئات الأشخاص الذين لقوا حتفهم؛ بسبب الغارات الجوية السعوديّة، لكن لم يفت الأوان بعدُ على خمسة ملايين من الأطفال اليمنيين الذين حذّرت الأممُ المتحدة من أنهم على شفا الوت جوعاً؛ بسببِ المجاعة التي تتسبب فيها السعوديّة، والتي تحكم قبضتها على البلاد حالياً.
يجبُ أن نضمَنَ الوقفَ الفوري للأعمال العدائية في اليمن، لا سيما حول الميناء الرئيسي ومناطق المعارك في الحديدة، والفتح الكامل بدون عائق لوصول الإغاثة الإنْسَانية للمدنيين اليمنيين الذين هم في أمسِّ الحاجة إليها.
يجب أن يكون ذلك هو الأولوية، لكنني أعتقد أيضًا أننا بحاجة إلى محاسَبة الدول والأفراد الذين تسببوا في هذه الأزمة، وأوصلونا إلى حافة المجاعة التي تقول الأمم المتحدة إنها ستكونُ الأسوأ خلال المائة عام الماضية، وهم ــ باستخدام التجويع كسلاح للحرب ــ متورطون في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنْسَاني.
هناك رجلٌ واحدٌ فوقَ كُـلّ من يتحمل تلك المسؤولية، ورجل واحد يجبُ محاسبته: ولي عهد المملكة العربية السعوديّة. ومع ذلك، عندما سألت جيرمي هانت (وزير الخارجية البريطاني) بالأمس في البرلمان: لماذا لم يذكر القرارُ الذي سيُعرض على مجلس الأمن ضرورةَ إجراء تحقيق في جميع جرائم الحرب، والمساءَلة الكاملة للمسؤولين، وما إذَا كان وليُّ العهد قد أصرَّ على إزالة هذا الطلب؟ لم يجب.
إذا كان هذا هو ما حدث، فيجب أن يُصبحَ عاراً وطنياً؛ لأَنَّه لا يجعل بلدنا متواطئاً في حماية سمعة ولي العهد فحسب، بل في تغطية الخسائر الفادحة للمجاعة التي ألحقها بأطفال اليمن”.