اليمنيون والنبي.. مبادلة الوفاء بالوفاء .. بقلم/ صالح مقبل فارع
* كُـلّ الدول والعواصم والمدن العربية والإسْـلَامية لم تحتفل بالمولد النبوي بالشكل اللائق والخروج المشرف إلى الميادين والساحات كما فعلت اليمن وعاصمته ومدنه.
إنها لتغمرني الفرحة وأشعر بالزهو والافتخار كونني أنتسب وأنتمي إلى هذا الشعب العظيم، إلى اليمن الحبيب؛ لأَنَّي وجدت رسول الله فيهم، وجدته بينهم؛ بخروجهم جميعاً رجالاً ونساءً، مدنيين وقرويين، قيادة وشعباً، إلى جميع الساحات للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، والذي لم يسعفه القدر ولم يتمكّن من الذهاب للساحات للاحتفال قد احتفل في بيته، فكل أهل قرية يجتمعون في ديوان من الدواوين ويحتفلون بمولد الرسول، وكذلك النساء يجتمعن في مجالسهن ويحتفلن بميلاد محمد.
إنها لتغمرني الفرحة عندما أجد الشعب اليمني هو الشعب الوحيد الذي خرج للساحات من دون الدول العربية جميعاً.
يخرجون بهذا الحشد الملاييني والجمع الغفير وهم تحت القصف وضربات العدوان وسياسة التجويع والحصار والأحوال الغير طبيعية، فكيف لو كانت الأحوال طبيعية ولا يوجد عدوان وحصار كيف سيكون خروجهم؟!!.
إنه شعب مذهل وصانع المعجزات في زمنٍ عَزَّ فيه الرجال وقَلَّ فيه أحباب محمد “ص” وأتباعه.
* لم أجد أي حاكم عربي أَوْ مسلم يدعو شعبه للخروج إلى الساحات للاحتفال بالمولد النبوي الشريف إلا السيد القائد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- والقيادة السياسيّة في اليمن ممثلة بالأستاذ/ مهدي المشَّاط رئيس الجمهورية.
* كُـلّ الكاميرات التي صورت الحشود المجتمعة في الساحات ظلمت النبي المصطفى “ص”؛ لأَنَّها لم تصور ضيوفه كلهم، وما رأيتموه هو تصوير جزئي لزاوية من الزوايا فقط، فهناك الآلاف الموجودون في أواخر الساحات وأطرافها والشوارع الفرعية المتاخمة لها لم تلتقطهم العدسات لبُعدهم عنها وبُعدها عنهم، ولذلك لا تحكموا على الحشود الخارجة وعددهم بما رأيتموه في الشاشات والصور الملتقطة فهناك مثلهم وضعفهم غير موجودين فيها.
* لا غرابة إن وجدنا اليمنيين يخرجون بهذا الجمع العظيم، ولا غرابة أَيْـضاً إن وجدناهم مشغوفون بالحبيب المصطفى أَكْثَــر من غيرهم؛ لأَنَّ أجدادهم الأوس والخزرج هم الذين استقبلوه بالزغاريد والأناشيد والتراحيب في حين كانت قريش تتآمر في مكة ودار الندوة على قتله والفتك به.
* في غابر الأزمان عندما كان العرب وحكامهم يغطّون في شركهم وكفرهم وبين حبائل الشيطان نجد الملك اليمني الحميري تُبَّع يبايع رسول الله على السمع والطاعة ويؤمن به قبل ولادته ومبعثه بمئات السنين، فلا غرابة إن وجدنا من نسل هذا الملك الحميري رجالا طاهرين يؤمنون برسول الله ويحتفلون بمولده.
* في حين كان أهل بيت رسول الله وعترته الطاهرة مطاردين ومقتلين ومحبوسين وخائفين على أنفسهم من الدولتين الأموية والعباسية وغير آمنين على أنفسهم في كُـلّ الدول والمدن والمناطق العربية نجد اليمن شعبا وأرضا يستقبلونهم أحسن استقبال ويرحبون بهم أفضل ترحيب ويؤمّنونهم ويؤوونهم كما آوى أجدادُهم رسولَ الله وينصرونهم ويدافعون عنهم، وظل اليمن مسكنا لهم ومرتعا لنشر الدين والهدى.
* هذا الوفاء من اليمنيين للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطيبين الطاهرين قابله الرسول بالوفاء والحب وقلّدهم عدة أوسمة يفخرون بها إلى اليوم لم يتقلد بها شعب قط غيرهم.
ومن هذا الوفاء الذي مثّله الرسول لليمنيين أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يسجد شكرا لإسْـلَام شعبٍ قط إلا للشعب اليمني فعندما ورده نبأ إسْـلَامهم سجد لله سجدة شكر.
ومن هذه الأوسمة التي قلّدنا بها رسول الله:
– قال: “إني لأجد نفس الرحمن من ناحية اليمن”.
– وقال: “أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبا وألين أفئدة”.
– وقال: “الإيْمَان يمان والحكمة يمانية”.
-وقال: “اللهم بارك في يمننا وشامنا” قالوا: ونجدنا يا رسول الله؟ قال: “من ههنا يظهر قرن الشيطان”.
– عندما نزل قوله تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه…)، قال صلى الله عليه وآله وسلم: “هم أهل اليمن”، وفي رواية: “هم هذا وقومه” وأشار بيده إلى أبي موسى الأشعري اليمني.
كما قام أهل البيت عليهم السلام بتقليدنا عدة أوسمة لمواقفنا المشرفة مع الإسْـلَام ونصرة أهل بيته، وأهم وسام تقلدناه منهم هو قول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في أجدادنا:
فلو كنت بواباً على باب جنة
لَقلتُ لهمدانَ ادخلوا بسلامِ.