العدوان ينسف مساعي السلام بتصعيد عسكريّ وسياسيّ
المسيرة: إبراهيم السراجي
ما إنْ غادَرَ المبعوثُ الأممي مارتن غريفيث والمسؤولون الأمميون مدينةَ الحديدة إلّا وأمطر طيرانُ العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي المدينةَ بعشرات الغارات وفتح مرتزِقته نيران المدفعية على أحياء المدينة في مسعى واضح لإفشال أي مسار للسلام الذي لم يبدأ بعد، حيث اتخذت دول العدوان من “الألغام” التي وضعتها الخارجية الأمريكية في مسار السلام منطلقاً لتصعيدها العسكريّ الذي فضح تسريبات دول العدوان عن التهدئة المزعومة في الحديدة.
رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام اعتبر تصعيد الغارات من قبل العدوان على الحديدة أنها تنسف جهودَ المبعوث الأممي وتكشف عن نوايا مسبقة للعدوان لإفشال السلام.
وقال عبدالسلام في منشور عبر صفحته بموقع تويتر، أمس الأحد، إنه “شن طيران العدوان أَكْثَــرَ من 35 غارة جوية خلال الـ 12 ساعة الماضية على مدينة الحديدة مع قصف مدفعي وصاروخي مكثّف على بيوت المواطنين والأحياء السكنية في تكذيب صارخ وواضح للتهدئة المزعومة والكاذبة”.
وأضاف رئيسُ الوفد الوطني أن “هذا التصعيد ينسف جهود المبعوث الأممي ويكشف النوايا المبيَّتة لإفشال كُـلّ مساعي السلام”.
قبل ذلك، كان رئيسُ اللجنة الثورية محمد علي الحوثي قد أكّد أن “أيَّ تصعيد بعد مغادرة المبعوث للعاصمة صنعاء وحمله رسائل السلام، فهو دليل فوضوية متهورة للأنْظمة التي تدير عدوانَها على الجمهورية اليمنية المستقلّة”.
حديثُ الحوثي جاء فور مغادرة المبعوث الأممي للحديدة وقبل أن تشن طائرات العدوان غاراتها الهستيرية على المدينة، وكان اعتبر أن التصعيد لو حدث سيمثل “إهانة للجهود المبذولة في هذا الصعيد وبادرة لإفشال المبعوث الذي حدّد أمام الوفد الوطني موقفه وستؤكّد المؤكّد برفضهم للسلام”.
سياسيّاً، اتخذت قوى العدوان على رأسها الولايات المتحدة عدداً من المواقف التي تهدفُ لإفشال مساعي السلام، بدأت قبل زيارة المبعوث الأممي للعاصمة صنعاء والحديدة، وذلك في بيان للخارجية الأمريكية يطالب بتسليم ميناء الحديدة لما يسمى “الطرف الثالث”، بالإضَافَة لما ورد في مسودة القرار الذي صاغته بريطانيا للتصويت عليه في مجلس الأمن والذي جرى إعدادُه بالتشاور مع السعوديّة والإمارات بما يتناسب مع رؤية ورغبة دول العدوان.
وفي هذا السياق، قال عبدالملك العجري عضو الوفد الوطني إن “مشروع القرار البريطاني قُدِّم للإمارات والسعوديّة لاعتماده أولاً قبل أن يعرض على مجلس الأمن”، مضيفاً أنه “إذا أقر بصيغته الحالية فسيكون لغماً آخر في طريق السلام؛ ليس لأنه لم يطالب بوقف إطلاق النار فحسب، بل إن الخطوات الإنْسَانية والاقتصادية التي نصَّ عليها لا معنى لها بدون آليات عمل موحدة لإدَارَة الاقتصاد”.
من جانب آخر، وعقب زيارته للعاصمة صنعاء ومدينة الحديدة أصدر المبعوث الأممي مارتن غريفيث بياناً أعلن خلاله التوصل لاتّفاق “على أن الأمم المتحدة يجب أن تنخرط الآن وبشكل عاجل في مفاوضات تفصيلية مع الأطراف للقيام بدور رئيسي في ميناء الحديدة، وأيضاً على نطاق أوسع”، وهو ما يشير إلى العودة إلى مبادرة قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي التي أعلن عنها في وقت سابق لتفنيد مزاعم العدوان وسد ذرائعه وكذلك يعود بنتائجَ إيجابية منها صرف مرتبات الموظفين.
ومثلما سارعت قوى العدوان لقصف الحديدة عقبَ مغادرة المبعوث الأممي، فقد سارعت أيضاً لنسف الاتّفاق الذي أعلن عنه بشأن ميناء الحديدة، واستخدمت كعادتها حكومة المرتزِقة للتعبير عن رغبة دول العدوان رغم أن هذه الحكومة لا تمتلك أية قُــوَّات تعترف بها بين قوى المرتزِقة في الساحل الغربي.
وعبر قنوات دول العدوان، عبّر مسؤولون بحكومة المرتزِقة عن رفضهم للاتّفاق الذي أعلن عنه المبعوث الأممي بشأن الميناء، واضعين شرط الانسحاب من الحديدة وتسليمها لهم؛ للمشاركة في المفاوضات المرتقبة في السويد، وهو ما يؤكّد مجدّداً أن قوى العدوان ومن ورائها الولايات المتحدة وبريطانيا تعملُ بشكل منظّم لإفشال أية مساعٍ للسلام وتستخدم الحديث عن السلام في وسائل الإعلام لتضييع الوقت؛ بهدف إعادة ترتيب قُــوَّاتها على الأرض بعد الهزائم التي تلقتها على مدى الأشهر الماضية.