منديل واحد فقط يتقسم بين عشرة وزراء بميدان السبعين .. بقلم/ منصور البكالي
بفضل الله قُسِّم منديل واحد فقط، يوم المولد النبوي الشريف صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، بين رئيس الوزراء عبدالعزيز بن حبتور، ورئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي ورئيس البرلمان يحيى الراعي ووزير المالية حسين مقبولي، والأستاذ قاسم لبوزة ووزيرة حقوق الإنْسَان علياء عبداللطيف، ومدير مكتب الرئاسة أحمد حامد، ووزير التعليم الفني والمهني غازي أحمد علي، ووزير التعليم العالي حسين حازب وأمين العاصمة حمود عباد.
هذا المشهد لا أعتقد عفويتَه المطلقة، بل أجزمُ بأنه مقصودٌ ويحملُ رسالةً سياسيّةً ودبلوماسيةً أدركتها في ملامح الوزراء ولُغتهم الجسدية ذات الضحكات التي أرعشت الكروشَ المنتفخة، ويمكنني التكهُّنَ بأن يكون بطل هذه القصة مدير مكتب الرئاسة حامد الذي ذاع صيتُ حرصه برغم لبسه لجنبية ثمينة ومغرية دخلت نفسي للحقيقة.
صحيحٌ كانت الأجواءُ مشمسةً والجميعُ يتصبب عرقاً وهناك نوعٌ من الغبار والأتربة الناتجة عن زيادة الحشود المتوافدة إلى الميدان، ويحتاج الجميعُ لاستخدام مناديل الجيب لمسح وجوههم المبتهجة بوجنات تظهر عليها ملامحُ العيش الرغيد وإن غابت عنها كماليات عهدناها ببذخ زائد في أَيَّام ما قبل ثورة 21 سبتمبر.
ولكن ذلك المشهد المعبر عن الحالة الاقتصادية التي وصلت إليها البلد حكومةً وشعباً لا يشفعُ لحكومة الإنقاذ السلامة من النقد البناء والهادف لتحريكها في محاربة الفساد المالي والإداري في مختلف المؤسّسات والوزارات المختلفة، بل يزيد من حدّة النقد وتحميل الحكومة المسئولية الكاملة عن تسرُّب الكثير من الأموال العامة إلى جيوب الفاسدين، مع غياب الرقابة والمحاسبة، بل وحماية التشريعات لقيادات الدولة من المساءلة القانونية، ونحن في ظل عدوان وحصار هذا من جانب.
ومن جانب آخر أثناء زيارتي لمنصة الجرحى التي كان الدخول والوصول إليها ميسر وسهل للجميع مقارنة بمنصة الشخصيات الرسمية وكبار الضيوف التي تمر بمراحلَ شديدة التفتيش وحريصة الحراسة والحماية من خلف الزجاج المدرع وقُــوَّات الحماية الخَـاصَّـة؛ سألت نفسي أي الفريقين أهمّ في خدمة الوطن؟!
وأيُّ منصة يتواجد بها العظماء!!
وكم مقدار التضحيات والمكاسب التي قدّمها الجرحى مقابل تضحيات ومكاسب الوزراء والشخصيات الرسمية باستثناء وزير الدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات العسكريّة؟!.
فزادت حينها التساؤلات في دماغي وَكِدتُّ أصرُخُ في وجه الحكومة المقهقة وزرائها بسخرية من الموزع لتلك المناديل محمد علي الحوثي فوق المقاعد الحمراء التي بالكاد يردّد بعضُ وزرائها الصرخة بعد كُـلّ فقرة عظيمة!
وعندها لم أستطِع السيطرة على مشاعري الغاضبة لهول نتائج المقارنة في مخيلتي فاندفعت للقفز من فوق الحواجز الخرسانية متجهاً صوب منصة الجرحى الأبطال وعيني تذرِفُ الدموع لعظمتهم وعظمة تضحياتهم فأكملت عملي الصحفي بتساؤلات طرحتها عليهم كانت إجاباتها مليئة بالفخر والصمود والثقة العالية بنصر الله، وترفع المعنويات التي أحبطتها إجابات وزير التجارة والصناعة ووزير المالية، والنائب العام، على التساؤلات التي طرحتها عليهم بخصوص انخفاض سعر الدولات وزيادة ارتفاع الأسعار، ونتائج محاربة المتورطين بالفساد في المال العام.
ورسالتي لحكومة الإنقاذ بأن يحاربوا الفساد ويشتحطوا وإن شاء الله المناسبة القادمة نضعُ جوارَ كُـلّ مقعد واحد فاين كبير.