المواطن “المحمدي” .. بقلم د/ إسماعيل محمد المحاقري
يقسم أصحاب الفكر السياسي المواطنين إلى صنفين:
الصنفُ الأول يُطلَقُ عليه بالمواطن “الأثيني” نسبة لمواطني أثينا فرغم أن المجتمع الأثيني كان مجتمعاً ديمقراطياً إلّا أن مشاركة المواطن وتفاعله مع قضايا وطنه كان سلبياً فدائماً يبني قراراته واختياراته لمن يمثله على اعتبارات المصلحة الخَاصَّـة.
وما زال هناك شعوبٌ في أيامنا هذه من هذا الصنف فيما يتعلق بتعاملها مع قضايا وطنها وعند ممارستها لحقوقها السياسية.
الصنف الثاني: يُطلق عليه بالمواطن “الروسوي” نسبة إلى المفكر السياسي “جان جاك روسو”، وهذا الصنفُ معروفٌ بإيجابيته بخصوص قضايا وطنه فدائماً تكون اختياراته لمن يمثله وممارسته لكافة حقوقه السياسية مبنية على اعتبارات المصلحة العامة.
ولكن هذا الأخير وإنْ كان يبني قراراته وآراءه السياسية على الاعتبارات العامة إلّا أن صاحبها غالباً ما تكون منطلقاته في الأساس منطلقات خَاصَّـة ولكن وفق نظرة واعية لمآلات الأمور، فدفاعه مثلاً عن حقوق الغير هو من أجل أنه قد يأتي الدور أن يدافعَ الغيرُ عن حقوقه.
وأنا أقول: إن هناك صنفاً ثالثاً بدأ يتشكل يمكن أن نطلق عليه بالمواطن “المحمدي” نسبة إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد يصح أن نُطلِقَ عليه بالمواطن “الحسيني” نسبة إلى الإمام الحسين عليه السلام..
فبفضل المسيرة القُـرْآنية وأحداث الحرب الهمجية وما رافقها من حقائقَ صادمة عن الآثار الخطيرة للسلبية والتواكل حصل تحول كبير في وعي المواطن العربي والإسلامي، سواء على مستوى تفكيره وَمدركاته أو على مستوى النضج الإيْمَاني أو على مستوى تصحيح مفاهيم الحق والدين والوطنية لديه، وبالتالي تصحيح علاقته بربه ومجتمعه وأمته وشركائه في الوطن وفي علاقته أَيْضاً بالسلطة ومراقبة أدائها بوظائفها.