الغمّة في اليمن قبل الزوال .. بقلم/ علي عبدالله الغفري
لا يزالُ الإعلامُ الغربي والعربي يغُضُّ الطرفَ بشكلٍ مُريبٍ عمّا يجري من أحداث في الساحة اليمنية، ويصرف الأنظار عن المصائب التي حلّت على اليمنيين جرّاء الحرب المُدمّرة العبثية، التي لم تتوانَ عن تدمير البشر والحجر والشجر والمرافق العامة والخاصة والبنية التحتية، وتشتيت الأسر وتمزيق الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والأدهى والأمرّ أن ما يحدث هو بسبب من كنا نعتقد أنهم أشقاؤنا (الإمارات والسعودية).
وأنا أكتب سطوري هذه لتوصيف الحال التي وصل إليها بلدي، احترت من أين أبدأ، فمهما وصفت لكم فالوضع أسوأ.
الوضع أشبه بسجن تمارَس فيه أبشع الانتهاكات الجسدية والنفسية، وتُنتهك فيه جميع الحقوق الإنسانية، بلا حسيب أو رقيب، حتى أصبح الناس لا يجدون ما يأكلونه!
وأتذكّر هنا مثلاً شعبياً يمنياً يقول (لا أحد يموت من الجوع) يا للأسف، حتى أمثالنا الشعبية تحتاج إلى إعادة نظر؛ لأَنَّ نا فعلاً وحقيقة أصبحنا نموت جوعاً، اليمن الذي فيه آبار النفط والغاز والثروات الطبيعية والسمكية شعبه أصبح لا يجد ما يأكله.
هل سمعتم بالطفلة أمل حسين والتي ماتت من الجوع؟ هل تعلمون ماذا يعني أن يبكي طفلك وأنت عاجز عن أن تكفكف دموعه؟ هل تعلمون ماذا يعني أن يموت طفلك أمامك؛ لأَنَّك لم تستطع أن تسدّ جوعه؟
أودّ أن أخبركم -للأسف- أن هناك مئات الأطفال اليمنيين والذين يواجهون نفس مصير أمل، ولكنهم مازالوا متمسّكين ببصيص أمل، ويتطلّعون إلى غدٍ أجمل.
ولكن الواقع مرير، فمرض الكوليرا اجتاح البلاد، والجوع يعصف بالملايين من العباد، وسوء التغذية والفقر في ازدياد، و في كل لحظة تزداد الأعداد.
فمن جرّاء هذه الحرب المقيتة والتي فُرِضت علينا فرضاً، بات الجميع شاهِداً على أن اليمن يشهد أسوأ كارثة إنسانية على وجه الأرض.
فأين الضمير الحيّ، وأين الأمم المتحدة، وأين حقوق الإنسان التي أزعجنا بها الغرب!؟ فقد مللنا من الاستنكار والشجب.. هل ينتظر العالم مثلاً أن يفنى الشعب!؟ أم ماذا الخطب؟!
وما يُحزن القلب أكثرَ فأكثرَ، بروز الدعوات الانفصالية الداعية إلى شقّ الصف، والتي ستُعيد عجلة اليمن ثلاثين عاماً إلى الخلف، وللأسف الشديد إنها مدعومة من الإمارات بالمال وبالسلاح، هل أتيتم لليمن لتعيدوا الشرعية؟ أم لتقسيم اليمن إلى جنوبية وشمالية؟
وما يدعو لخيبة الأمل، عدم وجود بوادر للحل، أو أي شيء يدعو للتفاؤل بغدٍ جميل. ولا نوايا سعودية ولا جدية إماراتية لوقف الحرب أو حتى تخفيف وطأتها وآثارها على الشعب اليمني، ليس من طبعي التشاؤم، ولا نشر ثقافة الاستسلام، لكن ما يجري حالياً في “بلدي” شيء يندى له الجبين.
بلدي “باختصار” منكوب، وخيراته مسلوبة، وأجواؤه محجوبة، وسواحله منهوبة، وغدا بلدي ساحة لتصفية الحسابات، وتأجيج الخلافات، ومرتع لداعش و القاعدة ومختلف الجماعات.
كل هذا حسب تبريراتهم هو لمواجهة التمدّد الإيراني في المنطقة! أليس لديكم حدودٌ مع هذه الدولة؟ اذهبوا وقاتلوهم واتركوا اليمن في شأنه، فقد سئمنا كذبَكم وخداعَكم وبهرجة إعلامكم، اتركونا نبني وطننا، ونحافظ على أمننا، لسنا بحاجة جنودكم، وعتادكم، وأسلحة طيرانكم، التي جعلت اليمنيين ما بين مهاجرين، أو من أراضيهم نازحين، أو على أرض تراب وطنهم تائهين.
ختاماً.. حتماً ستزولُ هذه الغمّة، وستندحر جحافل جيوشهم، وسيبقى اليمن شامخاً كما عهدناه، و أدعو كافة اليمنيين إلى الصمود، وإلى تضافر الجهود، ونبذ الخلافات، وعدم الالتفات إلى الدعوات التحريضية، والأعمال الإجرامية التخريبية، والتي تهدف إلى نشر ثقافة الكراهية، وضرب الوحدة اليمنية، ارفضوا مشاريع المستعمرين الطامعين في ثرواتكم وخيراتكم، أفشلوا مخطّطاتهم، وتذكّروا دائماً دماء الشهداء، الذين ضحّوا بأرواحهم حفاظاً على العزّة والسيادة، فهنيئاً لهم فوزهم بالشهادة.