أربعة عقود (حُكم جمهوري)! بقلم/ إبراهيم سعدان
توالت الفتراتُ الرئاسيةُ الخَاصَّــة بـ علي عبدالله صالح منذُ توليه سُدَّةَ الحكم العام 1978م عدة مرات، استغل فيها الأحداثَ والإرهاصاتِ التي وظّفها لصالحه وزيّنتها له البطانةُ المحيطةُ به في كُــلِّ فترة.
تنُصُّ معظمُ قوانين الدول الجمهورية على فترة ولايتين رئاسيتين على الأكثر. ولكن هذا لم يحدث في البلد الجمهوري.
استغلَّ صالح حدَثَ الاضطرابات على كُرسي الرئاسة بعد مقتل الرئيس الحمدي والرئيس الغشمي واستمرَّ رئيساً في العقد الأول من فترته حتى مطلع التسعينيات.
استغلَّ صالح حدثَ الوحدة وتربَّعَ على كرسي الرئاسة مرة أُخْــرَى للعقد الثاني من فترة رئاسته باتّفاق مع مسؤولي وسياسيّي الشمال والجنوب إلى أن حلت أول انتخابات رئاسية العام 1999م.
في بدء الألفية الثانية، قام صالح بتمديد فترة الرئاسة عبر مجلس النواب؛ لينال بذلك وقتاً أطولَ في سدة الحكم، وهو في فترة العقد الثالث من فترة ولايته.
أتت انتخاباتُ 2006 م وكانت تمثلُ تهديداً قوياً لسلطة صالح عبر منافِسٍ قوي اتَّفقت عليه القوى المناهضةُ والمعارضة لحكمه ممثلاً بـ “بن شملان” الذي لم يحالفْه الحظ، وتجدّدت ولايةُ صالح لفترة جديدة.
كان مقرّراً نهايةُ الفترة الثانية لحكم صالح وهو في عقد ولايته الرابع بعد مضي 33 عاماً من حكمه لليمن الجمهوري في مطلع العقد الثاني للألفية الثانية، وقد بدأت البطانةُ المحابيةُ له بالترويج لمصطلح “قلع العَدَّاد” والتمهيد للحكم المؤبد لـصالح.
أتت أحداثُ ثورات الربيع العربي والتي تجاوب معها الشارعُ اليمني كردة فعل طبيعية لفترة حكم ثلاثة عقود ونيف لرئيس بلد جمهوري لا يجوزُ أن يحكمَ فيه أكثرَ من ولايتين، والتي أرغمته على تسليم الحُكم عبر اتّفاق سياسيّ (المبادرة الخليجية) للخروج من السلطة.
استمرَّ علي عبدالله صالح في ممارسات سلطاته كزعيم لم يقتنعْ بالخروج من المشهد السياسيّ، محاولاً الرجوعَ إلى السلطة عبر التمهيد والترويج لنجله أحمد، الأمرُ الذي لم يكتب له النجاحُ لعديد متغيرات طرأت ونشأت ولم تكن في الحُسبان.
أتى العدوانُ على اليمن صبيحةَ 26 مارس2015 الأمر الذي استدعى أن يتحالفَ صالح في مراوغة كشفتها الأحداث اللاحقة مع الفصيل ذي الحظ الأقوى والأوفر وصاحب سلطة الأمر الواقع (أنصار الله) الذين اضطرُّوا لملء فراغ السلطة قبيل العدوان عند حصول الفراغ في رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة وتولي شؤون البلاد.
حاول صالح خلال فترة العدوان اللعبَ على جميع الحبال، بما يؤكدُ ضمناً محاولتَه استعادة السلطة؛ كونه (بحسب اعتقاده) العنصرَ الأوفرَ حظاً لدى المجتمع الدولي ولدى قاعدته الشعبيّة التي تهاوت سريعاً نتيجةَ الخطأ في حساباته وتقديراته التي دقّت ساعة نهايته بعد احتفالية المولد النبوي في العام الماضي.
انتهت طموحاتُ علي عبدالله صالح ومحاولاته للتشبث بالحكم لنفسه أَوْ لنجله في الرابع من ديسمبر 2017 بعد دعوته للخروج على سلطة الأمر الواقع المقاوِمة للعدوان (أنصار الله) في أحداث فتنة ديسمبر التي استمرَّت يومَين انتهت بمصرعه كنتيجةٍ حتميةٍ لسوء تقديراته، مغلقةً بذلك نهاية أحد الحكام العرب المتشبثين بالكرسي في بلد ديمقراطي جمهوري تعدُّدي.