48 ساعة من مشاورات السويد: حجج الوفد الوطني مُقنعة ووفد المرتزِقة مرهون بأجندة سعودية
المسيرة: إبراهيم السراجي
انطلقت، أمس الأول، في ضواحي العاصمة السويدية ستوكهولم، المشاوراتُ اليمنيةُ برعاية الأمم المتحدة، وبعد مرور 48 ساعة على انطلاقها، وكما كان متوقعاً ظهر وفدُ حكومة المرتزِقة مفتقِداً للقرار، وعلاوة على ذلك ظهر أعضاءُ الوفد القادم من الرياض أنهم يحملون أجندات محدّدة جرى تلقينهم إياها من قبَل دول العدوان بصورة توحي بعدم وجود جدية في إنجاح هذه المشاورات، رغم أن ما يجري حالياً التفاوُضُ بشأنه لا يعدو القضايا الإنسانية المتعلقة بالاقتصاد والحصار والمرتّبات والأسرى، والتي يفترضُ أن تكونَ محل إجماع لكن بدا أن لدول العدوان رأياً آخر.
المشاوراتُ انطلقت في يومها الأول، بجلسة افتتاحية حضرها الوفدُ الوطني ووفد حكومة المرتزِقة، وتحدث فيها كُــلٌّ من المبعوث الأممي مارتن غريفيث ووزيرة الخارجية السويدية التي تستضيف بلادها المشاورات، وفي النتيجة لأجندات اليوم الأول، جرى الإعلان رسمياً عن اتّفاق لتبادل الأسرى والكشف عن مصير المفقودين، ورغم أن هذه القضيةَ جرى التوقيعُ عليها قبل انطلاق المشاورات إلا أنه تم احتسابُها ضمن مخرجات اليوم الأول من المشاورات.
- همومُ الشعب وأجندةُ العدوان
وفقاً للمبعوث الأممي فإنَّه وإضافة إلى إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، فإنَ مشاورات السويد تهدفُ إلى “وضع إطار لاتّفاق سلام شامل يؤمل أن يكونَ خارطة طريق للسلام في اليمن”، ما يعني وضع إطار عام للحل السياسيّ الشامل، وهو ما اعترض عليه وفدُ المرتزِقة بإيعاز من قبَل دول العدوان.
من جانبهم، أكّد أعضاءُ الوفد الوطني على رأسهم رئيس الوفد محمد عبدالسلام في تصريحات صحفية أن الوفدَ يحملُ أجنداتٍ وطنيةً تهدفُ إلى تخفيف معاناة الشعب اليمني من خلال البحث عن اتّفاق لرفع الحصار عن اليمن وفتح مطار صنعاء وتحييد الاقتصاد وصرف مرتبات موظفي الدولة.
وكما في مفاوضات جنيف وصولاً إلى مفاوضات الكويت، ما يزال وفدُ حكومة المرتزِقة يتمسكُ بأجندة ومطالب دول العدوان والتي لو كان لدى الوفد الوطني النيةُ للقبول بها لما كان هناك حاجة للمشاورات أَوْ لأية مفاوضات، فعلى سبيل المثال يصرّح أعضاء وفد المرتزِقة على رأسهم المدعو عبدالعزيز جباري بأنهم يطرحون ضرورة انسحاب الجيش واللجان الشعبيّة من الحديدة وما يسميه الانسحاب من مؤسّسات الدولة وتسليمها لما يسمى “الشرعية”، أي ما تزال دول العدوان تراهن بالمشاورات على انتزاع ما عجزت عنه عسكرياً.
أيضاً طرح وفدُ المرتزِقة في جلسات المشاورات وتحدثوا أيضاً عبر وسائل الإعلام، إعادة فتح مطار صنعاء ولكن للرحلات المحلية، وهو ما يكشف نوايا دول العدوان التي تسعى لنزع الصفة الدولية عن المطار رغم أن إعادةَ فتحه للرحلات الدولية حقٌّ طبيعي ولا مبرّر لإغلاقه، غير أن إصرار دول العدوان على تقييد مطار صنعاء يؤكّد عدم جديتها في التوصل لحل للقضايا الإنسانية، ناهيك عن الحل السياسيّ الشامل.
عضو الوفد الوطني عبدالملك العجري أكّد في تصريحات صحفية أن “طلبَ الانسحاب من الحديدة هو موقفٌ عدمي ولا معنى له”، مضيفاً أيضاً أنه “لا معنى أن يكون مطار صنعاء داخلياً كما يطرح الطرفُ الآخر وأن يكونَ محطة تفتيش أساسية”.
وأشار العجري إلى أنّ الوفد الوطني “يسعى إلى تحييد قضية الاقتصاد عن الصراع من أجل حياة المواطنين”.
- اليوم الثاني: الوفدُ الوطني يُقنِعُ بحُجّته القوية
خلال اليوم الثاني من المشاورات، أي أمس الجمعة، عقد المبعوثُ الأممي جلستين على مستوى الوفود، وكشف رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام أن الوفد الوطني قدّم الحلولَ المتعلقةَ بأجندة المشاورات، وهي القضايا الإنسانية والاقتصادية والتي تضم فتحَ مطار صنعاء وتحييدَ الاقتصاد وصرفَ المرتبات وتبادل الأسرى وكذلك الإطار العام للحل السياسيّ الشامل، مشيراً إلى أن الأممَ المتحدة لم تجدْ أية ملاحظة على أطروحات الوفد الوطني؛ نظراً لمنطقها القوي.
وأشار عبدالسلام إلى أنه خلال اللقاء مع المبعوث الأممي جرى مناقشةُ التهدئة الميدانية والإطار السياسيّ والأمني والعسكري.
وفيما يتعلقُ بالقضايا الإنسانية، كشف عبدالسلام في تصريحات صحفية أن مطلبَ الوفد الوطني “فتح مطار صنعاء وتحييد ميناء الحديدة عن الصراع العسكري فهو مَصْدَرٌ أساسي للشعب اليمني؛ كونه الميناءَ الوحيدَ لاستقبال الحمولات الكبيرة”.
وبحسب عبدالسلام، شدّد الوفدُ الوطني إلى أنه “يجب أَوّلاً أن يتخلص اليمن من الاحتلال، فأعضاء ما يسمى بالشرعية لا يستطيعون الوصول إلى عدن إلّا بإذن دول العدوان”.
وفيما يتعلق بمقترح وفد المرتزِقة بفتح مطار صنعاء للرحلات الداخلية فقط، قال عبدالسلام: “يجب فتح مطار صنعاء وفقاً للمعايير الدولية ولا نقبل التفتيش”.
وفي تصريحات أخرى، أكّد عبدالسلام أن “يدَنا ممدودة للسلام ويدَنا الأخرى على الزناد وقَدَرُنا أن نواجهَ هذا العدوان”، مشيراً إلى أن “ما نطرحُه لا يستطيعُ أحدٌ أن يواجهَه في الرد إلى مستوى أن الأمم المتحدة لم تجد أي رد”.
ولفت عبدالسلام إلى أن الطرفَ الآخر ليس جاداً؛ لأنه لا يملك قضية ولا يملك القرار.
واعتبر رئيس الوفد الوطني أن “تصعيد العدوان في مختلف جبهات القتال يُثبِتُ عدمَ جدية قوى العدوان ومرتزِقتهم للذهاب لحلول تخدُمُ الشعب”.
- الحل السياسيّ: دولة للجميع وشراكة عادلة
خلال جلسات المشاورات في يومَيها الأول والثاني، أكّد الوفدُ الوطنيُّ على ضرورة التوصل إلى حَلٍّ سياسيّ شامل يفضي إلى دولة تمثِّلُ الجميعَ وشراكة عادلة لكل الأطراف اليمنية.
وقال رئيسُ الوفد الوطني محمد عبدالسلام حول رؤية الوفد إنه “لا بد من مرحلة انتقالية يشاركُ فيها الجميعُ وهي تعد لمرحلة فيها انتخابات وإصلاح الدستور وشكل الدولة وكل القضايا التي تعثرت نتيجةً للعدوان”.
وأضاف عبدالسلام حول ما تم طرحُه في المشاورات أنه “يجب أن يتم تشكيلُ إطار سياسيّ ودولة ومن ثَمَّ تسليم السلاح من الجميع للدولة”، مشيراً إلى أن رؤيةَ الوفد الوطني تتضمَّنُ الاتّفاقَ على مرحلة انتقالية يجري خلالها الإعدادُ لمرحلة جديدة تبدأُ بالانتخابات”.
وتضمَّنَت رؤيةُ الوفد الوطني أنه “لا بد من تشكيل حكومة شراكة تجمَعُ كُــلَّ الأطراف أَوّلاً ثم تتولى الدولة سحْبَ السلاح من جميع الأطراف”.