تصفية القضية الفلسطينية سترتد على كُــلّ دولة عربية وشعبها .. بقلم/ فؤاد البطانية
إذا كنا نعتقد كعرب، بأن القضيةَ الفلسطينيةَ هي مجرد احتلال فلسطين والأقصى وسلب حقوق الفلسطينيين فنحن مخدوعون وفي قلب الشِّباك، وإذا كان الحكام العرب وخَوَنَة الأُمَّـة يحسبونها هكذا ويعتقدون بأنه يمكن لهم استخدام فلسطين وشعبها والقدس والأقصى فداء لعروشهم ورشوة، أَوْ كبش فداء للكعبة ولدولهم فهم واهمون ومبتلعون لخدعة الصهيونية، فإسرائيل والصهيونية لا تحسبها كذلك، ولا تحسبها بالمنطق الذي تُسوقه لعملائها من الحكام وغيرهم، بل تحسبها بمنطق الشعوب والأحرار واستحقاقات الأوطان والعقيدة والتأريخ، فصحيح أن هدفها هو فلسطين كجزء أساسي في المشروع الصهيوني، إلا أنها تعلم بان فشل تحقيقه المحتوم مرتبط بصحوة شعوب الدول العربية وباستقلال ونهضة دولها ـ وبعقيدتها ووطنيتها وقوميتها، وبالأمة الإسلامية.
إسرائيل تدرك بأنها لو قضت على المقاومة الفلسطينية أَوْ حتى على خمسة عشر مليون فلسطيني، فإنها لن تفلت من صحوة شعوب الدول العربية ولا من الدول العربية إن استقلت ونهضت؛ لأَنَّ ها تعلم بأن فلسطين جزء مقدس من الوطن العربي وكلها وقف إسلامي والأقصى حاضر في صلواتهم اليومية. ومن هنا تدرك بأن هدفها في احتلال وامتلاك فلسطين لن يستقر ولن يكون أمنا لها ما لم تُخضع الدول العربية كلها وتجردها من استقلالها ومن قوتها العسكريّة وغير العسكريّة والعمل على الإبقاء على هذه الحالة، المرتبطة بإخضاع شعوبها ووضعهم على طريق ونهج متراجع.
وعليه فلا يحلمن عربي أن يكون ساعة واحدة في دولته أَوْ قطره متمتعاً بحقوقه الإنْسَانية والسياسيّة والقانونية ولا بعدالة اجتماعية ولا ديمقراطية ما دامت إسرائيل ترغب أَوْ تنجح بالبقاء بفلسطين. ولا يحلم حاكم عربي بالنجاة بنفسه وبدولته. فالواقع أن القضية الفلسطينية هي التحدي الأساسي لكل دولة عربية أَوْ إسلامية، وقضية كُــلّ مواطن عربي في أي قطر كان مباشرة. بل من المفترض أن تهمه أَكْثَــــر من الفلسطيني الذي تمرس على التعايش مع المعاناة. وأتمنى على شعوب الدول العربية الذين عانوا خلال السنوات الأخيرة ويعانون اليوم أَكْثَــــر من معاناة التجربة الفلسطينية أن يوصلوا الرسالة لكل شعب عربي يعتقد بأنه سيفلت من الأسوأ القادم أَوْ أنه سيخرج من ذاك الأسوأ القادم مهما ركع، ما دامت فلسطين بيد الصهيونية. فالركوع مرحلة شهر عسل سيمر، ولن يشفع لأصحابه في مرحلة لاحقة.