إسلامٌ لا يحرّكنا ضد أعداء الله.. هو إسْلَامٌ فَقَدَ محتواهُ ومفاهيمُه محرَّفة
المسيرة/ خاص
أكد الشهيدُ القائدُ في محاضرة ــ ملزمة ــ [لا عذر للجميع أمام الله]، بأن طريقَ الجنة مليءٌ بالأعمال الجهادية، وليس طريقاً سهلاً، يتطلب العمل، تلو العمل، للحصول على رضى الله، وتنفيذ ما جاء في القرآن، فقال: [فنحن نريد أن نفهم من هذا أننا إذا لم نتدارك أنفسنا مع الله أولاً، أنه غير صحيح أننا نسير في طريق الجنة، وإن كنت تتركّع في اليوم والليلة ألف ركعة، هذه الصلاة إذا لم تكن صلاة تدفعك إلى أن ترتبط بالله أكثر وأكثر وأن تنطلق للاستجابة له في كُلّ المواقع التي أمرك بأن تتحَـرّك فيها فإنها لا تنفع].
مضيفاً أن الدين هو دين متكامل، لا بد أن نؤدي أوامر الله كلها التي في القرآن وأننا مسؤولون عن القرآن كاملاً عندما نقف بين يدي الله، فلن يسألنا عن الصلاة والزكاة والحج فقط وإنما سيسألنا أَيْضاً عن الإنفاق والجهاد والتبرؤ من الظالمين وغيره، ومن يعتقد غير ذلك فإنه يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، فقال: [الدين دين متكامل، دين مترابط، الله ذكر عن بني إسرائيل هكذا أنهم كانوا على ما نحن عليه: يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، والتوراة بين أظهرهم، والتوراة يقرؤونها ويطبعونها ويكتبونها، هل اليهودي كفر بشيء من التوراة بأنه ليس من التوراة؟ التوراة كلها هم مؤمنون بأنها كتاب الله، التوراة شأنها عندهم كالقرآن عندنا. عندما يقول الله عنهم بأنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض لا يعني بأنهم هذا الإصحاح أو هذه المقطوعة من التوراة يكفرون بها أي يلغونها وليست من كتاب الله يصفرون عليها ليس هكذا إنما لأنهم يتركون العمل به ويرفضون العمل والالتزام بأشياء في التوراة، الأمر الذي نحن عليه، نترك العمل بل نرفض].
كيف هو واقعنا بالنسبة للإيْمَان بالقرآن الكريم؟
ولفت -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- إلى أن الناس دائما يبحثون عن الأشياء السهلة واليسيرة التي لا مشقة فيها في الدين ويحاولوا العمل بها، وهو إيْمَانٌ ببعض القرآن وكفرٌ ببعض، منبهاً إلى أن هذا الشيء يفرغ الإسْلَام من محتواه، حيث قال: [نحن نلتزم بأجزاء من الدين وأجزاء أخرى لا نلتزم بها؛ لأننا لم نعرفها، أو لم نتعود عليها، أو لم نسمعها أو لأنها تبدو: [والله أما هذه قد تكون مثيرة، وقد تكون شاقة وقد تكون مخيفة]. نبحث عن السهل في الدين الذي لا يثير حتى ولا قِطّ علينا، الذي لا يُثِير أحداً علينا، ونريد أن نصل بهذا إلى الجنة، والله يقول عن من يبلِّغون دينه باعتبار أن في دينه ما قد يثير الآخرين ضدك، في دينه ما قد يخشى الكثير من الناس أن يبلغوه ويتكلموا عنه: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ}].
دين الله ليس سهلاً.. بل فيه ما يُثير أهل الباطل ضدنا:ــ
وتساءَلَ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- عن معنى قوله تعالى [وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ]، ليؤكد لنا أن الدين فيه ما يغض ويثير أهل الباطل، الذي نحن مأمورون بمجاهَدَتِهم، والجهادُ من أوجبِ الواجبات في القرآن، وبدونه لا قيامَ للدين، فقال: [ماذا تعني هذه الآية؟ أن في رسالات الله، أن في دين الله ما يثير الآخرين، وما قد يجعل كثيراً من الناس يخشون أن يبلغوه. لماذا؟ لو كان الدين كله على هذا النمط الذي نحن عليه ليس مما يثير لما قال عن من يبلغون رسالاته أنهم يخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله. فهذا يدل على أن هناك في دينه ما يكون تبليغه مما يثير الآخرين ضدك، مما قد يُدخلك في مواجهة مع الآخرين. مَن هم الآخرون؟ أهل الباطل أهل الكفر أهل النفاق يهود أو نصارى أو كيف ما كانوا، هؤلاء هم من قد يواجهونك.
ولأن في دين الله، وهذه هي قيمة الدين، هي عظمة الدين، لو كان الدين على هذا النحو الذي نحن عليه لما كان له قيمة؛ لأنه دين لا أثر له في الحياة، ولا يحق حقاً ولا يبطل باطلاً، دين ليس لـه موقف من الباطل، أليس هذا هو ديننا الذي نحن عليه، أو الجزء من الدين الذي نحن عليه؟ لو كان الإسْلَام على هذا النحو الذي نحن عليه لما كانت له قيمة].
الإسْلَامُ الذي حرّك محمداً وعلياًّ، لماذا لا يحرّكنا؟
واستغرب -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- من الذلةِ الرهيبة المضروبة على الأمة الإسْلَامية، والتي تدُلُّ على أن الإسْلَام الذي نحن عليه ليس الإسْلَام الصحيح، وأنه لابد من إحياء المفاهيم الحقيقية للإسْلَام، فتساءل قائلاً: [ألم يقل الله عن إرساله للرسل وإنزاله للكتب أن المهمة تتمثل في: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}(النحل: من الآية36) واجتنبوا الطاغوت.. فلتفهم أن ما نحن عليه ليس هو الإسْلَام الصحيح، عندما ترى نفسك أنه لا ينطلق منك مواقف تثير أهل الباطل، ولا تثير أهل الكفر، ولا تثير المنافقين، أنك لست على شيء، وإذا كنت ترى أنك على الإسْلَام كله فأنت تكذب على نفسك، وتكذب على دينك. إن الإسْلَام هو الذي حرك محمداً (صلوات الله عليه وعلى آله) فلماذا هذا الإسْلَام لا يحرك الآخرين؟ لماذا كان محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وعلي والحسن والحسين وآخرون ممن كانوا يتحَـرّكون..
فقط كان ذلك الإسْلَام الذي كان موديلاً قديماً هو الذي كان يحتاج الناس يتحَـرّكوا من أجله؟ أما إسْلَام هذا العصر فهو إسْلَام مسالم لا يحتاج منك أن تتحَـرّك ضد أحد؟!. ولا أن تثير ضدك أحداً؟ ولا أن تجرح مشاعر أحد، حتى الأمريكيين، لا تريد أن تجرح مشاعرهم أن تقول: (الموت لأمريكا) قد تجرح مشاعرهم ومشاعر أوليائهم، وهذا شيء قد يثيرهم علينا، أو قد يؤثر على علاقتنا وصداقتنا معهم، أو يؤثر على مساعدات تأتي من قبلهم، لا نريد أن نجرح مشاعرهم. هذا الإسْلَام ليس إسْلَام محمد (صلوات الله عليه وعلى آله).. الذي حرّك رسولَ الله في بدر وأُحُد وحنين والأحزاب وتبوك وغيرها هو القرآن، الذي حرك علياً في كُلّ مواقعه هو القرآن].