قائدٌ في تنظيم «القاعدة» ضمن وفد الرياض في السويد!! بقلم/ نضال حمادة
خرج المسؤولُ في تنظيم «القاعدة» رئيس حزب اتّحاد الرشاد اليمني محمد بن موسى العامري إلى الصحافة في مقرّ مؤتمر السويد للسلام في اليمن يتحدثُ عن الأسرى ووقف إطلاق النار وكان الشيخ السلفي في حديثه عن المعتقلين اليمنيين في السجون الإماراتية في عدن كحاطب ليل لا هو يعرف عددهم ولا أسماءهم وليس باستطاعته القرار في أمر التفاوض حولهم ويلقي التهم على الوفد الوطني اليمني الآتي من صنعاء بالقول إنه سبب تأخر الاتّفاق؛ بسببِ الاعتقالات التي تقوم بها «أنصار الله» على مدار الساعة في صنعاء، بحسب قوله.
كان كلام العامري هزلياً كما لباسه بالكرافات وبالسروال السلفي القصير وهو كلما قصر السروال لديه طال حبل الكذب عنده حتى الرمق الأخير فلم يوفر البهائية والزيدية والاثني عشرية وخلط الأمور ببعضها على طريقة «لوك» لباسه المُبتكر كرافات وسروال سلفي قصير عند الأقدام.
هي ليست المرة الأولى التي يحضر فيها عضو كبير في تنظيم «القاعدة» ضمن وفد الرياض، فالمرة الأولى كانت عام 2015 عندما حضر معلمه عَبدالوهاب القميحاني مؤتمر جنيف للسلام في اليمن وكشف كاتب هذا المقال يومها هوية القميحاني المطلوب لوزارة الخزانة الأميركية بموجب مذكرة توقيف دولية بتهمة تمويل الإرهاب، لم يعد القميحاني يحضر مع وفد الرياض والآن أتى تلميذه العامري وكأنّ هناك لتنظيم «القاعدة» موفداً خاصاً به ضمن تركيبة وفد الرياض.
ولد محمد بن موسى العامري في قرية خصب التابعة لبني عامر في محافظة البيضاء بوسط اليمن. ووفقاً لسيرته الذاتية، تلقى تعليمه الأساسي فيها ثم رحل إلى السعودية وأكمل تعليمه هناك ليعود إلى اليمن ويلتحق بمدرسة دار الحديث التي أسّسها السلفي مقبل الوادعي. تذكر سيرته الذاتية أنّه حصل على درجتَي الماجستير والدكتوراه من جامعة أم درمان الإسْلَامية السودانية في مقاصد الشريعة، وفي العام 2012 أسّس مع عَبدالوهاب الحميقاني، المطلوب دولياً بتهمة الإرهاب، «حزب اتّحاد الرشاد» السلفي في اليمن وكان الواجهة لتنظيم «القاعدة» الذي عمل على إنشائه السلفي القطري عَبدالرحمن النعيمي الصديق الشخصي للأمير السابق للتنظيم أسامة بن لادن.
وكان عَبدالرحمن بن عمير النعيمي، ويُنادى «أبو عمير»، زميل الدراسة لحمد بن جاسم الرئيس السابق لمجلس الوزراء القطري وكان يكره جشع الأخير وحبه للمال واستهتاره بالقيم والدين. وعوّض غيابَه عن الجهاد الأفغاني باتّخاذ مواقف متشنّجة ومتعصّبة في صفوف الشباب السلفي في قطر. وكعقل تنظيمي ناجح، تمكّن من احتلال الصدارة بين أترابه السلفيين في قطر. إلا أنّ أحداث 11 سبتمبر أيلول 2001 والضربات التي وُجهت للمشاريع الجهادية للأفغان العرب خيرية ومالية وتنظيمية هي التي أعطته الفرصة لتزعّم معركة «تحديد وتحجيم الخسائر» وإعادة التنظيم من جديد.
بعكس ظاهرُه المتشدّد والأصولي، كان النعيمي أَكْثَــرَ عناصر تنظيم «القاعدة» براغماتية، وكان كاتب هذه السطور يلتقيه على هوامش مؤتمرات اللجنة الدولية لإغلاق غوانتانامو في باريس وجنيف بين أَعوام 2003 و2009.
ورغم كونه من أشدّ أعداء الفرق غير السنية فقد احترف التقية والخطاب المُبطّن. واعتقد عَبدالرحمن النعيمي أبو عمير أنّ الأمير حمد بن خليفة متديّن في داخله وأنّ موقفه من الحركات الإسْلَامية مبدئي، وأنّ مصدر الخطر على قناعات الأمير الإسْلَاموية، يأتي من الأميرة موزة ورئيس الوزراء حمد بن جاسم. لذا حرص على علاقة جيدة مع الأمير.
تمّ استثمار وجود الشيخ السلفي عَبدالوهاب محمد الحميقاني، وهو أستاذ عضو وفد الرياض لمفاوضات اليمن محمد العامري في دار الإفتاء والبحث الشرعي في وزارة الأوقاف القطرية، لتكليفه بنقل المساعدات المالية إلى تنظيم القاعدة في اليمن. وقامت «خلية الدوحة» بتجميل صورة الشيخ عبر دعوته بانتظام إلى مؤتمرات دينية وخيرية، وضمّ اسمه في مجلس أمناء «مؤسّسة الكرامة لحقوق الإنْسَان» وافتتاح مكتب للكرامة في صنعاء يتسلم رئاسته وكان العامري أميناً للسر. وطلب منه تشكيل حزب سياسيّ يغطي نشاطاته تماماً كما فعلت المجموعة الجزائرية التي أسّست الرشاد فقام بتشكيل حزب الرشاد اليمني وتولى رئاسته الحميقاني ومركز الأمين العام محمد موسى العامري. وعزّز هذا الغطاء بتعزيز علاقته بأطراف حكومية بعد تسلّم الرئيس هادي لمنصبه.
إلا أنّ ّ اعترافات أَكْثَــر من معتقل وجهت الأنظار إليه باعتباره المتلقي والموزع لمبالغ كبيرة تصل إلى تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية. وضع على لوائح العقوبات الأميركية في ديسمبر كانون الأول 2013 بتهمة تقديم الدعم المالي لـ “القاعدة” في شبه الجزيرة العربية. وقام الحميقاني بتحويل الأموال إلى القاعدة في شبه الجزيرة العربية من خلال هيئة غير حكومية تابعة له في اليمن عبر مؤسّسة «عيد آل ثاني الخيرية» ومنظمة «الكرامة» والحقائب المالية. عمل الحميقاني جاهداً على رفع التهمة عبر لجوئه إلى المملكة العربية السعودية والمشاركة في مؤتمر جنيف بشأن اليمن في يونيو حزيران 2015. إلا أنّ رصد عدة أجهزة خليجية لاستمرار تواصله السري مع خلية الدوحة وتنظيم «القاعدة» استدعى وضعه على القائمة الأولى الصادرة عن الدول الأربع حول الأشخاص والمنظمات المتهمين بدعم الإرهاب.
كانت جملة تحَـرّكات عَبدالرحمن النعيمي بعد 2011 بعلم السلطات القطرية وبتسهيل منها؛ باعتبارها تصبّ في سياسة «الحمدَيْن» لتغيير النظام في سورية ووجود عناصر تحت السيطرة في مناطق الصرع المسلح. وأصبحت المخابرات الأميركية أيضاً على علم بدور النعيمي وتحَـرّكاته ولكنها كانت تعتقد بإمكانية توظيف كلّ طرف مناهض للنظام السوري من أجل إسقاط النظام ثم، بحسب ما كانت تقول للدبلوماسيين الغربيين، التفرّغ للمتطرفين. وعندما توصلت الإدَارَة الأميركية إلى قناعة بأنّ مشروع إسقاط النظام عبر التنظيمات الجهادية والإخوانية غير ممكن، تمّ إدراج اسم عَبدالرحمن بن عمير النعيمي على لوائح العقوبات الأميركية في ديسمبر كانون الأول 2013 وصديقه عَبدالوهاب الحميقاني على لوائح الأمم المتحدة في سبتمبر أيلول 2014 وذلك لتقديمهما الدعم المالي لمنظمات إرهابية. وصفت وزارة الخزانة الأميركية النعيمي بأنه شخص قدّم ملايين الدولارات لأعضاء القاعدة في سورية وأعضاء الشباب في الصومال والقاعدة في شبه الجزيرة العربية عن طريق هيئة خيرية في اليمن هي ليست سوى «حزب اتّحاد الرشاد» اليمني الذي يرأسه محمد بن موسى العامري.