إلى أين تتجه مشاوراتُ ستوكهولم؟ بقلم/ زين العابدين عثمان
الحديثُ عن إمكانية نجاح مشاورات ستوكهولوم في تحقيق السلام أَوْ أن أمريكا راغبة في إنهاء الحرب العدوانية التدميرية التي يقودها وكلاؤها السعودية والإمارات هو حديث لا زال يصادم العقل والمنطق والحقائق التي يظهرها الواقع على الساحة اليمنية عسكريًّا وسياسيًّا، إذ أن الحربَ ما تزال ملتهبة وما زال الدمار والقصف والقتل الجماعي بحق المدنيين الذي يوغل في تنفيذه طيران السعودية والإمارات متواصل لم يتوقف، كما أن مسارات التحشيد والاستعداد لخوض جولات جديدة من المعارك موجودة فعلاً فالإمارات والسعودية لا زالتا تدفعان بقوات اضافية من مرتزقتهما الأجانب والمحليين إلى جبهات الساحل الغربي وجبهة مأرب ونهم كمؤشر حقيقي يوحي بأن هناك تصعيدات عسكريّة يجري تحضيرها وستنفذ إذا ما اخفقت مشاورات ستوكهولم بالسويد.
الموقفُ والسياسةُ الأمريكية التي لا تظهر ثباتَها الجيوسياسيّ وقناعاتها المطلقة في مِلَـفّ إنهاء الحرب باليمن هي الجانب الأَكْثَــر تعقيدا أمام إحياء العملية السياسيّة بستوكهولم وهي عائق بالمقام الأول أمام فرص نجاحها، إذ إنها ما تزال مرتكزةً على ازدواجية متناقضة مضطربة فمن جهة تظهر نفسها كراعية لتحقيق السلام باليمن وإنهاء الأزمة كمسار تمارسه لتجميل صورتها اماما العالم ومن جهة أخُـرَى تخفي حزمة من السيناريوهات التآمرية التي لا تزال تصب في تغليب مصالحها القومية والأمنية على تحقيق مِلَـفّ السلام باليمن خُصُـوْصاً وأن الحرب الذي شنها وكلاؤها (النظامان السعودي والإماراتي) على اليمن منذ أربعة أَعوام لم تُفضِ إلى أية نتيجة ولم تحقّق أهدافها المرسومة.
لهذا فطبيعة الدور الأمريكي القائم حالياً في واقع الساحة السياسة والعسكريّة اليمنية وساحة مشاورات ستوكهولم لا زال دوراً سلبياً تدميرياً لا يمكنه أن يلعب الدور المتوازن الحقيقي نحو الدفع بعجلة الحرب باليمن نحو السلام أَوْ إنجاح المشاورات وهذا ما يمكن قوله في ظل ازدواجية التعاطي التي تتبعها إدَارَة الرئيس ترامب لتحقيق مصالحها الأمنية والقومية فمتى ما قامت بالتغيير وتوجيه نواياها الحقيقة لإيقاف الحرب باليمن فهي ستتوقف بلا شك ولن يدخر جهداً في تحقّق السلام الكامل باليمن لكن هذا أمر لا زال في فك المصالح الليبرالية الأمريكية المعقدة والمتطرفة التي ترى مصلحة أمريكا فوق كُــلّ الاعتبارات الإنْسَانية.
لذلك تبقى مشاورات ستوكهولم تراوحُ مكانها بين الفشل والنجاح مستلقية على ارضية مضطربة لا يمكنها أن تفضي إلى أي اتّفاق فعلي أَوْ تقدم في العملية السياسيّة نتيجة تصلب الموقف الأمريكي لكن ربما يمكننا القول بأن هذه المشاورات ستقدم على ابرام بعض الاتّفاقات وستكون مقدمة جيدة لمشاورات ستعقد تباعا وحبلى ببعض التفاهمات، أما في حالة فشلها وخروجها بمخرجتها عقيمة متخاصمة فهي ستكون محطة لانطلاق التصعيدات العسكريّة الذي ستكون مختلفة جداً عن سابقاتها.
نحن نتمنى فعلاً نجاح مشاورات ستوكهولم وأن تكون محطة أولية لرسم الخطوط العريضة للسلام ولا نريد لها الفشل، أما إذا أراد معسكر واشنطن ووكلائه الرياض وأبو ظبي إفشال المشاورات ومواصلة الحرب فهذا سيكون خيارا مكلفا ومدمرا عليهم؛ لأَنَّهم لن يحدثوا خلاله فارقاً جيو استراتيجياً غير الغرق أَكْثَــر في الوَحْل اليمني وَسيتلقون وابلاً من التداعيات والفواتير المدمرة، وهذا ما سنشهده بالمرحلة المقبلة إذا ما فشلت المشاورات والأيام بيننا.