انتصار السياسة الإنسانية .. بقلم/ سعاد الشامي
تمادت دولُ العدوان في غَيِّها وأوغلت في إجرامها، وأمعنت بالتفريط بحرمة النفس البشرية وتهاونت بالدم اليمني وفرّطت بكل القيم الإنسانية، وتبين إصرارها على استخدام كُـلّ الأساليب التي تزهق الأرواح وتهلك النفوس.
كان محمد بن سلمان قد سمع دعوةَ البيت الأبيض بشن العدوان على اليمن والتي يعتبرها النظامُ الأمريكي في العصر الحاضر العائقَ الأقوى في وجه مشروعه الإمبريالي المتخصّص باستعباد شعوب الأرض ونهب ثروات العالم، فتهيّأ بن سلمان لتلبية هذا النداء الأمريكي وجاشت في نفسه نزعةُ الحقد والانتقام المتغلغلة بالصدور الوهّابية والمتوارثة عبر حكام آل سعود، واختلجت في فؤاده عواملُ الشوق لإعَادَة هذا الشعب مجدداً إلى وصايته بعد أن تمرّد على عيش الذل والخنوع.
ولكن كان هذا المطلبُ بعيدَ المنال بالنسبة لليمنيين الأحرار، واتجهت أنظارهم إلى الله؛ ليسندَهم ويحميَهم مما أثقل كاهلَهم من الظلم والآلام، فيهيئ لهم مدارجَ النور ويفسح أمامهم طريقَ الجهاد والدفاع المقدَّس وهم يمتلكون حقَّ عدالة القضية ودلائل المظلومية، وهم أولو البأس الشديد وذوو النفوس الكريمة التي أشربت عزة الله، فأيّدهم بقوته وسحقوا أطماعَ الغزاة وهزموهم عسكريّاً في كُـلّ الجبهات، وكان آخرها معركة الحديدة التي أعدّوا لها أعظمَ قوة برية وجوية وبحرية، فنالوا هذه الهزيمة النكراء التي ذاع صيتُها وانتشر وكاد يسُدُّ الأُفُق.
وبعد أن ضاقت مسالكُ الحسم العسكريّ أمام الأعداء وصَغُرَ شأنُهم في أعين الشعوب، عمدوا إلى الجانب السياسيّ عساهم يسجّلون بعضَ نقاط الانتصارات على طاولة المفاوضات، ولكن هيهات أن تدنس الشمس غبار ثائر، أَوْ يحط من قدر الأحرار التسهيلاتُ الإنسانية التي لا تمُسُّ بقداسة الوطن، ولو تسلّل إلى خلجات نفوس مرضى القلوب بأن تلك التسهيلات تعد ضعفاً وعجزاً!
إنَّ مَن لا يفقهون إلا سياسَة الكراسي والنفوذ وسياسَة القتل والدمار لن يلامسوا الحقيقةَ الرائعةَ بانتصار القيم الإنسانية والتي هي سياسَة أنصار الله، منذ البداية فمن يتتبع تنازلاتهم في كُـلّ مرحلة كانت تصُبُّ في قالب مساندة المواطن اليمني المكلوم والتي كان المغفلون يسارعون بختمها بطابع الضعف، ولكان سَرعانَ ما ينقلب السحرُ على الساحر لتكونَ هي العاصفة الهوجاء التي تقوّض عروشَ الظلم وتجز رؤوسَ الاستبداد.
لقد انتصر الأنصارُ إنسانياً وسياسيّاً وعسكريّاً ولو كره المرجفون، ولم تتفتح بصائرُهم وأنكروا طلوعَ الشمس في وَضَحِ النهار، فهذه حقيقة لا يدركها إلا الراسخون في ملكوت الأضواء الإنسانية، وهيهات لعبدٍ كليلِ الرأي، حقير الشأن، لا حول له ولا قوة إلا التمسُّح بأذيال الأعداء، أن تنقشعَ عن روحه تلك السحابةُ المظلمة، ويتسرَّبَ إلى قلبه شُعاعٌ من الحق المبين.