قمة ترامب نتنياهو وابن سلمان! بقلم/ ناصر قنديل
– عندما يكونُ مصدرُ الخبر موقعاً معروفاً بالاتزان المهني كـ «الميدل إيست آي»، وعندما تنشُرُ الخبرَ نفسَه صحيفةُ معاريف الصهيونية، لا يعود الأمر مُجَـرّد شائعة، وهو في أسوأ الأحوال تسريب مدروس لاستكشاف ردود الفعل وجس النبض تقف وراءه جهة وازنة تملك قدرة الوصول إلى هذين الموقعين الإعلاميين المؤثرين، ويؤخذ ما تطلب نشره بجدية. والخبر هو أن ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان أبدى الاستعداد للقاء قمة يضمّه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تحت عنوان مناقشة تحديات الوضع في المنطقة.
– الفرضيات التي طرحها الخبرُ تراوحت بين محورين، الأول هل سيجرؤ ابن سلمان إذا تم اللقاء أن يعلن موافقته على اعتبار القدس عاصمةً لإسرائيل كعنوان لصفقة القرن ويدعو القيادات الفلسطينية والعربية والإسْلَامية إلى التعامل مع هذا الأمر كموقف سعوديّ. والثاني هو هل سيجرؤ ترامب ونتنياهو على عقد اللقاء مع محمد بن سلمان بدون هذا الشرط في ظل ما يلاحقه من اتهامات وما يجعل اللقاء به مخاطرة غير محسوبة في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها كُــلٌّ من ترامب ونتنياهو في المُؤَسّسات السياسيّة الأميركية والإسرائيلية؟
– السؤال الأهم يبدأ من فرضية أن يكون محمد بن سلمان مستعداً للمناداة علَناً بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل” وأن يرتضيَ ترامب ونتنياهو ملاقاته للحصول على هذه الجائزة الثمينة التي كانت تستحقّ في الماضي بذل الغالي والنفيس لأجل الحصول عليها. فماذا سيكون تأثير هذا الإعلان؟ هل سينجح في شق الساحة الفلسطينية لصالح بروز مؤيدين للموقف السعوديّ يشكلون وزناً فلسطينياً يتيح إطلاق مسار عملي لصالح تسوية فلسطينية إسرائيلية ترتكز على شروط الأمن الإسرائيلي؟
– الجوابُ سلبي بالمطلق على هذا السؤال، وهذا ما يقوله الإسرائيليون، إعلاميين ومحللين، وقد اختار الفلسطينيون طريقَهم بوضوح، من غزة إلى القدس إلى الضفة إلى الأراضي المحتلّة عام 48، والسعوديّة فقدت بريق تأثيرها الفلسطيني، وسيكون مصير أي قيادة فلسطينية تدعو للسير في الركب السعوديّ بعد مثل هذا الإعلان هو العزل ما لم يكن القتل، وبالتالي سيتحول إعلان ابن سلمان العاجز عن التأثير فلسطينياً إلى مُجَـرّد مكسب إعلامي لترامب ونتنياهو، وإن ترتبت عليه إجراءات سياسيّة علنية بين «إسرائيل» والسعوديّة، فهي على أهميتها لـ “إسرائيل” وخطورتها عربياً وإسْلَامياً، ستبقى علاقات ثنائية عاجزة عن إطلاق مسار عربي إسْلَامي كما كان الرهان الأصلي على صفقة القرن، وسيصير نتاج هذه الإجراءات مرهوناً بقدرة محمد بن سلمان على البقاء في الحكم، وربما يكون ذلك أحد عوامل تسريع سقوطه؛ لأَنَّ الفرقَ كبيرٌ بين قيادة مسار يرتضي الفلسطينيون السيرَ به وبين الخروج إلى تفاهمٍ ثنائي إسرائيلي سعوديّ دون حَــلّ القضية الفلسطينية، في ظل وضع مترنح لابن سلمان أمام ما تشهده الحياة السياسيّة الأميركية الداخلية، وما يجري في الغرب عموماً باتجاه تجريمه وملاحقته.
– ترامب ونتنياهو سيبدوان مُجَـرّد حبل نجاة مؤقت لصالح ابن سلمان إنْ قَبِلا القمة، لكنه سيكون حبل مشنقة خصوصاً لترامب؛ لذلك يبدو مرجحاً أن يقترح ترامب عقد قمة ثنائية تضم محمد بن سلمان ونتنياهو يكتفي بإعلان تأييدها، وربما يستقبلهما معاً لاحقاً، وفي وضع صعب يعيشه كُــلّ من نتنياهو وابن سلمان، سيطلب كُــلّ منهما من الآخر ما يبرر اللقاء في وضعه الداخلي السيئ، وكل ما يقدّمه واحد منهما للآخر سيزيد وضعه صعوبة، فهم جميعاً دخلوا حفرة الوحل، وكلما حفروا أَكْثَــر غرقوا أَكْثَــر.