هزيمةُ محور (العودة لنقطة الصفر) .. بقلم د/ عبدالملك عيسى
قريباً من هذه الأيّام قبل عامين وتحديداً يوم الاثنين ١٤ نوفمبر ٢٠١٦، زار جون كيري سلطنة عمان والتقى بوفد أنصار الله في مسقط برئاسة الأستاذ محمد عبدالسلام حينها كان الرئيس الأمريكي أوباما على وجه مغادرة البيت الأبيض والرئيس الحالي ترامب يتأهب للدخول إليه، حينها أعلن أوباما عن استراتيجية جديدة للشرق الأوسط قوامُها الاتّفاقُ مع الخصوم، فكان الاتّفاق النووي مع إيران والاتّفاق على إيقاف حرب اليمن والخروج من سوريا والتفرّج على العراق وهو يغرق؛ لأَنَّه قبلها بأشهر كانت الاستراتيجية الأمريكية الجديدة المعلنة تتجه صوب الصين ونقل القُـوَّات من الشرق الأوسط وأفغانستان نحو جنوب شرق آسيا، وهذه أَيْضاً كانت سياسَة يدعو لها ترامب أثناء حملته الانتخابية إلا أنه بمُجَرّد الدخول للبيت الأبيض وسيطرة اللوبي اليهودي السعوديّ الإماراتي على اتّجاهات السياسة الأمريكية انقلب على إرث سابقه أوباما وأعاد العمل بعكس ما وصل إليه أوباما والمؤسّسات الحاكمة في واشنطن.
اليوم وبعد سنتين ها هم يعودون لنفس النقطة التي وصل إليها أوباما ويقومون بسحب القُـوَّات الأمريكية من أفغانستان وسوريا كان العالم بغنىً عن هذه الفترة العصيبة.
كُلُّ المؤشرات تدلُّ على تبدُّل استراتيجي في الشرق الأوسط منذ سنتين مضت حاولت الإمارات والكيانان السعوديّ والصهيوني الوقوفَ ضده ولم يستطيعوا سوى تأخيره معركة حلب والموصِل وصرواح ونهم كانت إيذاناً بدخول عصر جديد وتوازن جديد وانتصار محور على آخر لم يستوعب الأعرابُ هذه المتغيراتِ وسعَوا نحو قلب الطاولة بشرائهم لترامب الذي هو عبارة عن آلة دولارات لا تشبع ترامب يريد البقاء بسوريا لكن بشرط أن تدفع ثمن البقاء دول الخليج، إلا أن الإمارات والسعوديّة رأوا أن كلفة الصلح مع الأسد أرخص بكثير من كلفة تحمل نفقات ترامب فكانت زيارة البشير لسوريا هي بداية المتساقطين نحو أقدام دمشق تتقاطع هذه الزيارة مع كثيرٍ من الزيارات السرية التي قام بها ضباطُ مخابرات سعوديّون وإماراتيون وغيرهم نحو دمشق.
في الجغرافيا السياسية نعرفُ أن دمشق هي بوابة طهران، فحليف الأسد لا بد أن يكونَ بالضرورة حليفَ طهران وبيروت محور طهران دمشق بيروت بغداد يحكم الآن العراق وسوريا ولبنان، محور الصهيونية يتراجع ولم يستطع تحقيقَ أي نصر ذي جدوى وأصبح يتأكل في بُنيته الأساسية، فلا السعوديّة اليوم هي ذاتُها قبل عامين ولا أمريكا هي أمريكا ذاتها ببساطة شديدة هناك تقدم محور على آخر، وقادم الأيام ستشهد المزيد من التراجع خَاصَّـة بعد أحداث السودان وقدوم الانتخابات الأمريكية والطعنة التي تلقاها الأكراد في العراق وسوريا نشهد هذه اللحظات فقط أنها عودة إلى نقطة توقف عندها الزمن السياسي وعادت عقاربُ الساعة إلى الوراء سنتين كاملتين.
يجبُ استثمارُ هذه اللحظة وتعزيزُ المكاسب العسكريّة والسياسية وخَاصَّـةً في اليمن التي هي عمودٌ أساسي وكان لها شرفُ إسقاط هذه الأوهام والمشاريع تحت أقدامِ أبطال الجيش اليمني ولجانه الشعبيّة، فالتركيز على اليمن سببٌ في خسارة محور الصهيونية لسوريا والعراق، وها هو اليمنُ على طريق الانتصار الذي كُتب لأبناء هذا الشعب الأبي والصابر.