السودان.. خياراتُ الانتفاضة وخيارات النظام .. بقلم/ طالب الحسني
السودانُ إلى الواجهة، لكن هذه المرة من بوابة انتفاضة عُمَّالية وطلابية وشعبيّة اندلعت من مُدُن نهر النيل في الشمال السوداني، واحدةٌ منها مدينة عطبرة، تذكّر هذه المدينة بانتفاضة مشابهة عُرفت بانتفاضة الستة والثمانين وأطاحت بالرئيس الأقوى جعفر النميري، كانت تلك الانتفاضة مقدمةً لانقلاب عسكريّ.
ثمة تشابُهٌ كبيرٌ بين الثورتين، يرتعد البشير خوفاً من هذا التشابه، فالجامعات والعُمال وشوارع المدينة الصناعية خرجت للشوارع والساحات وتهتف بإسقاط النظام، تماماً كما فعلت حين أسقطت نظام النميري.
الهتافاتُ الجديدة وإن كانت تتشابَهُ مع الربيع العربي، لكن يبدو أنه ليس بينها تماس مع الربيع، فتلك تجربة أجهضت في العام الفين وثلاثة عشر، أخمدها نظام البشير عندما قتل أكثرَ من مئتين من المحتجين، ربما، لم يكن الشعبُ قرّر بعد أن يخلعَ البشير في دوامة عنف أعقبت الثورات التي جاءت من الربيع العربي، كليبيا المجاورة.
الجوع والبطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وأحياناً انعدامها، وقود الثورة، الانتفاضة السودانية، يزيدُ زخمَها القمعُ الذي تنفّذها القوى الأمنية، وقتلت رصاصُه حتى يوم أمس ثمانية محتجين.
في الجوار يتهيبُ النظامُ من أن يلتحقَ الجيش بالاحتجاجات، فوضع الجيش السوداني هو الأسوأ من بين المؤسّسات العسكريّة والمدنية، وراتبه هو الأقل.
الحزبُ الحاكم (المؤتمر الشعبي) الذي ينتمي إليه البشير متهمٌّ بالفساد والاستقواء بالسلطة والثروة، واستقواء آخر بالتجويع والقمع وملاحقة القوى السياسية منذ أن قويت شوكة الرئيس الأطول في التأريخ السوداني منذ الاستقلال.
تبدو المعارضةُ جاهزةً لاحتمالين، أن تقوى الثورة المدنية والشعبيّة في كُـلّ المدن والمحافظات وتزداد الضغوط الدولية لإجبار البشير على التنحي، أَوْ انقلاب عسكريّ شبيه بالذي قام به في العام ألف وتسعمائة وستة وثمانين، واحتمال ثالث مُر، أن يتجاوَزَ البشير الأزمةَ، وَأن يجهّزَ لترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة، بعد أن يعدّلَ اضطرارياً في الدستور.
خارج هذه التظاهرات ثمة وجعٌ آخر ينتظر التداعيات، الجيشُ السوداني الذي دفعه البشير للقتال في اليمن، مقابل صفقات مالية ووعود سعوديّة وأمريكية برفع الحظر الدولي عنه، وأمور أُخْــرَى، إنْ لم ينجح الشعب السوداني بوضع حَـدٍّ لعهد البشير.