دقائق مع المجند السوداني الذي سلّم نفسه للجيش واللجان الشعبيّة
المسيرة | جبران سهيل
في لقاء خاص مع العسكريّ السوداني الذي رماه ورفاقَه رئيسُ بلادهم في جحيم معركة العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن، تحت مسميات مغلوطة كالدفاع عن بيت الله الحرام، وفي حقيقة الأمر ليس إلا طمعاً في المال السعوديّ الذي سيجنيه ذلك الخائنُ والمرتزِقُ عمر البشير، جلسنا مع “الرقيب عَبدالله الصديق محمود عَبدالرزاق” يحمل الرقم العسكريّ 981056 من منطقة ولاية جنوب كردفان قرية أبو جبيهه.
وصل إلى حدود اليمن مع قُـوَّات جارة السوء السعوديّة؛ ولأنه إنسان حكّم عقلَه رفض الواقعَ المؤلمَ الذي يعيشُه وزملاءه المرتزِقة وما يلاقون من إهانات من قبل الجنود والضباط السعوديّين الذي يحظون بمميزات تخصهم دون هؤلاء؛ لأَنَّهم ينظرون إليهم نظرةَ احتقار فبالمال اشتراهم السعوديّ لحمايته ومقابل المال أَيْضاً باعهم بشير الشؤم والعمالة واستوفى الثمن.
وصل المجند السوداني إلى جيزان قبل ثلاثة أشهر ولم يتقاضَ أيَّ شيء حتى اللحظة التي سبقت قراره الشجاع ومغامرته المحفوفة بالمخاطر والتي خاضَها بكل حرية وإباء، فمع ظهيرة يوم عنوانه أكون أَوْ لا أكون، غادر عَبدُالله الصديق الموقعَ الذي يتواجد فيه، واتجه نحو مواقع الجيش واللجان الشعبيّة، وقبل أن يصلَ اكتشف زملاؤه من المرتزِقة السودانيين والسعوديّين أمرَه، فأطلقوا عليه أعيرةً نارية بأنواع السلاح، لكن عناية الله كانت إلى جانبه، وصل سالماً معافىً إلى المجاهدين اليمنيين المدافعين عن أرضهم ومظلومية شعبهم، ففرحوا به وأمّنوه وأكّرموه كما هي أخلاقُ رجال الرجال وليس أشباه الرجال من مرتزِقة العدوان!
تم إخراجُه من جبهة جيزان ليلتقيَ بشعبٍ مسالمٍ لا يحمل في قلبه أيَّ غيظ لإخوانه العرب وللمسلمين جَميعاً.
تحدثنا معه وخصَّ صحيفةَ “المسيرة” بجانبٍ من حديثه، حيث قال إنه اكتشف حقيقة الأمر وما تم خداعُهم به بمُجَرّد وصوله إلى جبهة جيزان، وعلم يقيناً حقيقةَ أنه يقاتل مع جيش سعوديّ مسنودٍ بالأمريكيين والأجانب وأنواع السلاح والذخائر، ومع كُـلّ هذا يعيشون وضعاً مقلقاً ويتلقون خسائرَ فادحة ويعيشون مع كُـلّ يوم جديد رعباً حقيقياً.
وقال إنه تم إقحامُه في المواجهات بجبهة الحدود رغم أن تخصُّصَه هو مجال الاستخبارات وليس العمليات القتالية.
ويقول أيضاً: عرفتُ تماماً أَيْضاً أننا نقاتِلُ شعباً مؤمناً ومظلوماً ولا يمتلكُ إلا السلاح البسيط، لكن طريق هؤلاء الذين قرّرت أسلّمُ نفسي إليهم طريق حق، وطريق أولئك الذين خرجت من بينهم طريقُ باطل.
ويضيفُ أن أخلاقَ أولئك الذين أخرجه اللهُ منهم سيئة، وأخلاق هؤلاء الذين ارتمى بينهم فاضلة، ونابعة من توجيهات وتعاليم الله في كتابه.
سألناه: هل يرغَبُ في العودة إلى السعوديّة وهل أنه نادمٌ على قرار تسليمه نفسَه للجيش واللجان الشعبيّة؟ فأجاب دون تردّد لا ولو أعطاني سلمان جميع ملكه لن أندم على قراري.
وسألناه: هل ترغب في العودة إلى بلدك السودان؟ فأجاب قائلاً: لا أفكر في ذلك حالياً؛ لأَنَّهم سيحاكمونني وينفّذون في حقي حكمَ الإعدام ظلماً دون وجهة حق، ولن أفكرَ في العودة حتى يزيحَ الله عنا وأحرار السودان نظامَ البشير الظالم، أنا معكم وجدتُ أني بين إخواني فأخلاق اليمنيين وكرمهم ليست كأخلاق أي شعب.
وعن حالته الاجتماعية يقول إنه متزوج وله من الأبناء ستة، يشتاقُ إليهم كثيراً لكن هو أمر الله فإيْمَانه وثقته بالله ستجعل له مخرجاً وستجمعُه بأبنائه عاجلاً غير آجل.
وعبر الصحيفة، بعث رسالة لبقية زملائه المغرر بهم والذين جعلهم الجيش السعوديّ دروعاً له، بأن يراجعوا أنفسَهم ويحكّموا العقل والمنطق ويتخذوا قرار الانسحاب قبل أن تأكل جثثهم الوحوش ولا يجدون مَن يندم عليهم أَوْ يبحث عن قتلاهم أَوْ أسراهم.
ألبسناه بعد حديثنا المختصر معه ملابس يمنية، وأكل معنا أكلاتٍ يمنية، واستجاب له المجاهدون في كُـلّ ما يريد، ثم تحدث إلى أهله وجعلهم في اطمئنان تامٍّ عليه.