نهم: جرّبوا الموت للمرة الألف
المسيرة| يحيى الشامي
بعد أن استنفرَ المنافقون حشودَهم وجمعوا آلاف من مرتزِقتهم شرعوا قبل نصف شهر من اليوم، في زحوفات “تجريبية” حد وصف أحد قادة الجيش واللجان الشعبيّة في جبهة نهم، هلك خلال أول زحفين قرابة خمسة عشر قياديا ينتمي معظمهم لحزب الإصلاح، بعدها دخل البقية في صدمة نفسية بالغة الأثر، بلغت تداعياتها نفوس كل المرتزِقة على المحشورين على تخوم خطوط النار في نهم، وأصبحت الزحوفات التالية عبارة عن مغامرات الخسارة فيها أضمن من تحقيق أي خرق أَوْ تقدم يساوي أَوْ يوازي حجم وكم الخسائر المتكبدة، تنقل المعلومات التابعة للجيش واللجان الشعبيّة في الجبهة أنه وعقب زحوفات الخمسة الأَيَّام الأولى والتي تجاوزت الستة زحوفات بعضها تواصل لساعات طويلة أن موجة من الخلافات والتباينات اعترت صفوف المرتزِقة وكادت – لولا تدخلات قادة من دول العدوان – أن تشق الصف وتفرق الشمل المحشود منذ أشهر لـ”مهمة اجتياح نهم ودخول العاصمة”.
كمائن الموت:
كانت وحدة الهندسة التابعة للجيش واللجان الشعبيّة قد أعدت العُدة لكل احتمالات التصعيد في جبهة نهم، خَاصَّـةً بعد أن تناهت إليها أخبار تفيد بدفع السعودية لحزب الإصلاح للتصعيد في نهم إثر تصاعد نبرتها الساخطة على قياداته الذين تتهمهم بمهادنة الجيش واللجان الشعبيّة والتنسيق مع حكومة الإنقاذ في صنعاء، يومها كان لا بد على الإصلاح المنهك من القتال في غير جبهة أن يُثبت صدق ولائه عبر فتح جبهات جديدة أَوْ على الأقل التصعيد في جبهات سابقة كجبهات نهم والبيضاء وصرواح، توعد قادة الإصلاح أن ينفذوا المهمة شريطة أن يُمنحوا الوقتَ الكافي للملمة مقاتليهم وضم أعداد جديدة منهم، ولعل الوقت لم يسعفهم فاضطروا لنقل أعداد كبيرة من مقاتليهم من عدة جبهات أخرى إلى نهم، وهذا ما يُفسر ورود أسماء قادة كبار من مرتزِقة الإصلاح ضمن القتلى الذين لقوا حتفهم في الأَيَّام الأولى من التصعيد في نهم.
تذكر ذات المصادر أنه وفي إحدى الزحوفات على تبة الصمود الواقعة على سفح جبل القرن حدث شجارٌ كبير بين المرتزِقة تصاعد إثر رفض فريق منهم الصعود إلى التبة والسيطرة عليها، قبلها بيوم كان فريق مكون من ثمانية منافقين قد لقي مصرعَه بالكامل في ذات التبة التي زرعتها وحدةُ الهندسة بالعبوات الناسفة، فاشترط المجموعة الأخرى أن يتولى المهمة فريق من هندسة العبوات باعتبار أن المهمة بالأساس تخصّهم مستدلين بزملائهم القتلى، الذين هم وفق اتهامهم للقيادة ضحية التخطيط السيء والعمل العشوائي، وبالفعل جاء فريق من المرتزِقة متخصص في نزع العبوات الناسفة وتفكيكها، إلا أنه وفي بداية الطريق الأخدودي المحفور إلى التبة تنفجر به عبوة فردية تقتل أحدهم وتصيب الآخر بجراح، ليتوقف الفريق عن اكمال المهمة وينسحب بجثة القتيل وجسد الجريح، يكمل الحكاية من جانب وحدة الهندسة التابعة للجيش واللجان الشعبيّة أحد أعضاء الوحدة قائلاً: إنه وبينما صعد فريق من الهندسة اليوم الأول للاطلاع على حجم خسائر المرتزِقة وعدد القتلى الناجم عن كمين اليوم الأول قام الفريق بزراعة عبوات جديدة داخل النفق الجبلي الموصل إلى تبة الصمود تحسباً لأية محاولة تمترس بالقُرب من التبة ذاتها، وأضاف أن ثمان جثث عُثر عليها بالمكان غالبيتهم لم يتم التأكّد من هُوياتهم، مشيراً إلى احتمال أن من بينهم قياديين وقد تركوا جميعاً في التبة.
توضح هذه التجربة المحكمة لأحد الكمائن المبرمة في جبهة نهم حجم وكم الاستنزاف المهول الذي يتعرّض له المنافقون في الجبهة، علماً أن هذه الكمائن تنتشر على كامل خطوط النار وهي تحصد يومياً رؤوس العشرات من المرتزِقة أثناء محاولاتهم التقدم أَوْ تعدي خطوط النسق الأول النارية بين الطرفين.
المدرعاتُ توابيتُ الموت الجديدة:
وعلى أطراف قرية الحول أسفل جبل السلطاء كان المرتزِقة قد حشدوا خلال أسبوع سابق أعداد كبيرة من المرتزِقة إلى الموقع استعداداً للسيطرة عليه بهدف تأمين قرية الحول والشروع في معارك ما يليه من التباب والسلسلة الجبلية الممتدة إلى جبل يام الكبير، وخلال هذه المحاولات تكبد المرتزِقة خسائر كبيرة فادحة في عديدهم وعتادهم، وثقت كاميرا الاعلام الحربي عشرات المشاهد المتضمنة هذه الخسائر الكبيرة، فيما أمكن إحصاءُ حوالي خمسة عشر آلية معظمها في محيط قرية الحول، والبقية أسفل جل القرن في محيط قرية بني بارق.
الاستنجادُ بالطيران:
وكانت الجبهة قد شهدت غاراتٍ كثيفةً شنها طيرانُ العدوان على مواقع مفترضة للجيش واللجان الشعبيّة، ولوحظ أثناء تواجدنا في إحدى الزحوفات أن طيران العدوان يشرع في شن سلسلة من الغارات تمهيداً لأية عملية عسكرية، وفي الحالة الثانية عندما يصطدم مرتزِقة العدوان بالتصدي لزحوفاتهم من قبل الجيش واللجان الشعبيّة، ما يضطرهم للاستغاثة بالطيران والاستنجاد به وقد يصل بهم الحال إلى تحميل مسؤولية فشلهم بسبب غيابه كما توضح مصادرُ في الجيش واللجان الشعبيّة.
تجدُرُ الإشارةُ إلى أن زحوفات المرتزِقة في الفترة الأخيرة في جبهة نهم اعتمدت بصورة كبيرة على الآليات المدرعة، وهو ما لم يكن في متناولها من قبلُ، غير أنها ليست من تلك التي تمنحُها دولُ العدوان لمرتزِقته في بقية الجبهات خَاصَّـة جبهة الساحل الغربي، وهو ما يبيّن المكانة السيئة التي يحظى بها مرتزِقة حزب الإصلاح لدى دول العدوان.